أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 4th May,2001 العدد:10445الطبعةالاولـي الجمعة 10 ,صفر 1422

الاخيــرة

دوافع النوازع
عودة إلى منغوليا
د، محمد البشر
كنت قد ذهبت مع عدد من الأحبة الكرام في رحلة برية ممتعة إلى منجوليا الداخلية إلا أن ظروفي العملية حالت دون الاستمرار في المسيرة فعدت أدراجي إلى بكين غير أن الزملاء الأعزاء عنَّ لهم المضي مرة أخرى إلى الصحراء المنغولية، ففي الصباح الباكر ركبوا سياراتهم فقطعوا مسافة تبلغ نحو 700 كيلومتر في قلب الصحراء، وكانوا بفطنتهم قد عرفوا أسرار الطريق مكتسبين ذلك من سيرتهم السابقة، فلم يضلوا الطريق، واختاروا أيسر المسالك وأقربها للوصول إلى غايتهم، وعند وصولهم الى أحد الرعاة المنجوليين الذي سبق وأن زاروه في مجيئهم السابق استقبلهم استقبالاً كريماً، وبدأ الطرفان في تجاذب أطراف الحديث حول الرعي والرعاة، والابل والغنم، وما لبثوا غير برهة من الزمن حتى تصاعد ذلك النقاش الهادئ في وتيرة متسارعة ليتحول إلى شجار كلامي بين الطرفين رغم أن أحدهما لا يفهم لغة الآخر الأمر الذي احتار معه المترجم في ترجمته ولم يعد قادراً على اللحاق لنقل تلك المعاني التي أخذت تتطاير مثل الشرر من أفواه الطرفين، واستشاط ذلك الراعي المنغولي غاضباً وأطبق أصابعه على راحة يده ومد ذراعه بسرعة البرق قاصداً وجه أحد الزائرين الذي كان يجادله في عفوية البدوي الذي تربى في قلب الجزيرة العربية، ولكن رحمة الله واسعة، فحال دون المرام حائل من شبك حديدي كان موضوعاً للحيلولة دون خروج الأغنام، كما أن المرافقين انطلقوا بسرعة كبيرة لمنع ذلك الراعي من تسديد تلك اللكمة الخطافية إلى وجه صاحبنا، وكأنها لكمة من الملاكم العالمي المسلم المشهور محمد علي كلاي إلى أحد خصومه، وكان الراعي يردد في أثناء اندفاعه كلمة لم يفهمها صاحبنا وهي )قه، قه( ففسر ابن بادية جزيرة العرب تلك الكلمة بأنها تعني انصرفوا أو كما رواها )اذلفوا( فأدرك بحكمته وحلمه حساسية الموقف فتراجع القهقرى، وبادر بالتوجه إلى السيارة في خطى متباعدة، لكنه لم يكن مهرولاً، وانطلقت السيارة من مقر ذلك الراعي وهم في ضحك مستمر لما كاد أن يصيب صاحبهم، وتوجهوا بعد هذه التجربة القاسية إلى نزل صغير أعدوا فيه طعام العشاء وتناولوا شيئاً من الشاي الصيني الأخضر المشهور، وباتوا ليلتهم تلك وبين ناظريهم ذلك التفسير العجيب لتلك الكلمة السحرية )قه قه(، وفي اليوم التالي توجهوا إلى جهة أخرى، فإذا بعاصفة رملية تهب عليهم حتى أن أحدهم لا يكاد يرى أطراف أصابعه، ومن حسن الطالع أن لاح لهم منزل رعوي متواضع كان به رجل مسن وزوجته، فلجأوا إليهم فاستقبلوهم استقبالاً كريماً، وإذا بهذا الراعي الكريم يذبح تيسين أبيضين ويقوم بقليهما وتقديم اللحم والشواء إلى ضيوفه، وبعد أن طعموا وشربوا أخذهم النوم في هذا الكنّ الهادئ المتواضع إلى قبل غروب الشمس، فقاموا من سباتهم وشكروا هذا الراعي النبيل وأكرموه كما هي عادة أبناء الجزيرة، ثم توجهوا إلى نزلهم القريب وكانت العاصفة الرملية قد أخذت في الركود، وفي المساء أتيح لهم التعرف على صاحب مركز قريب كان دليلهم إلى مواقع الرعاة، وفي الصباح الباكر ذهبوا إلى حيث هيئ لهم فوجدوا رجالاً كراماً تسابقوا على خدمتهم واكرامهم، وبعد أن استمتعوا بهذه الرحلة البرية الجميلة عادوا إلى مدينة لنخن ومنها إلى بكين بعد رحلة جميلة ممتعة،

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved