أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 6th May,2001 العدد:10447الطبعةالاولـي الأحد 12 ,صفر 1422

محليــات

لما هو آت
الكتَّاب الأكاديميون!!
د. خيرية إبراهيم السقاف
تكتظُّ الصحف السَّيارة بالكُتَّاب «الأكاديميين»، ونسبة «الأكاديمية» للإنسان، أو العكس، تعني أنَّه ذو اختصاص علمي، في منحى من مناحي المعرفة، في أحد مجالات العلوم المختلفة...
و«الأكاديمي» عادة إنسانٌُ باحثٌ، نهمٌ للاكتساب، ثريٌّ للإفضاء، يقرأ، ويفكر، ويبحث، ويطرق أبواب التجارب، ويجني الخبرات، وتتَّسع له آفاقها، فيؤوب بحصيلة معرفية، وعلمية، لها قيمتها المفترضة، وعادة توزن «بالشهادات» تلك التي تظهر وتسجَّل في وثائق، تدلُّ على «المستوى» التحصيلي الذي بلغه ونوعه، ومرتبته، وتُحدد درجته...
وهو بذلك يفني جزءاً كبيراً من عمره، من أجل تحصيله...
وتحصيل «الأكاديمي» من حيث يتَّسع فإنَّه ينتخِب...،
يتَّسع في المعارف والخبرات الشاملة المبدئية، والمساعدة التي يعبُر بها في رحلته العلمية...
بينما هو يسعى إلى انتخاب، وانتقاء مجال تخصصه.
وهو هنا يقف عند محطة من محطات المعرفة...، فينضوي تحت سقف خاصَّتها، يرحل معهم حيث يرحلون، ويجوب معهم الآفاق التي يجوبون، ويُبحر في البحور التي يُبحرون...،
يرتاد مراكبهم، ويصيد بشباكهم صيدَهم، ويعود معهم بحصيلتهم، فيدرك أخبارهم، ويصنع صنيعهم، ويصبح ضمن لحمتهم... بعد أن يصبح فرداً فيهم، وجزءاً من تركيبتهم...
ولكلِّ جماعة طقوسها، وقوانينها، وعاداتها، وأساليبها...
لكنَّ لكلِّ فرد خصوصيته، ونكهته، ولونه، ونهجه، وتميزه...
ذلك لأنَّ الإنسان جُبلت فطرته على تحديد سِماته، بمثل ما فُطرت خبراته على تحديد صفاته، فشيء فيه بما هو فيه فطرةٌ، وشيء فيه بما هو فيه اكتسابٌ...
لذلك فَكَلُّ أكاديمي مختص يجتمع مع خاصته تحت مظلة خيمة الاختصاص، غير أنَّه يتفرَّد بما هو فيه وعنه وله من الخصوص...
وعادة كلُّ «أكاديمي» يحرص على الأداء، والأخذ في مجال اختصاصه بالدأب...
وهو إن لم يفعل عمل على النَّحت في بنائه المعرفي، والنيل من تركيبته الخبروية...
وفي كلِّ المجالات، وعلى كافة مراحل الحياة، وفي كلِّ محطاتها، ما يقبَل دوماً من الطفل في بدء عمر تجربته، ولا يُقبل منه بعد اتساع نطاقها... من زلل، أو تعثر، أو وهن، أو غفلة...، ذلك لأنَّ الاتساع في خطوات التجربة بناء...، يعني عبور مراحل زمنيَّة، فيها مراحل بنائية تخصُّه وحده...
وتأتي المواقف تكشف عن نوعية، وعمق، حصيلته، فإن هو متح، ومنح منها... زاد في صقلها وشحذها، وتجديدها، وبريقها...، وإن هو لم يفعل... طمسها، وغبَّرها...، وحجبها فقتلها...
لذلك، فالأكاديمي الذي يعتلي منابر القول شفاهة أو كتابة، إن لم يكن صاحب موهبة سبقت أكاديميته، فإنَّه لن يُعذر في أمر التفريط في الأخذ مما في «جرابه» ومستودعه... ذلك لأنَّه «بعلمه»، وبخبراته «المقننة» «المختصة معرفياً» كفيل به أن تناط به مسؤولية التوعية، وتبادل الخبرات، وتوعية القارىء أو المتلقي عنه، بإضافة أو تغيير من شأنهما الإسهام في مواكبة متغيرات العالم في طفراته الفكرية وجنونه الشامل الذي لا يدركه سوى ذوي الاختصاص المالكين لأزمة الأبواب، ولمفاتيح المنافذ...
أما أولئك «الأكاديميون» الذين يهرفون بما لا يعرفون، ويُقرطسون تجاربهم وخبراتهم في عباءات صقيلة، أو أغطية رؤوس مُنشَّاة، ويلقون بها في المقاعد الخلفية لسياراتهم الفارهة، فإنَّهم قد بلغوا شأو الأكاديمية «للتظاهرة» الاجتماعية، وللاحتفائية الغوغائية، يلهث وراءهم الأجوفون من المطبلين لأنَّ لا زاد لديهم، ولا أسلحة تفتُّ في أبنيتهم الهشة، إذ يحسبونهم ماءً، حتى إذا ما اقتربوا تمادى بهم في سرابية لا نظير لها.
أما أولئك الذين يدَّعون أنَّ الصحف السيارة ليست للأكاديمية، فإنَّ دعوى مثل هذه عائدة بخفي حُنين، ذلك لأنَّ هذا هو زمن المعلومة المختصة، وحاجة الإنسان الفرد في المجتمع إلى من يُقرِّب إليه المعرفة في قوالب يسيرة، وبأساليب واضحة، وفي كلمات محددة، وبطرق مشوقة... لمواجهة «عولمة» طاغية في كلِّ شيء لا يملك أسلحة المواجهة لها إلا ذوو الخبرات الواسعة، المختص منها، والشامل فيها، ولعلَّ الأكاديميين ضمن أهم فئات البشر الذين يملكون القدرة في ذلك، إلى جانب المثقفين والمفكرين وذوي التجارب والخبرات من محترفي العمل الاعلامي والفكري.
أما غير ذلك...
فتبقى الأكاديمية لأبراجها العاجية...
فإما إلى جحيم الكفاح لذيذ النجاح...
وإما إلى الريح تعوج...، وتسجن داخل البروج...
فأي الأكاديميين أنت... أيها الكاتب الأكاديمي؟... رجلاً كنت أم امرأة؟. وينطبق ذلك على أولئك الكُتَّاب ممن يحملون درجة الدكتوراة ويلاحظ أنهم لا يكتبون في مجالات تخصصاتهم، وعلى وجه التحديد من يختصون في العلوم الإنسانية ثرية الأفكار، قريبة التلاحم مع حاجة الجماعات والأفراد.. فماذا يعني هذا الهروب عن عدم خوضهم فيما يعرفون؟ وأين ذهبت سنوات كفاحهم وتحصيلهم؟!
هل الدرجات التي يحملونها للوجاهة الاجتماعية إن لم تكن لخدمة هذه الوجاهة؟ أم أنهم لم ينهلوا في مجالهم ما فيه كفاية تمكنهم من الخوض في تفاصيل تخصصهم علماً ومعرفة؟ وبمتابعة ما يجد فيه، وإفادة الآخرين في موضوعات شيقة أتيح لهم الخوض فيها؟!

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved