أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 13th May,2001 العدد:10454الطبعةالاولـي الأحد 19 ,صفر 1422

مقـالات

شدو
تداعيات..!
د. فارس بن محمد الغزي
قَدَر العرب أن تكتظ! أجسادهم بالغرائز «الشفاهية» الأمر الذي جعل من التدوين! أو التأليف لدى الأواخر منهم - كما كان لدى الأوائل - حرفة غير مجدية نتاجها الفاقة والإملاق استدلالاً بأنها كانت منذ البداية من نصيب «العمالة!» غير العربية، حتى لو كان الأمر يتعلق بمجالات العلوم العربية ذات الخصوصية العقدية والقومية المستهدفة آنذاك بالتشويه من قبل الشعوبية وغيرها من الملل والنحل المنحرفة. هذا ومن المعلوم أن الغرائز الشفاهية غرائز غير استقرائية مما يفسر حقيقة كون العرب ظاهرة صوتية، كما وصمهم القصيمي رحمه الله، بل على الرغم مما توحي به عبارة «أدركته حرفة الأدب!» من تندر في الظاهر، ففي باطنها يقبع الألم المؤكد لحقيقة أن العرب بالفعل أمة شفاهية تجيد النطق فقط وذلك لكونها لا تمتلك الميل الغريزي لأن تعتكف وتنعزل بحثاً وتأليفاً وتنقيباً وتدويناً، والكلمة الأخيرة هذه - وأعني التدوين - أوردتها هنا عن «وعي» بحيثياتها التاريخية من حيث إنها كلمة تناسب ماضياً سحيقاً كان الإنسان البدائي - ومعه كل العذر - يصارع فيه الظروف القاهرة في سبيل تعلم الكتابة. إننا - شئنا أم أبينا - أمة شفاهية رغم التنميق ورغم تكدس أرتال الورق حوالينا، وهنا لست أتحدث عن ورق «البردى أو المهارق!» بل ورق الحرير الكمبيوتري الرهيف المصقول الزاهي والملون كذلك في بيئة قدرها استنبات غرائز التلون عن طريق ادعاء عمى الألوان، فيما عدا اللونين الأبيض والأسود!
إن العرب لم يُعهد عنهم - تاريخياً - ميلاً خاصاً للكتابة أو التأليف بدليل اضطلاع العلماء «الأجانب!» بهذه المهمة واسألوا الجاحظ وسيبويه وحتى الغزالي، صاحب ابن رشد «العربي!»، غير أن أوائلنا في الحقيقة قديكون لديهم العذر في أن مسؤوليات القيادة والامارة والفتوح قد ألهتهم عن الكتابة، ولكن هذا العذر النادر حقاً لا يتوفر لنا نحن عرب هذا الزمان من حيث إننا لم نفلح لا في الجبهات ولا في المكتبات، وقبل أن اُتّهم بالتّجني إليكم بهذه الأرقام المؤسفة التي يشهد على حياديتها حقيقة أنها صادرة من هيئة دولية تُعنى بشؤون الثقافة، وأعني بذلك منظمة «اليونسكو» التي لم تنغمس في شؤون السياسة العالمية فيتهمها العرب بالتجني والتزوير كدأبهم مع غيرها من المنظمات الأخرى، خصوصاً منظمات حقوق الإنسان!
حسناً تقول أرقام هذه الإحصائية الحديثة ان مجموع الإصدارات والمؤلفات سنوياً في العالم العربي يبلغ ما يقارب من 6759 مؤلفاً بينما في دولة كإسبانيا - وهي دولة تعتبر متخلفة نسبياً طبقاً لمعايير الدول الأوروبية - يصل مجموع الإصدارات إلى ما يناهز من 41816، أي بفارق قدره 35057، خصوصاً في ظل الحقيقة المتمثلة في أن مجموع سكان العالم العربي يبلغ ما يقارب 250 مليوناً مقارنة بمجموع السكان في اسبانيا والبالغ 39 مليوناً!! بل إليكم بالأنكى من ذلك حيث تفيد الإحصائية المذكورة أن نصيب الدولة الصهيونية - ذات 5.4 مليون نسمة - من الإصدارات يصل إلى ما يقارب من 4608 سنوياً.
ما الأمر، ما الخطب؟!.. أعتقد أن شفاهية العرب الغريزية قد أدت إلى عملية تدوير فكرية اجترارا لمحاور فكرية باهتة تحت ذريعة الصيانة الفكرية، بينما باعثها - النفسي - الحقيقي هو حقيقة أنه ليس في حاضر العرب ما يُشرّف العرب كمرجعية نفسية/ حضارية، وإلاّ كيف تتأتّي صيانة فكر شخصٍ جسده يشارف على الانقراض من تكالب الأمم عليه؟.. بحوزتي كذلك أرقام أخرى توضح ضآلة أرقام التمويل العلمي للأبحاث العلمية في العالم العربي مقارنة بما هو لدى الآخرين، غير أن ضيق الحيز يدعوني إلى الاكتفاء بالقول إن البحث العلمي أمر غير ذي بال نسبة إلى العقلية الشفاهية وما ذلك إلا بسبب أن للعلم طبيعة تراكمية، بمعنى أنه يستغرق وقتاً ليحدث تأثيراً في البيئة، في حين أن العقلية الشفاهية عقلية تؤمن فقط بالمحسوس المباشر المتجسد بطريقة «فورية!»...
خاص بقراء وقارئات شدو:
أعتذر عما لحق بمقالة الخميس الماضي من خلط في الإخراج بين فكرتين مستقلتين كان من المفترض أن يتم الفصل بينهما، وعذري أن المقالة سُلِّمت من قبلي للجريدة مطبوعة، منظمة، موضحة المقاطع...
ص ب 454 رمز 11351 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved