أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 8th May,2001 العدد:10449الطبعةالاولـي الثلاثاء 14 ,صفر 1422

عزيزتـي الجزيرة

لك الله لا توقظ الذكريات وخل الأسى في الحنايا دفينا
وقفة مع..... كلمة القاضي
لقد أهاجت في النفس كوامنها ، وصدع قلبي رنينها إنها رسالة أم لابنها الذي تطاول غيابه وشغلته دنياه عن رؤياها، حيث أوردها الأستاذ الأديب حمد بن عبدالله القاضي على صفحات صحيفة الجزيرة الغراء يوم الأربعاء8/2/1422ه صفحة 13 بعنوان «يابني .. الدنيا ليست طويلة..!»، فحنين هذه الأم لابنها أثر في نفسي وأهاج شجوني، وأعاد لي ذكريات تقادم عهدها.. كنا نأتي من حريملاء إلى الرياض لتلقي مبادئ العلم على المشايخ عام 1369ه/1370ه على الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية وعلى الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم بعد صلاة الفجر مباشرة بمسجد الشيخ محمد بدخنة الذي يعتبر بمنزلة الجامعة آنذاك، وعلى الشيخ إبراهيم بن سليمان الراشد بعد صلاة المغرب في الجامع الكبير في الرياض - رحمهم الله رحمة واسعة- وكان أحد زملائي يطيل الاغتراب والإقامة بالرياض فقد يمكث أكثر من عام لا يرى والديه رغم قرب المسافة بين الرياض وحريملاء فكانت الرسائل تأتيه الرسالة تلو الرسالة من والديه كبيري السن يستبطئان عودته ويتشوقان لرؤيته، ويحنان إلى لقياه، ولكنه في تلك الحقبة يعد بالزيارة ويسوف، تمضي الأيام والليالي ما حقق شيئاً من ذلك...ولعل صغر سنه أفقده الشعور وعدم الإحساس بعواطف الأمومة والأبوة، وحنينهما إليه،، ووجوب صلتهما، فلم يدرك ذلك إلا بعدما كبر وأنجب أطفالاً حينئذٍ عرف حقهما فندم ندماً شديداً ولات ساعة مندم وأسف على وقت مضى وفات دركه، ولصعوبة المواصلات وقلة ذات اليد، وتعذر إمكان السكنى بجانبه هناك لا يملكان سوى إذراف الدموع والتحسر على تناسيه لهما مدة طويلة ولسان حالهما يردد هذا البيت:
وأشد ما ألقاه من ألم النوى
قرب الحبيب وما إليه وصول
وفي ثنايا تلك الرسالة المؤثرة جداً التي أوردها الأستاذ حمد متأثراً ومشاركاً لها حزنها بمشاعره الجياشة التي تفيض رحمةً، واستغراباً لتنكر بعض الأبناء لأقرب الناس إليهم، وكأن بين أسطر تلك الرسالة هذه الأبيات الثلاثة للشاعر بهاء الدين زهير حيث يقول:


أراك هجرتني هجراً طويلاً
وما عودتني من قبل ذاكا
فيا من غاب عني وهو روحي
وروحي لا أطيق لها انفكاكاً
ختمت على ودادك في ضميري
وليس يزال مختوماً هناكا

ثم ساق الأستاذ حمد بعض الأمثلة والمواقف المؤثرة والقصص المؤلمة، التي جرت بين دائن ومدين في سالف الحقب ليؤكد مدى تأثر الآباء بما يمس فلذات أكبادهم من سوء «حيث وجه صاحب الحق لطمة على وجه المدين الذي لم يف بحقه عسراً وليس مطلاً، ثم طرق باب منزله مرة أخرى بعد برهة من الزمن ملحاً في طلب حقه فخرج عليه أحد أبنائه وسأله عن والده فقال إنه غير موجود بالبيت، فلم يصدقه فلطمه لطمة خفيفة على وجهه أقل من لطمة والده.. فإذا بوالده مقبلاً يشاهد هذا الموقف والمنظر المؤلم، فبكى الوالد، فسأله الدائن صاحب الحق قائلاً ما بالك تبكي؟ لقد ضربته ضربة خفيفة فبكيت، وبالأمس ضربتك ضربة موجعة فلم تبك، فقال الأب في حزن ولوعة: بالأمس ضربت جلدي واليوم ضربت كبدي فتأثر الدائن من هذا الموقف الأبوي الذي يدعو إلى الشفقة والعطف، فما كان منه إلا أن أسقط حقه وعفا عنه رحمةً ورجاء المثوبة من المولى، انتهى شبه هذ النص.
وهذا الموقف يذكرنا بهذا البيت على سبيل التوسع ورائحة المعنى حيث يقول:


وحسبك من حادث با مرئ
ترى حاسديه له راحمينا

فالأم المكلومة تناشد ابنها المتجاهل حقها بألا ينساها حتى ولو بعد الممات ويقدر حق الأمومة وأن يدع التسويف والتعللات لعدم حضوره إليها فلسان حالها يعتب عليه ويذكره بقول الشاعر:


يعلل والأيام ينقصن عمره
كما تنقص النيرات من طرف الزند

فالعمر ليس فيه متسع للتسويف والمواعيد التي لا تتحقق فما أقسى قلوب بعض الأبناء وأبلد إحساسهم ، أما علموا أن بر الوالدين وصلتهما والإحسان إليهما من أسباب جلب سعادة الدارين وسعة الرزق وطول فسحة العمر فياليت قساة القلوب من بنين وبنات يرعون حق الأبوين واحترامهما، والقيام بخدمتهما وعدم إغضابهما قبل رحيلهما، وإكرام صديقهما والترحم على الميت منهما فقد أوصى الله سبحانه بالإحسان إليهما فقال تعالى :« وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا.. الآية»، وأختتم هذه العجالة بهذين البيتين تذكرة:


غداً توفى النفوس ما عملت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم
وإن أساؤوا فبئس ما صنعوا

عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف
محافظة حريملاء

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved