أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 4th May,2001 العدد:10445الطبعةالاولـي الجمعة 10 ,صفر 1422

أفاق اسلامية

فلنحذر شيوخ «التخفيضات» الدينية!!
مرزوق العشير
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه،، وبعد:
اتصلت بأحد الاشخاص الذين يشاهدون القنوات الفضائية بحجة متابعة الاخبار والاوضاع العالمية والحوارات المباشرة وحينما نصحته بالابتعاد عن الدش وان اضراره اكبر بكثير من فوائده وان عليه حفظ دينه بحفظ بصره وسمعه عن مشاهدة ما حرم الله من صور النساء الكاسيات العاريات من المذيعات والممثلات. قال لي: انا ادخلت الدش واشاهد ما فيه لان المفتي الفلاني )وذكر اسمه( الذي يظهر في القناة الفضائية الفلانية للافتاء على الهواء قال ان النظر الى النساء في الدش ليس حراماً لان بينك وبينهن آلاف الكيلومترات!!!
والدرس الذي استخلصه من هذه المكالمة الهاتفية هو أن شباب المسلمين وفتياتهم يتعرضون لخطر جسيم وفتنة عظيمة ليس فقط في سلوكهم وأخلاقهم بل حتى في عقيدتهم ولاشك في أن فتنة الدين والعقيدة اشد واخطر من فتنة الدنيا ذلك ان الانسان إذا كان يمارس معصية كأن ينظر إلى ما حرم الله - وهو يعرف ان هذا حرام اهون بكثير من كونه يمارسها وهو يعتقد انها حلال بناء على فتوى ضالة سمعها من هنا او هناك. ففي الحالة الاولى يظل ضميره يؤنبه وقد يتوب يوما ما ويقلع عن المعصية لكن في الحالة الثانية سيستمر لانه يعتقد انه يمارس عملا مشروعا، هذا ان لم يتوهم انه يثاب عليه بإيحاء من ابليس اللعين الذي يجر الناس الى الشرك والضلال ومن ثم الى جهنم خطوة خطوة وبإسلوب خبيث وغير مباشر وقد حذرنا ربنا عز وجل من اتباع خطوات الشيطان فقال سبحانه: )ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لاتعلمون( )البقرة 168-169(. فلنحذر من طرق الشيطان وهي المعاصي ولنجاهد انفسنا فإن اهواء النفس ورغباتها والشهوة ونزواتها هي من اخطر وسائل الشيطان في التأثير على الانسان لارتكاب الذنوب والاثام.
انها فتنة عظيمة بدأت غزو عقول ابنائنا الذين بدأوا -تحت الحاح رغباتهم ونزواتهم وشهواتهم- ياخذون احكام دينهم من هؤلاء المثقفين والمفكرين العولميين الذين يظهرون ليل نهار في الفضائيات ويكتبون في الصحف والمجلات في امور الدين ومسائل العقيدة التي تحتاج الى فقهاء مجتهدين ضليعين في الشريعة وعلومها والفقه واصوله والحديث واسانيده وتحتاج الى عالم بمقاصد الشريعة وقواعدها العامة وبالقواعد الفقهية والاصولية وبعلم السياسة الشرعية واصوله وضوابطه لاسيما حينما تكون المسألة تتعلق بنازلة او حادثة من حوادث العصر التي لا دليل مباشراً عليها ولا حادثة سابقة لها تتحد معها في العلة فتقاس عليها.
وكان من نتيجة هذا الغزو الفكري والعقدي ومن مظاهره التي بدأت تلاحظ ان بعض الناس يمارس كثيراً من المحرمات وحينما تنصحه يقول لك: لقد سمعت الشخص الفلاني في القناة الفضائية الفلانية يجيز ذلك ثم يعطيك اسم احد «شيوخ التخفيضات» الذين يظهرون في هذه القنوات الشيطانية ليقدم تنازلات وتخفيضات في احكام الدين وشريعة رب العالمين ليكسب الشهرة ويحصل له الصيت والانتشار او يعطيك اسم مثقف او مفكر يتكلم باسم الاسلام بلغة براقة وخطاب مؤثر ومعسول ولكنه يتصادم مع تعاليم الاسلام ونصوص الكتاب والسنة وفهم سلف هذه الامة بل هو أقرب ما يكون الى الفكر اللاديني )العلماني( المتلبس بثوب الدين ليغرر بالسذج من الناس والشباب المندفع قليلي الوعي بأمور دينهم واحكام شرعهم. وقد يعجبك هذا المفكر في حديثه ومظهره وهندامه. ولكن المظهر ليس كل شيء فإن الله سبحانه وتعالى يقول عن المنافقين :)وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون( )المنافقون 4(.
وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :«يخرج من آخر الزمان قوم يختلون الدنيا بالدين ويلبسون للناس جلود الضأن من اللين، السنتهم احلى من السكر وقلوبهم قلوب الذئاب يقول الله عز وجل : أبي تفترون؟ أم علي تجترئون؟ فبي حلفت لابعثن على اولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا» )جامع الترمدي: والحديث في سنده مقال(.
انها ظاهرة خطيرة لها ابعادها واثارها العقدية والفكرية والامنية ان تتجه انظار بعض الناس - وخصوصا الشباب - الى فقهاء الفضائيات في خارج حدود بلاد الحرمين الشريفين في الوقت الذي تتجه فيه انظار واسماع وقلوب المسلمين جميعا الى هذه البلاد لاخذ عقيدتهم واحكام شريعة ربهم منها لكونها بلاد التوحيد ومهبط الوحي ومنبع الرسالة ومنطلق الدعوة الاسلامية ولما عرف عن علمائها من فقه في دين الله وصفاء في العقيدة ورسوخ في العلم ناهيك عن اتصافهم بالتقوى والورع والزهد غير المصطنع وحرصهم على التمسك بالكتاب والسنة وعدم تعرضهم لمؤثرات الغزو الخارجي والاستعمار الاجنبي والاضطهاد الداخلي الذي تعرض له غيرهم في البلاد التي لا تطبق شرع الله عز وجل مما اثر في مواقفهم وتصوراتهم الفكرية والعقدية إلا من رحم الله.
وإن هذه الظاهرة تحتاج الى دراسة علمية ميدانية يشارك فيها اهل الاختصاصات ذات العلاقة للوقوف على اسباب هذه الظاهرة وابعادها وآثارها ومن ثم وضع الحلول لها قبل ان يستفحل الامر ويصعب علاجه فالمنع اولى واسهل من الرفع او كما يقال: الوقاية خير من العلاج. وهذا المثل لا ينطبق فقط على الامراض الجسمية والنفسية بل يشمل كذلك الامراض الفكرية والانحرافات العقيدية وهي اخطر واشد فتكا بالانسان والمجتمع بل انها قد تقود الانسان الى الخسران المبين في الدنيا والاخرة.
واود ان اهمس في اذان الشباب بأن اللهث خلف الاهواء والشهوات وتتبع اقوال من يحللها ويروجها عبر المجلات والفضائيات هو من الغفلة واتباع الهوى الذي حذرنا منه القرآن الكريم فقال تعالى :)ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا( )الكهف 28( ووصف سبحانه من اصبح تبعا لهواه وشهوات نفسه حتى وان كان فيها هلاكه وخسارته وصفه بانه قد اتخذ الهه هواه فقال تعالى :)افرأيت من اتخذ إلهه هواه(.
وفق الله شبابنا وفتياتنا وحماهم من الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن.
* طالب دراسات عليا بالمعهد العالي للقضاء بالرياض

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved