أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 26th April,2001 العدد:10437الطبعةالاولـي الخميس 2 ,صفر 1422

العالم اليوم

«الجزيرة» تنشر مآسي الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي
"البالوع" اسم ارتبط بالشهداء وانتفاضة الأقصى
*رام الله نائل نخلة:
هناك.. على المدخل الشمالي لمدينة البيرة وسط الضفة الغربية تدور المعارك اليومية.. معارك الحجارة مع جنود الاحتلال المدججين بالسلاح والمدافع الرشاشة يبعدون الأطفال بالرصاص عن الطريق الذي يمر المستوطنون منه يوميا إلى القدس...
هذه المنطقة تسمى في المعجم اللغوي لسكان رام الله والبيرة بالبالوع.. وعندما سألنا بعض العارفين بالمنطقة من أين أتت هذه التسمية أخبرنا أن البالوع تعتبر المنطقة الأكثر انخفاضا في رام الله المعروفة بارتفاعها الكبير فوق مستوى سطح البحر 900م وبالتالي فإن مياه الشتاء تتجمع في هذه المنطقة دوما وتستمر لمدة طويلة تصل إلى شهور وبهذا سميت بالبالوع لابتلاعها مياه المدينتين كاملا..
بنظرة واحدة إلى البالوع تكتشف أهمية المكان أيضاً معظم الوزارات الهامة في المكان فوزارة التخطيط والتعاون الدولي تتميز بواجهتها الزجاجية التي تعكس أشعة الشمس عند الغياب في منظر مدهش وليس ببعيد عنها وزارة الحكم المحلي التي انتهى العمل فيها حديثا لتفتح أبوابها للجمهور وغيرها من المؤسسات الهامة كجامعة القدس المفتوحة ومصنع بلسم للأدوية وسلطة النقد الفلسطينية وفندق «السيتي ان»..
ليس مايميز المكان المباني أو الوزارات.. ففي هذه المنطقة سقط أربعة عشر شهيدا «حتى اللحظة» واكثر من 1000 جريح من شبان الانتفاضة.. ويوما بعد آخر ورغم تواصل سقوط الشهداء والجرحى يظهر تصميم منقطع النظير على وجوه الشبان عند ذلك المدخل علي مواصلة الانتفاضة نحو الاستقلال والحرية عمر 17عاما ابن مدينة البيرة القادم من الولايات المتحدة الأمريكية والذي جاء إلى هنا بإرادته وعن رغبة منه ليعيش في وطنه ويتعلم في مدارسه وشوارعه وحارته ما لايعرفه أحد هناك يواظب بشكل يومي للمجيء إلى هنا وكأنه واجب مدرسي يقوم به يوميا تتداخل كلمات الانجليزية إلى حديثه الذي يحرص على أن يتعلم العربية عند الحديث معه حول مشاهد الموت التي مرت من أمام عيونه طوال الأسابيع الماضية.
يقول أصعب مشهد رأيته في حياتي ولن أنساه كان سقوط ثلاثة شهداء أمامي أحدهم ابن حارتي الذي جاء مع عائلته من الكويت قبل سنوات يلازمه نفس شعوري بمحبة الوطن وهو الشهيد محمد نبيل والذي استشهد وهو في أرقى صور التضحية والإنسانية وهم الجنود في ابشعها وأكثرها نازية واجراماً..
لقد قتلوه وهو يقترب من الشاب صلاح ابراهيم الفقيه الذي كان مصابا بصورة خطيرة استشهد على اثرها لقد حاول انقاذه ولكن لقي حتفه هناك تماما مثل صلاح الذي هو أيضاً حاول من قبل انقاذ رجل الأمن الفلسطيني عماد عبدالرحمن العناتي الذي سقط شهيدا بعد إصابته برصاصة في الرأس... لم يكن أي واحد منهم يعرف الآخر ولكن تدافع كل واحد لانقاذ الآخر وجميعهم سقطوا بنيران القناصة الذين يبحثون عن فريستهم كل لحظة وثانية بدون رحمة أو إنسانية... دماء أربعة عشر شهيدا سقطوا في البالوع هذه المنطقة التي اعتادت بلع مياه رام الله والبيرة.. أما اليوم فإنها تبتلع الدم الفلسطيني النازف كالنهر الجاري بلا توقف في الشوارع والطرقات.. فموسم البالوع هذه السنة يختلف تماما عن كل مرة.. فلم يعد هناك خوف من القحط كما في السنين الماضية فاليوم شباب فلسطين بدءاً من الشبل محمد نبيل ومروراً بثائر مخيم الجلزون ثائر والقافلة تسير يروونها بدمائهم الطاهرة الزكية..
ولم يقتصر العدوان الاحتلالي على النفوس بل تعداه ليصل إلى المباني، السيد أحمد غنام مدير عام في وزارة الحكم المحلي يبين حجم الأضرار التي أصابت وزارته فكل طوابقها الثمانية أصيبت واخترقها رصاص الرشاشات المثبتة على الدبابات الإسرائيلية المرابطة خلف الحواجز الترابية بجانب معسكر بيت أيل فالزجاج تحطم والرصاص اخترق الجدران والأبواب والمكاتب وأصاب بعض أجهزة الكمبيوتر ويتابع غنام «إن وزارتنا بعيدة عن موقع الاشتباكات وهي وزارة مدنية تقدم خدماتها للجمهور فلماذا يستهدفونها!!!!
عائلة المواطن محمد عبدالفتاح ان تفجع اكثر من مرة بأبنائها جراء إطلاق النار العشوائي الذي يوجهه جنود الاحتلال إلى منزلهم الذي يقع على خط المواجهة زيارة واحدة إلى ونظرات فاحصة في المكان تكون كافية لرؤية فضائع الاحتلال الذي أصاب برصاصه كل شيء من الزجاج وحتى أسرة الأطفال وهو الآن خارج منزله خوفا على حياة أطفاله وزوجته.
عمارة السلام التي تقع على مشارف المكان يقترح صاحبها ان يطلق عليها عمارة الحرب بعد الدمار الذي أصابها ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل قام الجنود باحتلالها والتمركز في طوابقها تماما كما فعلوا في مبنى فندق «السيتي ان» الذي أخلى جميع نزلائه منذ الأحداث ويتمركز فيه القناصة الإسرائيليين الذين يبحثون يوميا عن فريستهم، وحتى جامعة القدس المفتوحة لم يستطع أحد الوصول إليها ليتعطل فيها الدوام لأكثر من شهر بسبب الاجراءات الإسرائيلية من حولها.
اليوم يريد الاحتلال ان يقتل كل شيء في البالوع.. قتلوا الطفل والشاب.. أطلقوا النار على الجماد والهواء والحيوان.. يصوبون أسلحتهم إلى كل شيء يتحرك.. لم تسلم سيارات الإسعاف من نيرانهم ورصاصهم الحاقد فجرحوا الطبيب ورجال الإسعاف.. حرقوا الشجر والورد الذي زينت به بلدية البيرة دوار البالوع واستبدلوا زهرات النرجس برصاص الدمدم والحي والمطاط وقنابل الغاز المسببة للشلل والهستيريا.. وجاءت الدبابة لتتمركز على الدوار لتكمل المشهد...

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved