أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 11th May,2001 العدد:10452الطبعةالاولـي الجمعة 17 ,صفر 1422

مقـالات

الدفاع المدني بين الحقيقة وغيرها
عبدالله العبدالعزيز القنيعير
الخوض في قضايا الشأن العام بتجرد وموضوعية حق مشاع لكل صاحب رأي ورؤية.. ومن أبرز هذه القضايا ما يتصل بالانسان من شؤون.. وشجون.
ولان الكلمة امانة ومسئولية فان النقد الهادف لا شطحات فيه.. ولا خيال جامح.. يمارس دون خوف او تردد في ظل حرية رأي منضبطة لا تخشى في الحق لومة لائم. واذا كان الكاتب يؤثر ويتأثر بما ينداح حوله من اوضاع ومستجدات.. ولما كان النقد فضاء فسيحاً لا تظلله سقيفة.. ولا تحده جدران لا يتحقق بعروض مسرحية فجة.. ولا ينشأ الا تحت أفياء معلومة موثقة.. ورؤية واضحة.. ونية حسنة.. وهو في النهاية.. حسنة او حسنتان. هناك طروحات ناقصة تفتقر الى الدقة.. وأحياناً يكون تناول قضية ما أكبر من حجمها الحقيقي ناهيك عن الحماس المفرط في الطرح والتأويل الذي عادة ما يأتي بنتيجة مقلوبة غير مقبولة.. لا تحقق الهدف! أعرف أن بيننا من هو مغرم بالتعميمات.. تتنازعه أهواء الكيد الرخيص.. والتلذذ بالتشويه.. يخالف في براءة مموهة كي يُعرف لكن شتان ما بين النقد الهادف.. والنقد المغرض اذ ان المسافة بينهما شاسعة لا تغيب عن الاذهان.
اقول قولي هذا بناء على ما تعرض ويتعرض له جهاز الدفاع المدني.. بمناسبة وبدون مناسبة من نقد جارح يفتقد الموضوعية، فالمديرية العامة للدفاع المدني بفروعها المنتشرة في المناطق الادارية الثلاث عشرة، من اكثر اجهزة الدولة اهمية ومسئولية في السلم والحرب ازاء المحافظة على الارواح والممتلكات.. ووضع شروط الامن والسلامة في المنازل.. والمكاتب.. والمصانع.. والمزارع.. والمستودعات.. والمرافق.. وما في حكمها.. وتطبيق الاجراءات الوقائية.. ومع ذلك فقد يكون هذا الجهاز الاكثر انتقاداً واتهاماً بالعجز والقصور! في رأيي المتواضع ان معظم ما يكتب في الصحف.. ويقال في المجالس عن هذا الجهاز يفتقر الى الدقة.. ويتسم بالمبالغة المفرطة لكن ذلك لا يعني ان الدفاع المدني بلغ درجة المثالية في أدائه.. او أنه يعيش تضخم الذات لا يقبل نقداً او عتاباً!.
والامثلة تفوق كل حصر وإحصاء:
* يلتهم حريق مستودعاً عفا عليه الزمن يحتوي على مواد قابلة للاشتعال والانفجار، ويفتقر الى ابسط شروط السلامة فيتهم الدفاع المدني بالتقصير!
* تنهار عمارة بسبب مخالفات لنظام البناء، او تلاعب من المقاول في المواصفات فيتهم الدفاع المدني، والاولى ان تحاسب البلدية التي تم البناء وفق تصريح حدد تحت سمعها وبصرها!
* يلصقون بالدفاع المدني فرية التأخير عن الوصول الى موقع الحرائق او الكوارث مع ان هناك عوامل خارجة عن ارادته ورغبته كتأخير البلاغ، واتساع المدن السعودية، وازدحام حركة السير، وتجمهر الناس في موقع الحادث بدافع الفضول وحب الاستطلاع، بل وتدخل بعضهم في اعمال الدفاع المدني!
* يحمّلون الدفاع المدني وزر تدني مستوى الوعي بين بعض المواطنين والوافدين والحجاج والزائرين مع ان التوعية هذه من مسئولية اكثر من جهة الدفاع المدني احدها، والامل معقود على الحملة الاعلامية التي يجري الاعداد لها باشراف مباشر من صاحب السمو الملكي الامير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، مساعد وزير الداخلية للشئون الامنية، الذي اشار في كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر الثامن عشر للدفاع المدني الذي عقد في شهر شوال الماضي تحت شعار )التقنيات المتطورة استعداد ومواكبة( الى ان هناك اسساً من سلامة الفكر وصحته في اطار من المصداقية والاخلاص والأمانة واستثمار معطيات العلم بما يكفل المواكبة ودقة النتائج(.
* تنفجر أنبوبة غاز فتسبب حريقاً فلا يجدون أمامهم سوى الدفاع المدني متجاهلين مسؤولية شركة الغاز الوطنية عن تسويق اسطوانات أكل عليها الصدأ وشرب تحيط بها الكدمات من كل جانب!
* ولقد بلغ تجني البعض الزعم بأن رجال الدفاع المدني لا يجيدون استخدام السلالم المحمولة على جانبي عربات الاطفاء ويجهلون التعامل مع المواد الخطرة ويفتقرون الى التدريب ومعرفة الاسعافات الاولية ووسائل الانقاذ المختلفة!
* يحدث حريق في مبنى قديم متهالك فينهار المبنى تحت وطأة الحريق وليس هناك من يتهم بالتقصير سوى الدفاع المدني!
* وعندما يذهب احد منسوبي الدفاع المدني شهيداً للواجب يصبون جام الغضب على الدفاع المدني!
* الخطأ البشري وارد.. والاجتهاد قائم.. والإجراء الاداري في اللحظات الحرجة قد يصيب وقد يخطئ.. لكن هذه الاسباب لا تنتقص من دور جاهزية وتضحيات الدفاع المدني ومنسوبيه، ولا تقلل من شأنه. وعلى افتراض حسن النية لا أرى مصلحة في الفرقعات الصحفية وتشويه صورة الدفاع المدني بل المصلحة في زرع الثقة في نفوس الناس به واستثارة مشاعر الاعتزاز والتقدير لرسالته الانسانية وروح التعاون البناء خدمة للمصلحة العامة.
انها دعوة لرجال الفكر والرأي والقلم ان يكونوا اشد دقة.. واكثر انصافاً عندما يتناولون شؤن الدفاع المدني واي شأن عام آخر.. فهم الاكثر قدرة على تجسيد صور لها علاقة بالواقع.. يمازجون بينها.. ويدامجون المشاعر.. دعوة ارجو قبولها من زميل يمحضهم النصح، والله المستعان.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved