أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 29th April,2001 العدد:10440الطبعةالاولـي الأحد 5 ,صفر 1422

وَرّاق الجزيرة

أخبار الملك عبدالعزيز في مذكرات الراوي محمد العلي العُبَيِّد
إعداد: فائز بن موسى الحربي
شقراء تنضم للملك عبدالعزيز: وكان أهل شقرا قد أخرجوا أميرهم كرهاً وقد نصبه عندهم عبدالعزيز بن رشيد، وذلك حينما أرادوا صداقة عبدالعزيز بن سعود ومقاومة خصمه عبدالعزيز بن رشيد لما رأوا من غلظته وفظاظته على رعاياه ومعهم خاصة.
فلما خرج من بلد شقرا عمد إلى أهل أوشيقر فدخل عندهم ولم ينالوه بسوء، ومكث عندهم بضعة أيام وكان يتجهز ليلحق بابن رشيد في بريدة، فأرسل إليه مشاري العنقري وهو أمير بلدة ثرمدا من لدن عبدالعزيز بن رشيد.
فحينئذ حوّل وجهه نحو العنقري وتوجه مع رسوله الى ثرمدا ونزل بها هو ومن معه من خدامه، ثم ان أهل البلد رأوا منهم ما يكرهون ومن أميرهم مشاري أيضاً من الظلم وتسخير الناس لخدمة مشاري وخدمة رجاجيل ابن رشيد الذين أدخلهم مشاري معه في البلد، فكانوا كأنهم محصورين في البلد. وكان يوجد في البلد حمولة يسمون آل يوسف، وكان لهم نفوذ في البلد، فتشاوروا مع كبار أهل البلد سرا، واتفق رأيهم على أن يرسلوا رجلاً يثقون به إلى الإمام عبدالعزيز بن سعود فيطلبون منه سرية يبعثها لهم ويدخلون البلد. وكانوا قد بعثوا له خطاً من الجميع خفية على مشاري وعلى الصويغ ومن معه من رجاجيل ابن رشيد، وكانوا قد ضمنوا له في كتابهم أنه حينما يسمعون بقدوم جنودك يفتحون لهم باب البلد ويحصرون مشاري والصويغ في قصرهم، وهذا القصر خارج عن أسوار البلد فإنهم حينما يسمعون بقدوم السرية يثورون على من عندهم، ففعلوا. فقد حصل بهجومهم هذا نادرة غريبة، فمن ذلك أنهم اتفقوا مع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري وكان هو قاضي البلد وإمام مسجدهم بأن يطيل القراءة في صلاة الفجر، واتفقوا مع نائب المسجد أيضا أنه حين تقام الصلاة ويكبر الإمام تكبيرة الإحرام أن يغلق باب الخلوة على الجماعة وأن الإمام يطيل القراءة. وكان مقصودهم من ذلك أنهم متى هجمت السرية التي يرأسها مساعد بن سويلم فإنهم يشغلون الجماعة ويصدونهم عن مدد مشاري ومن معه. وكان الناس في ذلك الوقت في شتاء قارص ويصلون بالخلوات.
فشرع الإمام بعدما قرأ الحمد بسورة الواقعة، وكان يصلي وراءه رجل يدعى ناصر البقعاوي. وأما مشاري فإنه وقع أسيرا وأرسلوه الى الرياض فحبس في دباب حتى مات وكان يعرف هذا الدباب بدباب العنقري عند أهل الرياض وغالب أهل نجد. كان بعدها كل من غضب عليه عبدالعزيز غضبا شديدا يأمر به أن يدخلوه دباب العنقري، وبعد ان أخضعت ثرمداء لولاية الملك عبدالعزيز تتابعت مدن نجد كلها بهذه الصفة رغبة من أهلها طائعين غير مكرهين، وكان فتح أغلبها فتحت بأعجوبة مثل هذه، كلها بهذه الصفة أو قريب منها حتى دخلت في حوزته، وكان منها بعض المدن لو أراد الامتناع لأمكنه ذلك ولكن الناس راغبون في ولايته وكان يفتحها بلدة بعد الأخرى وينطبق على مكانة حظه قول المتنبي حيث يقول:


فتى تتبع الأزمان في الناس خطوه
لكل زمان في يديه زمام
ودانت له الدنيا فأصبح جالسا
وأيامها فيما يريد قيام

وهكذا سيرته في نجد كلها حتى أكمل فتوحاتها بالتعاون مع أهل البلدان نفسها.
انضمام المجمعة: ثم إنه لما كملت له الولاية على الجنوب كافة ما عدا المجمعة فهي متحصنة وبها سرية لعبدالعزيز بن رشيد، وبقيت في حالة حرب مع عبدالعزيز بن سعود حتى انه بعد قتل عبدالعزيز بن رشيد في شهر صفر من عام 1324 دعاهم عبدالعزيز بن سعود بأمان فامتنعوا عن طاعته، وكان عندهم سرية لعبدالعزيز الرشيد وعددها 60 رجلا، وكان بعد قتلة عبدالعزيز بن رشيد يعطونه الطاعة ويدفعون له الزكاة ويدفعون له الجهاد من ضمن أهل نجد غير أنهم مشترطون عليه أن يكون بعيدا عنهم ولا يقرب بلادهم فقد )طلب( من عبدالله بن عسكر أمير المجمعة أن يواجهه ويتحدث معه بما يرضيه، فقال في


ذلك ابن عسكر متمثلا:
قال الزكاة، وقلت ذابر حمر
قال الجهاد، وقلت ذي دراهمه
قال المواجه قلت عدلات القطر
من هاش دون العمر ما احد لايمه

فأصرت من ذلك الحين حتى سنة 1326 من الهجرة وعلمت أن الرشيد تقاتلوا بينهم وأن ظلهم على حكم نجد سيتقلص وأن سلطانهم على نجد قد وهت أركانه وقارب العدم بعد الوجود.
فسبحان العزيز في ملكه القوي بسلطانه في كل زمان ومكان.
فبعد ذلك سلمت لعبدالعزيز بن سعود واشترطوا عليه الوفاء بكل ما تضمه صحيفة الاستسلام.
فمن ذلك أنهم أول ما شرطوا عليه أن رجاجيل ابن رشيد الذين عندهم يفسح لهم فيسافرون الى حايل بأمان ويحملون كل ما ملكوه من مطية وسلاح، فوفى لهم بذلك. والشرط الثاني أن كل من دخل في حوزتهم ممن أجرم مع عبدالعزيز بن سعود أن يشمله أمان بلادنا وأن كل غائب من أهل بلادنا في الكويت أو في نجد أو في الحجاز سواء مجرم أو محسن فإنه يدخل في هذا الأمان. فكتب لهم عبدالعزيز الصحيفة بكل ما شرطوه ووفى لهم، ودخل بلادهم وأكرموه، كما أن الكرامة تليق بجنابه.
حوادث انضمام القصيم 1321ه:
فبعدما أخضع بلدان الجنوب كلها يريد الاستيلاء على القصيم فوصل الى الزلفي يوم تسعة من رمضان سنة 1321ه، ثم ذكر له أن رجاجيل لابن رشيد في قصر الدويحرة، فأرسل لهم سرية فقتلتهم جميعا وكان عددهم ستة أشخاص ورئيسهم رجل من شمر يدعى عقاب السدحان، وكان يومئذ عبدالعزيز بن رشيد في قصر بريدة ولكنه قد تفرقت عنه جنوده وضعف. وكانت خيله وجيشه كلها هزلاء ما تنجده.
وكان عبدالعزيز بن سعود حينما نزل بلد الزلفي معه جند عظيم كثير العدد ولكنهم ليس معهم جيش فأغلبهم من يمشي على رجليه. وكانت هذه السنة مجدبة قاحلة على نجد كله، فلما أراد أن يرحل من الزلفي نادى مناديهم بالرحيل قائلا كالمعتاد: حوفوا على جيشكم، فجاوب المنادي رجل من أقصى القوم بأن قال: حوفوا على نعالكم بدلا من جيشكم، فكانت الأرض شهباء مغبرة فارتحلوا بعدما قام على الزلفي مدة أيام فقتِل أميرها من قبل ابن رشيد واسمه محمد الراشد، قتله ابن عمه عثمان الراشد وتولى الإمارة بعده.
ثم إن عبدالعزيز بن سعود كاتب أهل القصيم وهو في الزلفي وخصوصا أهل عنيزة ويطلب منهم أن يسمحوا له بالقدوم عليهم بمن معهم من جماعتهم ال سليم، فردوا عليه قائلين: حنا في أرقابنا بيعة لابن رشيد وهذا هو في بريدة قريبا من منزلك فإذا غلبته أو قتلته دخلنا في طاعتك. فلم يرضه جوابهم ولم يقنعه ذلك، فأرسل من فوره نجاباً لمبارك الصباح في الكويت يخبره بما وقع ويطلب منه أن يصادر أموال أهل عنيزة المجاورين عنده في الكويت وأن يقبض على مواشيهم التي عند مطير، فامتثل كتاب عبدالعزيز، فكان ما قبضه من المواشي ما يقارب عشرين رعية كلها لأهل عنيزة فبعضها في الجهراء والقسم الأكبر منها في الصبيحية. ثم انه حبس أهلها عنده في الكويت.
وقد أفادني رجل من أهل عنيزة من المحبوسين يدعى عبدالله المحمد الربع بأنه قال: بينما كنا يوما جالسين في حبس ابن صباح إذ دخل علينا الأمير جعيلان بن سويط شيخ الظفير محبوسا معنا، فاستكبرنا ذلك لأنه رئيس كبير وهانت عندنا مصيبتنا، فالتفتنا حوله نسلم عليه ونسأله عن السبب الذي دخل الحبس من أجله، فقال من فوره مجيباً لنا: هذا أبا السمك، يعني الشيخ مبارك يقول إن صالح البسي من أهل بريدة يشتري في بيوتكم إبلا للبسام وقد كمل في مشتراه ثماني رعايا أبيها تجيني هي وصاحبها الذي اشتراها، فكان يبينا نسلم له ضيفنا الذي بوسط بيوتنا وهو ما درى اننا ذبحنا ولدنا عند جارنا، وقصته في ذلك مشهورة في عموم الجزيرة وما والاها كان المؤلف يفهمها تماما.
)للحديث صلة(

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved