أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 26th April,2001 العدد:10437الطبعةالاولـي الخميس 2 ,صفر 1422

مقـالات

نوافذ
كليو باترا، ، البدينة، ، !!
أميمة الخميس
أقيم مؤخرا في المتحف البريطاني في لندن معرض خاص بالملكة المصرية القديمة (كليو باترا) عرضت فيها عدد من تماثيلها الأثرية الثمينة وبعض البرديات التي احتوت أخبارها وشذرا من تاريخها، وخلال المعرض لم يخف الجمهور البريطاني الزائر خيبته الكبيرة من الهيئة التي بدت عليها الملكة في تلك التماثيل،
فهذه الملكة الفرعونية القديمة التي غادرت التاريخ لتتحول الى أسطورة وماتت منتحرة في سن التاسعة والثلاثين لم تكن بحجم التوقعات التي صنعتها (هوليود) عن جمالها، فقد ظهرت بدينة وقصيرة بملامح عادية لا تتناسب ومقدار السحر والغواية والقصص العجيبة التي يذكرها التاريخ عن جمالها وفتنتها الذي سلبت من خلالهما قلوب أباطرة روما،
ويبدو ان نمطية مقاييس الجمال الغربي التي تحاول أن تعممها على العالم، لم تكتف بجميع نساء الأرض اللواتي يبدون في حالة ركض دائم للوصول الى الهيئة النموذج أو المثال التي جعلها الغرب البوابة الوحيدة للجمال، فهذا المقياس النمطي قد قفز وتقهقر الى أعماق التاريخ ليطال (كيلو باترا) التي لم تشبه الصناعة الهوليودية لها بل ظهرت على نحو مختلف تماما ومخيب للتوقعات،
والذي يتأمل لوحات المستشرقين والنسوة المضطجعات بداخلها في أوضاع فائقة الحسية، يجد بأن الغرب قد أعد صورته وكملها عن الشرق حيث الأساطير والأحلام والصبابات، وأي واقع يخالف هذه النمطية يبدو صادما وغير مستساغ لدى ذائقتهم الفنية،
(كليوباترا) الملكة التي استجلبت بعنف من رقادها التاريخي ونصبت على خشبة محاكمة حسية غريبة قلصت جميع الأبعاد الإنسانية التي كانت تضج بها كيلوباترا ولم يروا سوى تلك البدينة القصيرة والتي لا تتوافق مع مقاييس الجمال المقترحة،
ويبدو أن المرأة لن تستطيع التخلص من هذا المأزق الوجودي الذي حشرت به قسرا وعنوة!! ذلك المأزق الذي يجعل منها الأنثى الشيء، ، الذي يسلي ويبعث على البهجة، وتنحصر وظائفه الإنسانية في الدرك البيولوجي فقط،
وليس هناك أحذق من الثقافة الاستهلاكية في توظيف المرأة (جسدها) بالتحديد كأداة استهلاكية يجب ان تحمل شروطا ومواصفات خاصة حتى تصبح مقبولة ومستساغة في السوق الكبير، ، !! ومن خلال هذا كله تقوم صناعات كبيرة يتماسك من خلالها البنيان الاقتصادي الرأسمالي، فإذا عرفنا بأن صناعة (التنحيف) أنفق عليها في الولايات المتحدة فقط ما يقارب من ثلاثة (بلايين) دولار، لنا أن نتخيل باقي الصناعات المتعلقة بهذا المجال مثل الملابس، أدوات التجميل، ، وما هنالك، عندها لا نملك سوى التحسر على (كليوباترا) القصيرة البدينة، ، والتي لم تضطهد جسدها في هذه الدوامة الكبيرة ولم تأخذه بين المصحات والمنتجعات، لتأتي بحجم الحلم والتوقع لزوار المتحف البريطاني،
e-mail:omaimakhamis@yahoo، com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved