أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 6th May,2001 العدد:10447الطبعةالاولـي الأحد 12 ,صفر 1422

الثقافية

الهويمل والمكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي
محمد بن عبدالله بن إبراهيم المشوح
لم يكن أمراً مخبوءاً أن يتم اختيار الأديب والناقد المعروف د. حسن بن فهد الهويمل رئيسا للمكتب الاقليمي لرابطة الأدب الإسلامي في المملكة العربية السعودية.
ذلك ان الاختزان المعرفي الذي يتمتع به الدكتور حسن والمنهجية المنصفة التي اختطها لنفسه جعلت منه منافحا مخلصا لأرومته وأمته وأحسب ان رابطة الأدب الإسلامي كانت بذرة صالحة وبناء أقيم على تقوى لذا شبت رغم عداء الخفافيش والمناوئين وصمدت أمام تثبيط المنهزمين وتعالت فوق لمزات المستهزئين.
كتب الشيخ السيد أبو الحسن الندوي في كتابه «مسيرة حياة» وتحدث فيها عن أول لقاء تم لبلورة فكرة رابطة الأدب الإسلامي وهمومه الصادقة نحو تحقيقها وحسبك به من غيور مخلص لدينه وأمته أكتفي بكلمة للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عن أبي الحسن يقول فيها :«وإذا كان من بنى حصنا أو قاد جيشا عد في العظماء، فأبو الحسن بنى للإسلام من نفوس تلاميذه حصونا أقوى وأمتن من حصون الحجر بنى أمة صغيرة من العلماء الصالحين والدعاة المخلصين.
إن رابطة الأدب الإسلامي التي ترعرعت في أحضان نخبة صالحة من ذوي الدين والخلق والأدب لهي حري بها أن تمضي قدما في مضمارها لتجني ثمارها وتؤتي أكلها.
ولقد جاء اختيار د. حسن الهويمل ليسجل بكل العرفان وقفاته المشهودة في الذب عن الأدب الراقي الرصين والمحافظة على لغة العرب الأم التي نزل بها ذكرهم «وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون».
إن مواقف الهويمل مواقف راهن البعض عليها وأطلقت حتى من بعض محبيه صيحات ملامة على مواقفه الصامدة والتي لا تقبل المزايدة على أدب الأمة ومقومات عزها.
كما للهويمل معارك عديدة مع خصوم تتباين أفكارهم وتتفاوت مداركهم فكان يعطي كل ذي حق حقه ويضع السيف في موضعه.
يمتاز في حواراته بلغته النقية الصافية الخالية من رواسب المناهج والروافد فكانت كالماء الزلال تنزل قطرات ملئها الصفاء والنقاء.
كثيرا ما قلبت طاولات محاوراته الى معارك شخصية يدرك من خلالها محاوروه أن لا طاقة لهم بهذا الجبل المعرفي الأشم.
أحسب أن د. الهويمل كان يدرك وبقوة أن كثيرا من آرائه الجريئة نحو الشعر العامي والنقد الثقافي والطروحات الفكرية سوف تفقده طوابير عديدة من أهل الساحة والسوقة بيد أن المنهجية التي اختطها لنفسه حالت بينه وبين الوقوع في حال فصام فكري أو في مخاض منهجي بينه وبين نفسه.
والمتتبع لشخصية الهويمل الفكرية يدرك أنها ارتكزت على جوانب عديدة تتمثل في الآتي:
أولا: قراءاته المتعددة التي لا تحدها أطر فكل من عرفوه أدركوا بجلاء موسوعيته الثقافية التي ابتناها خلال عقود من الزمن.
ثانيا: أصوله الشرعية وقناعاته الفكرية التي يبني عليها آراءه وتوجهاته فهو يجسد روح الأدب الملتزم بتقنينه وتقعيده بيد أنه منصف لكل طرح أدبي وهو في ذات الوقت يحترم المحتوى ولا يهمشه.
ثالثا: ثقته الكبرى بنفسه الى حد يتهم فيه بالكبر والغرور وهو من أبعد الناس عنه إلا أنها في ذات الوقت ثقة المطمئن والذي يركن الى أصول فيها لا تبيد ولا تحيد جعلته متحدثا يجيد أصول الحوار ويتقن التعامل مع المخالف.
لقد اتضحت آراء الدكتور حسن الهويمل الجريئة في عدد من رؤاه الفكرية والنقدية.
فلقد كانت نظرته حول ما اختار له من مصطلح عن الإبداع الأمي ويعني به «الشعر الشعبي» بأنه ليس أدبا فالأدب الصحيح يتطلب لغة صحيحة حسبما يعبر عنه.
ويمكن تلخيص موقف الهويمل من العامية بالآتي:
1 ألا ننتصر للعامية بالقول عنها وإن وقعنا في حبائل القول فيها اضطرارا.
2- ألا نجعل من استعمالها ومعاشيتها اضطرارا لا اختيارا سبيلا لشرعية وجودها والدفاع عنها.
3- أن تظل في إطار المشافهة إبداعا واستعمالا بحيث لا تتخطى الى أروقة الجامعات وبناء المؤسسات ومشاهد النقد ودور النشر ووسائل الإعلام.
4- أن نعد الفساد اللغوي مرحلة انتقالية: فإما أن نستعيد أكبر قدر من الفصحى وإما أن نوقف زحف العامية وهيمنتها والطريق الى ذلك الشعور بالفساد اللغوي وعدم التمادي فيه.
كانت هذه خلاصة وعصارة رؤية د. الهويمل نحو الشعر العامي والذي طالما فتح عليه جبهات عديدة من الاستعداء لكنه بموقفه استطاع ان يستحوذ على أصوات الكثير من المنصفين الذي أبدوا تعاطفا ودعما كبيرا نحو رؤية الهويمل المنهجية الصائبة.
ولا يقل عنه عظمة موقف الهويمل من الحداثة الذي أبرزه من خلال كتابه عن الحداثة الذي أبرز من خلاله موقفا إسلاميا محسوبا حيث أعلن رفضه التام ومحاربته لحداثة الفكر والتهتك والانحراف.
لقد أوضح د. الهويمل: أن القضية في الحداثة ليست قضية وزن وقافية وتفعيلة وصورة وصياغة ورمز وأسطورة ونثر مضمون ومعاصر أو قديم.
نحن كما يقول الهويمل: «نصالح ونحاور المنجز البشري حول قضايا الشعر والفن عامة من أشكال وأبنية وصيغ وأساليب وتراكيب وأفكار جديدة وأنماط حديثة لا تعارض نصا شرعي الدلالة والثبوت ولا يمكن أن نصالح القضايا العقدية والفكرية والأخلاقية المخالفة مخالفة صريحة ومتفق عليها لثوابتنا.
والهويمل كذلك يبدي امتعاضه الشديد من الموقف المتخاذل تجاه الحداثة حيث يقول «وإذا كنا نرى ونسمع ونقرأ ما يدل على الاحتفاء برموز الحداثة في بعض الملاحق الأدبية فذلك من فلول الأحداث .
ومن ثم لا يخلو أي مشهد ثقافي من أذيال تذب عن عواجيز منحرفة إما جهلا أو عنادا أو مرضا قلبيا والشر قائم لا يمكن حسمه والصراع بين الحق والباطل قائم والسعيد من كان في صفوف الحق.
بمثل هذه الرؤى النيرة والآراء الصالحة اعتلى د. الهويمل هامة الدفاع عن مقومات دينه ومعتقده ونأى بنفسه عن الانجراف والتهاوي والتدافع المحموم الذي ابتليت به الساحات الأدبية في العالم العربي.
ومن هنا استحق ان يكون اختياره مديرا للمكتب الاقليمي لرابطة الأدب الإسلامي خلفا للمنافح الصادقة الفريق يحيى المعلمي رحمه الله الذي ما فتئ يذب عن لغة أمته بكل جراءة وبسالة ممتطيا بزته العسكرية في ميادين الدفاع عن قضايا أمته وفكرها ولغتها.
إلا أن المنتظر أيضا أن يكون للمكتب دور أكثر فاعلية في رسم خطط واضحة لمنهجية أدبية صالحة وصياغة فكر رصين واحتواء كل الأطراف عبر خندق الدفاع عن دين الأمة ولغتها.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved