أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 17th April,2001 العدد:10428الطبعةالاولـي الثلاثاء 23 ,محرم 1422

الثقافية

لافتة
اختصار المسافات
موسى بن عيسى العويس
ياساري البرق غاد القصر واسق به
من كان صرف الهوى والود يسقينا
ويانسيم الصبا بلغ تحيتنا
من لو على البعد حيا كان يحيينا

لم يعد وميض البوارق وسجع الحمائم ولطائف النسائم وغيرها من الدواعي التي تختلج المشاعر لها حسين وقعها مثار شجن الشاعر المعاصر أو المتذوق للشعر، ولم يتجاوب معها تجاوب الأوائل الذين جرت عوامل المناخ وموحيات البيئة مجرى الدماء في عروقهم فحملوها أرق المشاعر وأشجاها بصورة ترسم لنا شفافية شعور العربي حين لايجد سوى الطبيعة رسولا يلجأ إليه في نقل أحاسيسه وذوب مشاعره، إذ إن غيرها مظنة إخلاف أوتزييف.
ولم يكن ابن زيدون السابق في ذلك، فمن قبله )طرفة بن العبد( حين نأت به الديار، وشط عليه المزار، وانبتت العلائق أو كادت بينه وبين من رام وصله انكفأ على ذاته ليقول:


فبالله ياريح الحجاز تنفسي
على كبد حرى تذوب من الوجد
ويابرق إن عرضت من جانب الحمى
فحي بني عبس على العلم السعدي

هكذا كانوا يستلطفون النسائم الغادية والرائحة، ويستبرقون الغوادي، ويستطلعون آثارها على الديار علها تصيب أرضاً عزيزة الموطأ ارتبط بها الشاعر ارتباطاً وجدانياً، صبيا، فيافعا، فكهلا.
ترى ماذا سيقول شاعر هذا العصر وشاهده، وقد أصبح يعيش في ظل شواهق القصور، ويستنشق دخان المصانع في هذا اليوم الذي تلاشت فيه الحدود وتطورت فيه وسائل الاتصال والمواصلات بالصوت والصورة على نحو هتك عذرية الحب.
شاعر اليوم أصبحت تقلبه الأرياح ذات اليمين وذات الشمال، واختلط عليه أزيز الطائرات بهزيم الرعود، ولمع البارق بالخلب من البوارق التي ابتكرها الإنسان.
ترى هل سينتج لأديب أدبا يستجيب لواقع العصر، أم سيظل يعزف على وتره القديم تناغم معه من تناغم واعرض من أعرض، أم ياترى سيتلاشى وقد بدت البوادر ما يسمى بالحب العذري الذي عرفناه وأكبرنا في الشاعر العربي ترسم نهجه وخطاه.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved