أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 13th May,2001 العدد:10454الطبعةالاولـي الأحد 19 ,صفر 1422

مقـالات

خذ وخل
تأملات على هامش أزمة الماء «..أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً..»
حمد بن عبدالله القاضي
حقاً لا تعرف تاج الصحة إلا عند المرض.
ولا تدرك احتراق الظمأ إلا عند فقدان الرواء.
لقد ظللت طوال «أزمة المياه» التي عاشتها الرياض أتأمل حالي وحال الناس عندما نقص الماء لأيام معدودة، وقلت أحاور نفسي: أجل ماذا لو غارت المياه، وانعدم الماء؟
ما هو حال الناس إذن وهم الذين اعتادوا أن يجدوا الماء متدفقاً بين أيديهم بلمسة بسيطة لصنبور بالجدار!.
عندها حمدت الله ـ أولاً ـ وتذكرت قوله تعالى: )..أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين( سورة الملك: الآية 30.
ومن هنا
فإن هذه الأزمة العابرة تجعلنا نشكر الله على نعمة الماء أولا ثم مع الشكر ندرك ضرورة ترشيد هذه النعمة عملاً لا قولاً، وترشيداً لا تنظيراً..!

لندرك جميعا أن بلادنا ليست بلاد أنهار عذبة ولا مياه حلوة تحت الأرض بل ان جالون الماء الذي يصل إلى منازلنا يكلف اقتصادنا الوطني كثيراً كثيراً.
إن تكلفة «جالون الماء العذب» لا تقل عن «تكلفة جالون البنزين».!
********
ثانياً: على الرغم من أن الأزمة كانت مفاجئة وبخاصة لمصلحة المياه بالرياض المسؤولة عن توزيع المياه التي تصل إليها من مصادرها لكنها استطاعت ـ حسب إمكاناتها ومع صعوبة الأزمة ـ وهل أشد أزمة من نقص أو فقد الماء الذي فيه حياة البشر والشجر؟.. لقد استطاعت المصلحة ومنسوبوها أن يتعاملوا مع هذه الأزمة بشكل موفق مما خفف كثيراً من حدة الأزمة.
وقد كان المسؤول الأول بالرياض مع المصلحة يسأل ويتابع ويوجه بالحلول دون انتظار لجان أو اجتماعات وأعني هنا سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي تابع هذه المشكلة فكان ان اصدر التعليمات الفورية الموفقة للمصلحة التي كان من شأنها ان حدت من هذه الأزمة، ويسرت حصول الناس على الماء حتى تعود المياه إلى مجاريها.
********
ثالثا: خلال الأزمة جمعني مجلس مع أحد كبار السن «جيل الشظف» كما يسميهم الأديب الراحل محمد حسين زيدان ـ رحمه الله ـ وكان المجلس بحضور عدد من «جيل الترف».
وقد حكى هذا الرجل السبعيني لي وللحضور معاناة الناس آنذاك في هذه الأرض عندما يريد قطرة ماء فلم تكن هناك أنابيب تصل المنازل، ولا صنابير تلمسها فينهمر الماء، ولم تكن هناك تحلية.. ولا «خزانات» ولا خلافها.. والمترف آنذاك من كان لديه «بئر» وسط بيته «يزعب» منها الماء عندما تدر.. أما عندما تجف فالأمل بالله ثم نزول المطر الذي كان الناس به يستبشرون فعلا لأنه كان يعني انقاذهم من الفناء.
ولقد ظللت والحضور عندما كان هذا الرجل الكبير يتحدث نتأمل كثيراً بين واقع معاناة الأجداد الذين كانوا يعانون طوال عمرهم مع أزمة انعدام الماء، ونحن عندما مرت علينا أزمة طائرة شكونا وصرخنا وكأن ماءنا قد أصبح غوراً..!
*******
وبعد..!
إن الأمم تستفيد مما يمر عليها.
وأستشرف أن نكون استفدنا وأدركنا من خلال أزمة الماء العابرة التي مرت علينا بالرياض والتي أرجو أن تكون عابرة ولا تعود مرة أخرى.
أقول لعلنا استفدنا وأدركنا أهمية «قطرة الماء» في بلد لا أنهار فوق ارضه ولا مياه صالحة للشرب تحت أرضه..!
وأستشرف ـ أخيراً ـ أن يستمر أسلوبنا الترشيدي للماء الذي طبقناه خلال الأزمة الطارئة، ولندرك جميعاً أننا إذا لم يكن هذا الترشيد هو أسلوبنا وخيارنا الدائم فقد تأتينا أزمات مياه أشد وأكثر.
ان توليد طاقة الكهرباء أمره يهون أمام توفير الماء.. فالأول يتوقف على زيادة «مولدات كهربائية» لكن الماء موضوع آخر.
إن أمره لا يتوقف على توفير مكائن وأنابيب وصنابير، لكن أمره يتوقف على وجود هذا الماء الصالح للاستعمال على هذه الأرض وتحتها.
********
إنني أتطلع أن تبدأ وزارة الزراعة ومصالح المياه بحملة توعية جديدة مكثفة، وأجزم ان الناس سواء بالرياض أو غيرها سوف يتفاعلون معها بعد أن جربوا معاناة نقص الماء، ومن هنا فإن الجرعة التوعوية ستكون مجدية ونافعة جداً بحول الله.
وليكن تركيز الحملة على إشعار الناس بأن المشكلة تكمن في شح الماء في أرضنا وليست المشكلة في استخراج الماء أو تحليته أو توزيعه أو اعتماد بنود مالية يضاف إلى صعوبة الأمر زيادة أعداد السكان والإسراف في الاستخدام..!
لنرشد جميعاً قبل أن نبحث عن قطرة ماء فلا نجدها.!
والعاقل من اعتبر مما يراه.
وأحسب أننا كلنا عقلاء إن شاء الله.!
*******
آخر السطور:
«وجعلنا من الماء كل شيء حي» سورة الأنبياء: الآية 30.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved