أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 29th April,2001 العدد:10440الطبعةالاولـي الأحد 5 ,صفر 1422

الاخيــرة

وتاليتها ...!
أ. د. هند آل خثيلة
الوجاهة مشتقة من لفظة وجه، ووجه الإنسان أكرم ما فيه لأن الله سبحانه وتعالى وضع في تقاسيمه سمات صاحبه الخُلقية والخَلْقية. وقد اشتهر العرب وتميزوا عن سواهم من الأمم بالفراسة ونظرة واحدة من واحد متمرس في قراءة الوجوه وربط الدم بعضه ببعض كافية لأن تجعله يرد الشخص إلى قبيلته أو عشيرته دون أن يعرفه، كما أنه يمكنه أن يستقرىء صفاته وطبائعه من خلال خطوط أساريره ونبرة صوته.
ويقول العرب .. فلان وجه في قومه، يعني أنه في صدارتهم وفي الوقت نفسه يقولون فلان ذو وجهين يعني أنه مراء متقلب الإنتماء، يبدي غير ما يبطن، بل ان نبينا صلى الله عليه وسلم دعا إلى أن ينظر الرجل إلى وجه المرأة قبل الزواج، وأعتقد أن هذه النظرة ليست خاصة بجمال الوجه فقط، بل إن قراءته تأخذ حيزاً من الدعوة تلك.
أقول هذا وفي خاطري تهافت البعض على اصطناع الوجاهة والسعي إليها بكافة الطرق وبمختلف الوسائل ظناً منهم أن الوجاهة أمر مكتسب وما يعلمون أنها فطرة تحمل في ذاتها مسئوليات أكبر من حجمها وأعظم مما قد يظنه البعض.
المؤسسات الخيرية بإدارتها ومنسوبيها الفخريين وجدت لخدمة شريحة مستحقة في المجتمع، ويقوم على خدمتها أناس اقتطعوا من أوقاتهم وسخروا من جهودهم ما يكفي لتسيير شئون تلك المؤسسات، مبتغين من وراء ذلك رضا الله ومرضاته وإقالة عثرات العاثرين. وآخر مايخطر على بالهم أن تكون اعمالهم تلك تضفي عليهم شيئاً من الوجاهة.
الذي يحدث ان البعض يعمل جاهداً ليكون من ضمن القائمين على تلك الاعمال الخيرية، ويلح في الطلب والبحث والتذكير باستعداده وامكانياته في خدمة هذا الجانب الخيري، ونزولا عند هذا الاصرار الذي يعني للوهلة الاولى انه في وجوه الخير، وانه ينبىء بعطاء وجهد متميزين. وحين تحين لحظة العمل والبذل يدهشك غياب هؤلاء عن الميدان، وتلتمس الاعذار لهم مرة واخرى الى ان يسقط في يدك. وينتهي بك الامر الى انك تنشغل بغيابهم ومتابعة عدم تواجدهم واسبابها، وسبل احضارهم بدلا من تكريس الجهد لتنمية الاداء المتميز في هذه المؤسسة، وتتفاجأ حين تجد انه لا عذر لهم في الغياب المادي والمعنوي. وهم الذي «صجوك» لكي تكون اسماؤهم ضمن واجهة العمل، وحين تتساءل «عسى ما شر ما شفناكم في الاجتماع او ذاك اللقاء؟» فلا تسمع منهم الا «ما احد علمنا» متناسين ان التكنولوجيا الحديثة ترصد كافة المراسلات التي تدون احاطتهم عما بجداول العمل اولا باول.
جميل جدا ان يسعى المرء لان يكون وجها في مجتمعه خاصة اذا ملك مقومات تلك الوجاهة - ولكن المأساة تكمن في ان هؤلاء لا يعملون ولا يفسحون المجال لغيرهم كي يعمل .. وبذلك يكونون قد انزلقوا من زاوية «الوجه الواحد» الى عالم «الوجهين».. وتاليتها؟!!!

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved