أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 2nd May,2001 العدد:10443الطبعةالاولـي الاربعاء 8 ,صفر 1422

مقـالات

رؤى وآفاق
كلمات تحتاج إلى مراجعة
د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل
أَلِفْنَا نطق بعض الكلمات على هيئتها التي نقلت الينا، بدون نظر أو تمحيص، فربما نطقت بلهجة اقل شيوعاً، وربما نقلت عن اصول بعيدة عنا وعن بيئتنا الاجتماعية، فكلمة )خشم العان( تطلق على انف جبل من جبال العرمة، حيث يقع هذا الجبل في الناحية الشرقية من مدينة الرياض، وقد امتد العمران في السنوات الأخيرة الى انف هذا الجبل، فأصبح هو وما حوله من الأرض المنبسطة حياً من احياء مدينة الرياض، وقد شغلت منشآت الحرس الوطني من مستشفى وسكن لمنسوبي الحرس الوطني جل هذا الحي، فيقال مستشفى الحرس الوطني في خشم العان، وسكن الحرس الوطني في خشم العان، وهكذا، والاصل في التسمية )خشم العين( فهذا الانف البارز يستدل به القادم من بعيد على عين )هِيت( فاذا وصل الى )الخشم( فالعين ليست بعيدة عنه، ومن المعروف ان رياض القطا ورياض السلي لا تبعد عن )هيت( اكثر من ساعتين بسير الابل، وبما ان جل من يرد عين هيت من البادية، لانهم هم الذين يرعون في رياض السلي، ويحتاجون الى الماء، واقرب ماء لهم عين )هيت( بما ان الامر كذلك فقد نقلت اللهجة البدوية في نطق العين )العان( فقيل )خشم العان(، وارى ان يكتب اسم هذا الحي الكتابة الصحيحة )خشم العين( فأسوق هذا الحديث الى امانة مدينة الرياض، والى رئاسة الحرس الوطني.
ومن الكلمات التي تحتاج الى مراجعة )منارة( فالمنارة في الاصل الصومعة اي صومعة النصارى، لأن النور من سراج ونار يوضع فوقها، ولذلك سميت منارة، لانبعاث النور منها، وقد قال امرؤ القيس:


يضيء سُناه أو مصابيحُ راهبٍ
اهان السليط بالذبال المفتَّل

فامرؤ القيس شبه البرق المنبعث من بعيد بالنور المنبعث من اعلى الصومعة وقال ابو ذؤيب الهذلي:


وكلاهما في كفِّه يَزَنيَّةٍ
فيها سنان كالمنارة اصلعُ

شبه السنان بالنور المنبعث من المنارة. وقال ابن منظور في اللسان )الصومعة منار الراهب( وقال )وصومعة النصارى دقيقة الرأس( وقال و)المنارة موضع النور( و)المنارة التي يوضع عليها السراج( فالنصوص المتقدمة تدل على ان المنارة موضع النور ليست موضع المؤذن ومنارة الاسكندرية مشهورة في التاريخ، فهي بناء مرتفع توقد النار في اعلاها، فتهتدي السفن الى الميناء بالنار في الليل وبالدخان في النهار، فالمنارة صومعة النصارى، او البناء الذي تشعل النار في اعلاه في الموانئ وذلك مستعمل في الاسكندرية وفي غيرها من الموانئ، وبما ان الامر كذلك فمنارة المسجد لم تبن من اجل وضع النار في اعلاها، وانما بنيت من اجل الاذان، فيصعد المؤذن الى اعلاها ويؤذن، فهي ليست للنور كما في الصومعة عند النصارى، وانما هي للاذان، اذن علينا ان نلتزم باسم المئذنة لان هذا الاسم هو الاقرب والاصح لاسم هذا البناء، اما المنارة فمعناها الصومعة، واصلها للنصارى، والدليل على ذلك ان اول منارة بنيت في الا سلام سميت الصومعة، وقد بناها الامويون في الجامع الاموي بدمشق وكانت مربعة الشكل، وقد ساد هذا النمط في بناء المآذن في الشام ومصر وشمال افريقية، ومنارة مسجد القيروان الباقية الى الان، والتي امر ببنائها الخليفة الاموي هشام بن عبدالملك شاهد على الشكل الاول للمآذن، وقد بناها بشر بن صفوان الكلبي امير المغرب وصقلية.
ولم تكن المآذن معروفة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كان بلال يؤذن للصلاة من اعلى منزل بجوار المسجد، ولم تكن المآذن معروفة في زمن الصحابة، وقد مات كثير من التابعين وهم لا يعرفون المآذن. والسير على طريقة النصارى غير مرغوب فيه من قبل المسلمين، فعندما فرض الاذان في السنة الاولى من الهجرة امر النبي صلى الله عليه وسلم بالاعلام بدخول وقت الصلاة، ويكون ذلك بضرب الناقوس مثل النصارى، فلم يرتح المسلمون لمتابعة النصارى في الاعلام بصلاتهم، وجاء عبدالله بن زيد يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم ما رآه، قال: طاف بي وانا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت يا عبدالله اتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به الى الصلاة. قال: افلا ادلك على ماهو خير من ذلك، فقلت له بلى، قال تقول: الله اكبر الله اكبر، ثم أورد الأذان كاملاً، وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم قول عبدالله بن زيد، فأمر بلالاً بالاذان بتلك العبارات، وقد ارتاح عمر بن الخطاب رضي الله عنه والصحابة لهذا النداء، والابتعاد عن الناقوس وبما ان المنارة اصلها للنصارى فالالتزام بالمئذنة هو الصواب.

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved