أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 23rd April,2001 العدد:10434الطبعةالاولـي الأثنين 29 ,محرم 1422

الريـاضيـة

من تاريخنا الرياضي..
تركي ناصر السديري
من العادات الحميدة التي وهبني اياها رب الخلق تبارك وتعالى، قراءة كتب التراث العربي والاسلامي، التي اجد فيها متعة ما بعدها متعة الا مشاهدة الهلال عندما يكتمل عقده وضوؤه.
وعندما تقرأ هذا التراث.. ستكتشف انه مليء بكنوز المعرفة والتعرف. ستكتشف مثلا ان مجتمعنا العربي الاسلامي قبل الف عام ويزيد اكثر تطورا وتفاعلا وممارسة مع اللعبة الرياضية. بل ولن اتردد في ان اقول: ان كثيرا جدا من العاب الرياضة الحديثة ذات بذور ومنشأ ابتكار عربي.
وطبعا.. من الامانة ان ابوح هنا واقول: اننا لا نعرف هذه الحقيقة، لدرجة الجهل مع الاسف!!
ورغم ان ذلك يحزن، ويخجل الا ان الادهى والاكثر شفقة.. اننا لا نريد ان نعرف ذلك.. والا ما معنى نضوب مكتبتنا الرياضية من اي.. تاريخ، وتراث واكتشاف ل )مكنوزنا الرياضي(.. الذي للأسف نجهله.. لدرجة الشح!
المجتمعات التي لا جذور حضارية لها، تبقى هلامية، هشة، سريعة الذوبان والفناء.
نحن ولله الحمد مجتمع ذو جذور وتراث عريق ومتين وثري.. لكن ذلك لا يفيد ولا يعين متى ما جهل، ولم يعرف. يستفيد منه فقط من يعرف مقدار عراقته وثمن مكنوزه ويستولي عليه وينسبه اليه!
فيما يلي مختارات من مقاطع منتقاة وردت في عدد من كتب التراث تضيء على الجانب الرياضي في مجتمعنا العربي الاسلامي قبل الف وثلاثمائة عام او يزيد.. ارجو ان تتأملوا معلومتها، لعلكم تسرحون مع خيالية تكوين صورة لذلك المجتمع الذي قدر ومارس وابتكر اللعبة الرياضية ممارسة وسلوكا وتربية.
لا يوجد ذلك في الرياض او بريدة.. الان!
* قال الحارث بن ابي رافع: كنت الاعب الحسن والحسين رضي الله عنهما بالدحو.
قالوا: وما الدحو؟!
قال: كنا نحفر ادحية كأدحية بيض النعام، ونضع عليها سارية، ثم نبعد عنها بمسافة طويلة، ونسوي الرمل. فنضع عليه كرة من الخشب. وربما وضعنا جوزة، ويمسك اللاعب بالمدحاة وهي عصا من الخشب مجدوحة الطرف كالهلال بكلتا يديه ويهوي بها على الكرة فما اتت على شيء الا اجتحفته. ثم نجري بعد ذلك وراءها، فإذا ما اقتربنا من السارية رفعناها، وان سقطت الكرة في الادحية عد ضاربها غالبا.
يقول الدكتور عبدالرزاق الطائي: ان هذه اللعبة هي الاصل للعبة الجولف التي تمارس في الوقت الحاضر، عززها الاصبهاني بقول السيد الحميري وهو شاعر ولد في البصرة وتوفي في واسط:


كأنها كرة بكف حزور
عَبْلِ الذراع دحا بها في ملعب.

يا كل رياضي مسلم.. اقرأ ما يلي..
عن سعيد بن المسيب عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم )القصواء( لا تدفع في سباق الا سبقت.
قال ابن المسيب: فجاء رجل فسابقها، فسبقها. فوجد الناس من ذلك ان سبقت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبلغ ذلك الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ان الناس لم يرفعوا شيئا من هذه الدنيا الا وضعه الله عز وجل.
تأملوا فيما اورده ابن المسيب وتدبروه.. يا معشر الرياضيين.. لعلكم تأخذون معرفة غاية التنافس الرياضي وطبائعه من سيد المرسلين ومعلمنا وقدوتنا الاول محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يذكر ابن القيم في آداب الرمي )وهي اللعبة الاكثر انتشارا وشعبية في زمنه: ينبغي على المناضل )ممارس الرمي( ان يعد رواحه )اي ذهابه( الى المرمى )الملعب هنا( كرواحه الى المسجد، واجتماعه بمن هناك كاجتماعه برؤساء الناس واكابرهم ومن ينبغي احترامه منهم. ولا يعد رواحه لهوا باطلا ولعبا ضائعا.. بل هو كالرواح الى تعلم العلم، فيذهب على وضوء ذاكرا الله عز وجل، عامدا الى روضة من رياض الجنة وعليه السكينة والوقار..
ويقول ابن القيم في كتاه المرجعي الهام )الفروسية( عن اخلاق الرمي )اي عند ممارسة التنافس الرياضي(.. فاذا رمى رسيله )اي منافسه( لم يبكته على خطأ ولم يضحك عليه منه)!( ومن ضحك من الناس ضحك عليه، ومن عير اخاه بعمل ابتلي به ولابد )!( ولا يحسده على رسيله )اي اصابته( ولايصغرها في قلبه )اي يقلل من شأنها وقيمتها واحقيتها..(!
ويختم ابن القيم الامام الفقيه وحجة زمانه في ذكر اخلاقيات التنافس الرياضي لدى المسلمين.. ولا يحسن ان يحد النظر الى منافسه حال رميه فإن ذلك يشغله ويشوش عليه قلبه وجمعيته )اي تركيزه(، وينبغي للرماة ان يخرجوا هذا )الذي يفعل ذلك( من بينهم فإن ضرره يعود عليهم جميعا.
يعلق على ذلك الدكتور امين الخولي بقوله: ادرك المسلمون القيمة المعنوية لطرد المخالف من المسابقة قبل قواعد اللعب النظيف بمئات السنين وقد استوعبوا مفهوم اللعب النظيف Fair Play والعدالة والنزاهة كقيم ومفاهيم التصقت بالرياضة الاسلامية من بداياتها.
سباق الجري والخنساء!
للشاعرة العربية )الخنساء( قصيدة في غاية الابداع. ولعلها قصيدة ثمينة جدا للرياضيين لكونها تشكل ارثا ادبيا موضوعه رياضي. فالخنساء في قصيدتها التي سأورد عددا من ابياتها فيما بعد، تصف من خلالها سباق جري بين أبيها واخيها صخر تقول فيها:


جارى أباه فأقبلا وهما
يتعاوران ملاءة الفخر
حتى اذ نزت القلوب وقد
لزت هناك العذرَ بالعُذرِ
وعلا هتاف الناس ايهما
قال المجيب هناك لا ادري
برزت صحيفة وجه والده
رمض على غلوائه يجري
اولى فأولى ان يساويه
لو جلال السن والكبر
وهما كأنهما وقد برزا
صقران قد حطا على وكر

الاحتراف الرياضي.. منذ ألف عام!!
في كتابه ابن المعتز العباسي، يذكر د. سعد شلبي ان ابن المعتز يفرق بين نوعين من اللعب الاول: هو اللهو والمجون. وكان يترفع عنه الشرفاء من الخلفاء والامراء والوزراء وعلية القوم، ويتردى في حمأته السفلة. ويقابل هذا التيار المنحدر تيارا آخر يشيع بين الشرفاء وذوي الكرامة، وقد اكثر منه الخلفاء والامراء واتباعهم، ونراه في اللعب بالكرة والصولجان والرمي، وقد قربوا اللاعبين واجروا عليهم الارزاق.
وفي هذا اشارة الى ان العباسيين )في زمن ابن المعتز( قد اخذوا بنظام الاحتراف للاعبين.. وكأنما سبقونا في ذلك بألف عام او يزيد.
هارون الرشيد.. فنان كورة!!
يذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب ان الخليفة العباسي هارون الرشيد لعب بالكرة والطبطاب وقرّب الحذاق في ذلك اي ذوي الاجادة والبراعة .
وبالمناسبة.. فانه مع الاسف ان من الشائع لدى المعلومه التاريخية المتداولة في نشوء كرة القدم الحديثة.. تهميش دور العربي في تعريف الاوربيين بلعبة الكرة ومن بينها لعبة كرة القدم والتي عرفها العرب ومارسوها منذ الجاهلية، وقد وصلت ذروتها لدى قبائل الرحامنة في بلاد مراكش اذ لعبوا لعبة )المياس( الام الاولى للعبة كرة القدم الحديثة والتي عرفها الغرب عن طريق التجار العرب الايطاليين الذين نقلها عنهم الانجليز فيما بعد.. ولعلي قد أكتب مقالات بحثية حول دور العرب في تطوير الكرة كلعبة وتاريخها في ظل الحضارة العربية الاسلامية اذ يصعب سردها في هذا الحيز.. وعلى من يريد الاستزادة الرجوع اليها
جمباز.. بالعربي!!
عرف العرب صنوفا من العاب الجمباز يصعب حصرها، لعل من اهمها: التدبيج والدعلجة والزوف والجعري والهبهاب والحوفزي.
والزوف مثلا هي احدى العاب الجمباز التي تعرف الآن بلعبة )حصان الحلقة( وجاء وصفها كالتالي: ان يأتي الصبي راكضا باتجاه دكة من طين، يضع يده على حرفها ثم يزوف في الهواء )اي يثب للاعلى ويدور في الهواء( ثم يعود الى مكانه.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved