أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 5th May,2001 العدد:10446الطبعةالاولـي السبت 11 ,صفر 1422

مقـالات

جولة مع رسائل أئمة دعوة التوحيد
عبدالرحمن صالح العشماوي
أهدى إلي الاخ الكريم ابراهيم بن سعد الماجد كتاباً متوسط الحجم حسن الاخراج، ولم اكن لحظة تسلم الكتاب فارغ النفس، ولا خالي القلب من بعض مشكلات وهموم التجارة التي اخوض غمارها منذ سنوات قلائل، ولذلك لم اكن اتوقع بسبب انشغال البال ان اقرأ شيئاً تلك الليلة، وكيف يقرأ كتاباً او يتسنى له استيعاب ما يقرأ من شغل باله ببعض شؤون الحياة التي لا مناص من الانشغال بها في بعض الاحيان؟!
ولكنني حينما عدت الى المنزل، وجدتني راغباً في تقليب صفحات ذلك الكتاب المُهْدى الي توَّاقاً الى التعرف على محتوياته من خلال فهرسه، وقد فعلت ذلك في بداية الامر دون عزم على القراءة، ثم نظرت الى غلافه الاخير فمالت نفسي الى قراءة الاسطر القلائل التي طبعت عليه، فكانت فاتحة المطاف للدخول الى صفحات الكتاب بطريقة جادة، وجدت بها رغبة في مواصلة القراءة للاطلاع على تلك الرسائل الجياد، بمضامينها المشرقة، والرسائل من اهم الوسائل التي تدل على عقول كاتبيها، وتكشف عن اهتماماتهم ورغباتهم واتجاهاتهم.
فماذا قرأت في صفحة الغلاف الاخير؟
«الابن سعود، لقد احطت علماً بما ذكرت، اما من قبل ولاية العهد فارجو من الله ان يوفقك للخير، تفهم اننا نحن والناس جميعاً ما نعز احداً ولا نذل احداً، وانما المعز والمذل هو الله سبحانه وتعالى، ومن التجأ اليه نجا، ومن اعتز بغيره عياذاً بالله وقع وهلك، موقفك اليوم غير موقفك بالامس، ينبغي ان تعقد نيتك على ثلاثة امور:
اولاً: نية صالحة، وعزم على ان تكون حياتك، وان يكون دينك، اعلاء كلمة التوحيد، ونصر دين الله، وينبغي ان تتخذ لنفسك اوقاتاً خاصة لعبادة الله والتضرع بين يديه في اوقات فراغك، تعبَّد الى الله في الرخاء تجده في الشدة.
وعليك بالحرص على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وان يكون ذلك كله على برهان وبصيرة في الامر وصدق في العزيمة، ولا يصلح مع الله سبحانه وتعالى الا الصدق والعمل الخفي الذي بين المرء وربه.
ثانياً: عليك ان تجد وتجتهد في النظر في شؤون الذين سيوليك الله امرهم بالنصح سراً وعلانية، والعدل في المحب والمبغض، وتحكيم هذه الشريعة في الدقيق والجليل، والقيام بخدمتها باطناً وظاهراً وينبغي الا تأخذك في الله لومة لائم.
ثالثاً: عليك ان تنظر في امور المسلمين عامةً، وفي امر اسرتك خاصة، اجعل كبيرهم والداً، ومتوسطهم اخاً، وصغيرهم ولداً، وهن نفسك لرضاهم، وامسح زلتهم، وأقل عثرتهم، وانصح لهم، واقض لوازمهم بقدر امكانك، فاذا فهمت وصيتي هذه، ولازمت الصدق والاخلاص في العمل فأبشر بالخير.
اوصيك بعلماء المسلمين خيراً، احرص على توقيرهم ومجالستهم واخذ نصائحهم، واحرص على تعلم العلم، لان الناس ليسوا بشيء الا بالله ثم بالعلم، ومعرفة هذه العقيدة، احفظ الله يحفظك» الامضاء: عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
هذا النص المشرق، هو الذي قرأته على صفحة الغلاف الاخير من الكتاب الذي اهداه الي صاحبي، انه كتاب رسائل ائمة دعوة التوحيد جمع واعداد: د. فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود.
وهذا النص هو الذي اخذني الى رحلة داخل صفحات الكتاب، اجوبها، من عصر الى عصر، ومن ولاية الى ولاية، ومن رسالة الى رسالة بدءاً من محمد بن سعود مناصر شيخ الدعوة محمد بن عبدالوهاب يرحهمهما الله ووصولاً الى خادم الحرمين الشريفين وفقه الله.
وفي كل رسالة وجدت العامل المشترك الذي لا يتغير الوصية بالحرص على العقيدة الاسلامية، وتطبيق شرع الله، واخلاص النية له، ودوام الصلة به وحده لا شريك له، والحرص على مجالسة اهل العلم، والصلاح، واتخاذهم بطانةً صالحةً تعين على تحقيق العدل في الدنيا، والوصول بمشيئة الله الى النجاة يوم يقوم الناس لرب العالمين، وهذا العامل المشترك هو السر اذا تحقق في حصول الامن والاستقرار والعزة والتمكين.
يقول الامام عبدالعزيز بن محمد بن سعود في احدى رسائله يرحمه الله «فاعلموا رحمكم الله تعالى ان الله ارسل محمداً صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل فهدى الله به الى الدين الكامل، والشرع التام، واعظم ذلك واكبره وزبدته اخلاص العبادة لله لا شريك له، والنهي عن الشرك، وذلك هو الذي خلق الله الخلق لاجله، ودل الكتاب على فضله».
ويقول الامام تركي بن عبدالله بن محمد، المتوفى 1249ه في رسالة له «وبعد: موجب الخط ابلاغكم السلام، والسؤال عن حالكم، والشفقة عليكم، والمعذرة من الله اذ ولاني امركم.. فالذي اوصيكم به: تقوى الله تعالى في السر والعلانية..وجماع التقوى اداء ما افترض الله سبحانه، وترك ما حرم الله».
ويقول الامام فيصل بن تركي بن عبدالله المتوفى سنة 1282ه يرحمه الله في رسالة له: وبعد: فإن أجمع الوصايا وانفعها الوصية بتقوى الله تعالى.. وتقوى الله ان يعمل العبد بطاعة الله، على نور من الله، يرجو ثواب الله، وان يترك معصية الله، على نور من الله، يخاف عقاب الله، ومعظم التقوى والمصحح لاعمالها: توحيد الله بالعبادة، وهو دين الرسل الذين بعثوا به الى العالمين ثم يقول في آخر الرسالة: )وانا ملزم ائمة المساجد من اهل نجد والاحساء وغيرهم بسؤال الخاصة والعامة عن اصل الدين، كثلاثة الاصول، والقواعد الاربع فان فيها البيان واصل الاسلام والايمان(.
ويقول الامام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي المتوفى عام 1346ه يرحمه الله في رسالة له: وبعد..فقد قال الله تعالى )وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين( وقال: )سيذكر من يخشى( وقد عرفتم ما منَّ الله به من معرفة دين الاسلام والانتساب اليه، وهو الدين الذي بعث الله به رسله، وانزل به كتبه وخلق الخلق لاجله، ولاصلاح للعباد في معاشهم ومعادهم إلا بمعرفة هذا الدين ومحبته وقبوله والعمل به، وبذل الجهد في ذلك علماً وعملاً، والدعوة اليه والرغبة فيه».
ويقول الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود المتوفى عام 1373ه يرحمه الله في احدى رسائله: «إن المسلمين في خير ماداموا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وماهم ببالغين سعادة الدارين الا بكلمة التوحيد الخالصة، اننا لا نبغي التجديد الذي يفقدنا ديننا وعقيدتنا اننا نبغي مرضاة الله عز وجل، ومن عمل ابتغاء مرضاة الله سبحانه فهو حسبه، وهو ناصره، فالمسلمون لا يعوزهم التجدد، وانما يعوزهم العودة الى ما كان عليه السلف الصالح، ولقد ابتعدوا عن العمل بما جاء في كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم فانغمسوا في حمأة الشرور والآثام، فخذلهم الله جل شأنه، ووصلوا الى ماهم عليه من ذل وهوان، ولو كانوا متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام لما اصابهم ما اصابهم من محن وآثام، ولما أضاعوا عزهم وفخارهم».
ويقول الملك عبدالعزيز في رسالة اخرى: «والمسلم لا يكون اسلامه صحيحاً الا اذا اخلص العبادة لله وحده، يجب ان يتدبر المسلمون معنى لا اله الا الله( فإن «لا اله» نفي لكل معبود فيما سوى الله، و«الا الله» اثبات العبادة لله وحده، فيجب على الانسان الا يشرك مع الله في عبادته نبياً مرسلاً، ولا ملكاً مقرباً، ويجب ان يتبع المسلمون القول بالعمل، اما القول المجرد فلا يفيد..ان دين الله ظاهر كالشمس لا لبس فيه ولا تعقيد، دين الله مكتوب في الكتاب والسنة، فكل عمل اتفق مع الكتاب والسنة فهو الحق، وكل عمل خالف الكتاب والسنة فهو الباطل».
ويقول الملك سعود بن عبدالعزيز المتوفى عام 1388ه يرحمه الله في احدى رسائله «فمن هذه البقعة المباركة انتشر الاسلام بل انتشرت الدعوة الى الله منذ ان أقام نبينا ابراهيم عليه السلام قواعد هذا البيت العتيق، فإلى هذا البيت نتجه في صلواتنا، واليه نسعى مكبرين مهللين.. لنذكر اسم الله ونجدد توبتنا الى الله.. كل عرض في هذه الدنيا زائل، وليس لنا ما نعتصم به الا عفو الله ورحمته، بما نقدمه من اخلاص العبادة لله وحده، والعمل بكتابه، واتباع سنة نبيه وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده».
ويقول الملك فيصل بن عبدالعزيز المتوفى عام 1395ه يرحمه الله في احدى رسائله: «ان ما نقوم به في سبيل نشر العلم، و الدعوة الى الله ونشر الثقافة الاسلامية ماهو الا قليل مما يجب علينا.. ولكن ثقوا بحول الله اننا سائرون بكل ما أوتينا من قوة لنصرة دينه، ولخدمة الاسلام والدفاع عنه ولتبصير الناس به، فمن أراد الحق ومن اراد الخير فسبيله واوضح، ومن اراد غير ذلك استعنا عليه بالله سبحانه وتعالى، ثم قوة العقيدة والاصرار على التمسك بها»، ثم قال في آخر رسالته: «ولي ملحوظة احب ان اقدمها للاخ فقد تفضل وقال عني بأنني امير المؤمنين واني كذا وكذا فأرجو ان يتقبل مني هذه الملحوظة، وانما ارجو ان يعتبرني هو واخواني ان اكون خادم المسلمين وخادم المؤمنين».
ويقول الملك خالد بن عبدالعزيز المتوفى عام 1402ه يرحمه الله في رسالة «له انه من الواجب علينا وعليكم التناصح في دين ا لله والتذكير بنعمه وايامه ففي ذلك من المصالح الكلية والجزئية مالا يحيط به علماً الا الله سبحانه وتعالى واول هذه النعم واجلها نعمة الاسلام، ولا يكون شكرها الا باتباع اوامر الله واجتناب نواهيه، واتمام الصلاة والزكاة، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بسائر فرائض الدين، والتناصح في دين الله وبذل ذلك لكل مسلم».
ويقول الملك فهد بن عبدالعزيز «خادم الحرمين الشريفين» وفقه الله لكل خير في احدى رسائله: «ان الله اذا اراد بقوم خيراً هداهم الى التي هي اقوم، ونعم الله علينا كثيرة لا تحصى، ولاشك ان اعظم هذه النعم على الاطلاق هي نعمة الاسلام، فهو الدين الذي إن تمسكنا به لن نضل ابداً، بل نهتدي ونسعد، كما اخبر الله تعالى بذلك، وكما اخبر رسوله عليه الصلاة والسلام، وحقائق التاريخ والواقع خير شاهد على ذلك..قامت هذه الدولة على منهاج واضح في السياسة والحكم والدعوة والاجتماع، هذا المنهاج هو الاسلام عقيدة وشريعة».
هكذا يبدو لنا من خلاج هذه النماذج التي اخترتها من تلك الرسائل ذلك العامل المشترك الذي يشبه العمود الفقري في جسم الانسان مكانة وأهمية ويمكن تحديد معالم ذلك العامل المشترك بالتالي:
1 تأكيد عظمة الاسلام عقيدة وشريعة وانه اساس الحكم الذي قامت عليه الدولة السعودية في جميع مراحلها، وتأكيد اهمية سلامة العقيدة وصفائها.
2 تأكيد اهمية تطبيق الشريعة الاسلامية في كل جوانب الحياة وشؤونها، وان الشريعة هي الحبل المتين الذي يجمع القلوب المتنافرة، ويوحد الكلمة ويقوي الصف، وان في تطبيقها كل خير وصلاح وعز وتمكين وامن واستقرار، كما ان التفريط فيها سب لكل شر وفساد.
3 تأكيد اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وانه ضروري لتوجيه الناس نحو الخير، ولردع اهل الشر والانحراف، ولضمان بقاء الاخلاق الفاضلة في المجتمع.
هذه المعاني والمعالم المشرقة هي التي تحدد الملامح الحقيقية لهذه الدولة المباركة وهي الى جانب كونها تشريفاً لأصحابها وتاجاً متميزاً لهم، فإنها تعد تكليفاً ومسؤولية عظيمة يحملها ولاة الامر على عواتقهم نسأل الله لهم العون والتوفيق.
ان كتاب رسائل ائمة دعوة التوحيد «يعد وثيقة ممتازة تؤكد الهوية المتميزة للمملكة العربية السعودية، وهي وثيقة سهلة التناول قريبة المأخذ».
وان د. فيصل بن مشعل بن سعود الذي جمعها واعدها ليستحق منا تقديم باقة من الشكر على هذه الفكرة الجميلة، وانا اعرف من دماثة الخلق وصفاء الفكر ما يستحق عليه شكراً خاصاً.


لما تلاقى سيفها وكتابها
سلمت عقيدتها من الشبهات


أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved