أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 2nd May,2001 العدد:10443الطبعةالاولـي الاربعاء 8 ,صفر 1422

محليــات

لما هو آتٍ
الأمل
د. خيرية إبراهيم السقاف
الأمل
خيبةُ الأمل...
هي نقيضٌ لبلوغه...
وكما أنَّ الأمل في نقطة البَدء إمَّا إلى ارتقاءٍ فبلوغٍ...، وإمَّا إلى نزولٍ فخيبة...
فإنَّ الإنسان وحده من يملك خاصة «الأمل»، وهو القادر الوحيد على خوض مسالكه...
والإنسان هذا يمضي في الحياة وكأنَّما بلغ منها شأواً، غدا معه مالكاً لزمامها...
وهو يحسب حينئذٍ أنَّه بلغ مراتب الآمال العليا...، حتى إذا ما تكشَّف له من الحياة جانبها الآخر... عرف طعم الخيبة... وباء إلى نفسه في لومة، أو حزن، أو إحساس بتفريط...
والإفراط في الأمل هو تفريط فيه...
لأنَّ الأمور معاقدها بنواتجها...
ونتائج الأمور في معمعة الفانية ليست كلُّها رُقياً، ولا كلُّها سقوطاً أو نزولاً.
فكما أنَّ «الدنو» ليس بفعل السقوط دوماً، وإنَّما بالنزول في كثير...، فإنَّ «الرقي» أيضاً ليس كلُّه بفعل الطيران وإنَّما الصعود...
وكما أنَّ السقوط قد يفتِّت ويهشّم، فإنَّ الطيران قد يخنق ويقتل.
فالصعود درجة درجة على مهلٍ يمنح في روَّية الحركةِ فرصة الغور، بمثل ما يفعل السقوط شيئاً فشيئاً...
وليس كلّ نزول فشلاً ولا نتيجته خيبة...
لأنَّ الهروب من قيظ القمم، إلى بطون الأودية، فيه ما يحمي من لسع الحرارة إلى برودة الاحتواء!!
إذ... ليس كلُّ دانٍ قبراً...!
وليس كلُّ مرتفع جنة...!
وليس كلُّ صعود نجاحاً ولا نتيجته بلوغاً...
لأنَّ البقاء في القمة مدعاة للشقاء.. وفي أيسر الصور للشقاء فقْدُ الحرية...
لأنَّ كلَّ معروض مرغوب،
بل مغبوط...! بل مبغوض...
أما «الأمل» فهو الكرة التي يتقاذفها الإنسان... بين مدِّ صعوده، وجزر نزوله...
و«الأمل» شعلة يوجّه ضوءها الإنسان إلى حيث يتطلّضع أعلى، ويلقي بجذوتها...
إلى حيث ينظر أدنى، فيبرق في الأعلى، ويحترق في الأدنى...
والأمل في غايته، وفي خيبته...
بين التحقيق والاحراق...
والإنسان في معمعة ركضه الواعي... أو ركضه اللاواعي... يُحسن التنميق لأمله
فإمَّا يزيِّيه، ويوشيِّه، وإمَّا يهمله ويطمسه...
فمتى يُصاب ببلوغه...
ومتى يُصاب بضياعه...
تلك محصلةٌ نهائيةٌ... بكلِّ ما منحته الحياة للإنسان...، فإنَّها لم تمنحه بلوغ أمله
على وجهٍ من الكمال...
فهو دوماً مصابٌ بخيبة...
وهو بقدر ما يرنو إلى القمة...
فإنَّه يستهدف القاع...
ذلك لأنَّ الإنسان ليس مآله الصمود والخلود فوق القمم...
وإنَّما مآله النزول في الحفر.
فأيُّهما أنت بالغه؟!
بكلِّ تأكيد: خيبةَ الأملِ.

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved