أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 10th May,2001 العدد:10451الطبعةالاولـي الخميس 16 ,صفر 1422

عزيزتـي الجزيرة

للأمانة مفهوم واسع
إنها من ألزم الأخلاق للفرد والمجتمع
من الأخلاق الاجتماعية التي تدل على سمو المجتمع وتماسك بنيانه أن ينتشر في المجتمع خلق الأمان ومن بواعث الشكوى والقلق وازدياد الخصومات والجرائم أن تكثر الخيانة في الناس فلا يأمن صديق لصديقه ولا زوج لزوجته ولا أب لولده. ومن المجمع عليه لدى علماء الاخلاق والنفس والاجتماع ان الامانة من لزوم الاخلاق للفرد والمجتمع على حد السواء.. ويكاد لا ينازع في ذلك احد.. فمازلنا رغم ارتفاع الاصوات بالاقاويل من تحلل البعض الكثير من قيود الفضيلة والاخلاق .. بلا شك يا معشرالقراء نجمع على مدح المتخلق بالامانة وذم المتصف بالخيانة.. فما معنى الامانة وما حدودها؟ وما واقعها في حياتنا الاجتماعية الحاضرة؟ وفي الحقيقة ان كثيرا من الناس يحصرون الامانة في اضيق معانيها وحدودها. فيرونها قيام الانسان بحفظ ما يودع لديه من مال فان وفاه صاحبه كان امينا وان أنكره وتلاعب به كان خائنا وهذا وان كان من معاني الامانة الا انه في الواقع اضيق حدودها .. قال تعالى «إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً» وبديهي أن الأمانة هنا ليست حفظ مال فقط فذلك ما يفيده نص الآية ولم يقل به مفسر من المفسرين وانما نستشعر أن المراد بالأمانة هنا شيء تأباه طبيعة العوالم كلها إلا الإنسان وأن الإنسان وحده هو الذي اهل بطبيعته واستعداده للاتصاف بها. وبذلك يكون معني الامانة ملازما للعقل الانساني والروح الانسانية فأصبح تحديد الامانة الواردة في الآية هو التزام الواجبات الاجتماعية وأداءها خير اداء. ولعل هذا هو التعبير الحديث عن المعنى الذي ذهب اليه اكثر المفسرين في تفسير هذه الآية وهو طاعة الله تعالى واداء الفرائض التي شرعها الله للناس والتي يثاب فاعلها ويعاقب تاركها وهذا المعنى الصحيح لإباء السموات والارض والجبال ان تحمل الامانة لانه ليس في طبيعتها ان تعقل او تخضع غرائزها لقوانين الخير.. والانسان وحده من بين هذه العوالم. هو الذي يستطيع ان يتحكم في غرائزه وميوله. فيخضعها لمقاييس الحق ويكون بين الناس وفيا بما التزم به نحوهم من عهود عاملا على بث الطمأنينة في اوساطهم فان نكل بعد ذلك عن القيام بهذا الواجب كان خائنا للامانة عاملا على الاذى ظالما لنفسه ولمجتمعه جاهلا بما تجره الخيانة عليه وعلى الناس من شر وفساد وعلى هذا تكون الامانة شاملة للقيام بجميع التكاليف والالتزامات الاجتماعية ولامانة الاخلاق اكتمال مفهوم الاسلام انه عقيدة وشريعة واخلاق والاخلاق يا معشر القراء كما اسلفت انها امانة في الطابع الذي يطبع العلاقات والروابط كلها بطابع الالتزام بالاخلاق فان الانسان في الحياة مكلف وله امانة في اخلاقه ومن المفهوم أن الاخلاق في الاسلام تقوم على قاعدة التقوى بمعنى الاتقاء من الشر والفوضى والاساءة وقد ربط الاسلام بين مفهوم الاخلاق وبين التطبيق العملي ورسم للناس قواعد العمل الصالح الذي ينبغي ان يسير عليها الناس استمداداً من القرآن الكريم والسنة النبوية ومن الاخلاق الفاضلة افشاء السلام كما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا تحاتت عنهما ذنوبهما كما يتحات عن الشجرة ورقها»، اذن يا معشر القراء تتسم الاخلاق الاسلامية للمسلم بسمة الثبات وثبات الاخلاق من ثبات القيم العليا التي يتحلى بها الفرد منا هذا ويربط الاسلام بين العقيدة والاخلاق فهما حقيقتان لا تنفصلان والقرآن الكريم اصل الاخلاق الاسلامية وليس في الاسلام انفصال بين الكلمة والسلوك العملي للاخلاق والصلة بين العقيدة والاخلاق عميقة جدا حتى انها لتبلغ حد التوحيد بينهما، فالعقيدة وسيلة لتكوين الخلق والاخلاق مستمدة من العقيدة ولا غنى لصاحب الاخلاق ومن امانة الاخلاق شطر كيان متكامل رباني المصدر وفي الحديث «ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة» وفي الحديث ايضا من سعادة المرء حسن الخلق ومن شقاوته سوء الخلق ومن امانة الاخلاق الفاضلة تشيد بالمبادىء الطيبة وما لها من آثار في إعداد الفرد خلقيا والمجتمع، كما تنهى عن الرذائل والنقائص لما لها من آثار ضارة على الفرد والمجتمع وفي الحديث «إن الله كريم يحب الكرم ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها» وقال صلى الله عليه وسلم «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً» جعل احسن الناس خلقا من احب عباد الله اليه، اذن يجب علينا يا معشر القراء التحلي بأمانة الاخلاق الفاضلة لنصل بعد هذا الفهم الواسع لهذه الجوانب المختلفة للامانة. هذا واسأل رب العزة والجلال ان يجعل ما سطرته خالصاً لوجهه الكريم وينفع به ويدخر لي ثوابه عنده في موازين حسناتي.
هذا وللقراء فائق التحية ومزيداً من الاحترام.
فهد بن عبدالله العون
باحث قضايا بمقام امارة منطقة الرياض

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved