أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 4th May,2001 العدد:10445الطبعةالاولـي الجمعة 10 ,صفر 1422

الثقافية

الخطوة الأولى
العطش
دخلت المنزل وهي عطشانة جدا فتحت حنفية الماء فلم تستجب للطلب.. ذهبت للثلاجة وجدت كأساً مملوءاً نصفه ولكن الثلج سيطر عليه.. هل تنتظر 12 ثانية أخرى لكي يذوب وعندما لا يذوب خلال هذه الثواني الطويلة هل تنتظر المزيد؟؟ جسمها هل ينتظر كذلك لعل الكأس يذوب ماؤه؟؟ وكيف سيكون حالها بعد ثواني انتظار طويلة؟؟ أخذت تردد:
وليل كموج البحر، أرخى سدوله علي بأنواع الهموم ليبتلي، فقلت له لما تمطى بصلبه، وأردف إعجازا، وناء بكلكل، ألا أيها الليل الطويل، ألا انجلي بصبح، وما الإصباح منك بأمثل، فيا لك من ليل كأن نجومه، بأمراس كتان الى صم جندل زاد الحزن بعد مكالمتها المرسلةعبر اثير الزمن.. يطلب منها سيدها الاستمرار في تناول المسكن حتى زوال الخطر بفقدانه.. أو حتى تعتاد على فراقه.. أو حتى تعتاد على جلسة البيت لمغامرة الانطلاق.. مر بقية ليل الثلاثاء ومعه يوم الأربعاء بأكمله وهي حزينة تتذكر ليل الانتظار القديم الذي حسبته انتهى.. قررت بجنونها المعتاد ان تحادثه ليل الجمعة فكل نهاراتها ليل لتخبره برغبتها في الالتقاء به رغم ترددها وخوفها من رفض اللقاء.. فهو في ظنها اعتبر الموضوع قد انتهى وليس في حاجة الى مزيد من الحوار.. تتضارب رغباتها وربما تمتزج داخل خوفها المعتاد بسبب بعده عنها.. فتلغي فكرة الحوار فهي تقول لعله منشغل بغيري ولست أظنه يتوقف تفكيره عليَّ أنا طفلة أمي المدللة تعبث بخصلات شعرها المصبوغة بلون الغروب وتطلق نظرها الى ماض طويل وقصة عمر قديمة فتتذكر وتقول لم لا أنتظر الكأس حتى يذوب فما الأمر الذي يقتل ميزة الصبرة عندي.. تردد لنفسها أليست البداية مشوار النهاية؟؟ عندما ذبت في جسد أمي وتكونت انتهيت الى خروج جسدي الى هذه الأرض.. فبدأت قصة جديدة يطلق عليها نمو إنسان.. تتقاذفه المثيرات وتصهره العادات وتكونه التقاليد.. يرمز باسم يعرف به شخصيات وبعده اسم من تسبب في وجوده.. يذوب في بوتقة الزمن ليتكون شخص يصنف حسب رأي الآخر فيه.. يستمر في النمو وبعدها يذبل وينتهي جسده .. فتنطلق الروح في مكان يجهل الكثير أين هو.. تبدأ نهاية جديدة وتنتهي بداية أخرى.. وهو الماء المنتظر ذوبانه كذلك فقد كان ماء حين وضعته في الثلاجة وانتهى به زمن البقاء الى ثلج فبدأت قصة أخرى له بخروجه من السجن الطويل البارد وسينتهي بعد ثوان لا أعرف عددها الى ماء بارد وربما أنسى عطشي ويتبخر وينتهي الكأس بالفراغ من كل مكونات الرغبة فيبدو لي منظره بكأس فارغ.. تقلب كأس الجليد وتردد هل صحيح ننتهي بالفراغ مثلك.. إذن لماذا نبقى؟؟ ولم الاستمرار بتجرع ألم السكن؟؟
انتهت قصة كأس العطش ونامت وهي تنتظر ذوبانه.. تذكرت عندما كانت صغيرة جدا في يوم صيف ظامئ عندما رفضت النوم حتى ترتوي عروقها فقالت لها أختها التي تسبقها في العمر بعامين.. نامي وتأتي )الغزيل( لتسقيك وأنت في الحلم؟؟ خافت من ذلك وتذكرت قصة جدتها الخيالية لتلك الطفلة التي نامت وهي عطشى فتسللت نفسها من الجسد وأخذت تبحث عن ماء فوجدت قدرا مفتوحا به قليل من الماء فدخلت تشرب وأطالت في الشرب وجاء من يغلق القدر عن التبخر والفراغ ربما.. سجنت النفس وبقى الجسد ميتاً تنتظر النفس وتنتظر متى يعطش أحد مالكي القدر حتى يفرج عنها ويسمح لها بالعودة للجسد.. تستمر في السجن المائي حتى أشرقت شمس يوم آخر معلنة عطشاً آخر ورغبة في الارتواء من قبل جسد آخر ولكنه كبير ومستقل ويعرف كيف يدبر أمره.. تعود النفس الى جسد الطفلة قبل لحظات من وضعها في حفرة النسيان الأخير.. وتبدأ قصة أخرى كادت تنتهي قبل بدايتها؟؟
هند القعيد

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved