أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 13th May,2001 العدد:10454الطبعةالاولـي الأحد 19 ,صفر 1422

الفنيــة

المخرج الأردني محمد عزيزية ل )الجزيرة(:
رداءة بعض الأعمال السعودية بسبب جشع المنتج المنفذ!
ابحثوا عن مشكلة الدراما السعودية الأساسية
* حوار - عبدالرحمن اليوسف:
محمد عزيزية ذلك المخرج الذي أحدث نقلة كبيرة في الإخراج الدرامي حتى استطاع «بالفنتازيا» الإخراجية ان يصبح مدرسة كبيرة تضم في أروقتها الكثير من المخرجين العرب.
بدأ تجربة «الفنتازيا» بمسلسل «البركان» ولكن هذه التجربة لم تأخذ حقها من الانتشار مما جعلها - عند الكثير - تخوض في عالم المجهول. غاب عن الساحة الإخراجية فترة طويلة ليعود في مسلسل «الفوارس» وبنفس الأسلوب الذي غاب به وفجأة يخرج أحد طلاب مدرسة «عزيزية» ليصف العمل بالنسخة «التايوانية».. بعد عودته عمل عزيزية في المملكة وقدم أعمالا مميزة «القصر» و «أساطير شعبية» تعامل من خلالها مع الفنان السعودي، وأيضاً مع المتلقي السعودي واطلع أيضاً - من خلال عمله - على مشاكل الدراما السعودية.. في حوارنا هذا حاولنا أن نسلط الضوء على تلك القضايا - إن صح التعبير - فجاءت الإجابات واضحة من المخرج الكبير... فماذا يقول:
دراما المواسم!
* ماهو سبب ابتعادك في الفترة الأخيرة عن الساحة الفنية في المنطقة الخليجية؟ حيث إنه لايلاحظ تردد اسمك بكثرة مثل بقية المخرجين؟
- أنا لا أعرف لماذا لايلاحظ اسمي بكثرة في منطقة الخليج لكني عملت كثيراً في المنطقة وأخرجت عدة أعمال فعلى سبيل المثال في السنة الماضية قدمت «الفوارس» ووزع في الخليج وكان عرضا أوليا، وقبلها قدمت «البحر أيوب» وقبلها أيضاً «السوق السوداء» وكذلك «القصر» وأخيراً «أساطير شعبية» والمشكلة في اعتقادي هي الموسم فنحن نسعى للموسم في رمضان إضافة إلى التكلفة العالية للأعمال الجيدة والقوية مما يجعلنا نقف بلا عمل لذلك نحن نضطر إلى عمل مسلسلات بتكاليف أقل تجدها ليست بالمستوى المطلوب وهذا مايحدث بالفعل والقضية أيضاً تخضع إلى العرض والطلب.
الرقابة... الرقابة
* قبل الأعمال التي ذكرتها لم يكن اسمك متواجداً بينما ظهرت أسماء كثيرة هل أعمالك كانت أقل مستوى مما يجب؟
- أعمالي لم تعرض في السعودية ومن وجهة نظر خاصة لديكم رقابة شديدة على الأعمال ولها متطلبات خاصة جداً تقيد أي شخص، وإذا أردت أن تخرج عملاً جيداً فستقدم عملاً مختلفاً مع الرقابة السعودية وإذا أراد التلفزيون السعودي أن يعرضه فهذا يعني أنه سيقص منه الشيء الكثير مما يفقده الكثير من قيمته الفنية أو حتى من مضمونه.
وهناك ابتعاد آخر... فقبل الفضائيات كان هناك عمل تمت ترجمته إلى الروسية والتركية وقد حصل على جائزة ذهبية في سوريا واسمه «البركان» وهذا العمل لم يعرض في التلفزيون السعودي وقد تم عرضه قبل انتشار الفضائيات.
وعندما انتشرت الفضائيات كنت قد تحولت إلى الأعمال الوثائقية لفترة أربع سنوات قضيتها في التجوال داخل العالم العربي لاخراج تلك الأعمال الوثائقية بعيداً عن الدراما وفقط الحنين هو الذي أعادني للدراما أما أنا فلم أفكر في العودة.
* وهل الرقابة هي المشكلة الحقيقية للدراما السعودية؟
- نعم وهي المشكلة الأساسية وهي أيضاً مشكلة الفنان فإذا أردت أن ينطلق الفنان السعودي ويصل إلى العالم العربي فيجب أن ترفع عنه القيود لأن المقاييس السعودية وتلك المقاييس تدخلك أحياناً في غير المعقول، وأنا أقول إن الفنان السعودي إذا لم ينطلق فسوف يبقى في أرضه وإذا بقي في أرضه فلن يصبح معروفاً وكل فنان لديه نوع من النرجسية مما يجعله يسعى إلى الظهور، والسعودية دولة مليئة بالتراث والتاريخ الذي يخص كل عربي ومسلم فهي منبع الإسلام والجذور العربية ممتدة من هنا لذلك يجب أن تكون لها الريادة في الإعلام الفكري الثقافي وكذلك يجب ان تكون لها الريادة في الأعمال على المستوى العربي ويجب أن تنتج لا أن ينتج لها وأنا أرى أن التلفزيون السعودي ليست لديه الريادة في الأعمال الفنية ونحن نعرف انه بدون الفن لاتوجد حضارة فالفن جزء من الحضارة، وإذا كان لديك رقي حضاري فإنه من المحتم ان يكون لديك رقي فني.
دافعية العروية!
* أنت مخرج من الأردن ولكنك تخرج أعمالاً تراثية سعودية كيف تفسر ذلك ولنجعل مسلسل «أساطير شعبية» مثالا على ذلك؟
- أولا «أساطير شعبية» ليس تراثا محكوراً على السعودية هذا تراث عربي وأنا عربي وجار لكم في الأرض وبداوتي مازالت مستمرة وكلنا نسير في خط واحد إذاً هذا التراث لنا جميعاً.
ويجب على كل عربي في خارج السعودية وعلى كل شخص في العالم ان يتابع هذا المسلسل ليرى ماذا لدينا.
فأنتم لديكم ممثلون كبار وإذا عدت إلى ماضيهم وجدت ان انتشارهم والمرتبة التي وصلوا إليها كانت بسبب الأعمال المشتركة سواء في مصر أو سورية أو الأردن ولكن بالنسبة للفنانين الصغار أصبح المجال لديهم ضيقاً ليس كما كان في السابق فمصر الآن غير موجودة ومغلقة الأبواب وحتى لو كانت موجودة فتكلفتها عالية جدا لذلك يجب البحث عن حلول وأنا حقيقة أتساءل لماذا تعرض الأعمال الخليجية في كثير من الدول العربية في الوقت الذي لا نرى فيه الأعمال السعودية حتى على الشاشات الخليجية إلا ماندر مثل «طاش ما طاش» وهذا يحسب للشركة التي أنتجته فهي الشركة الوحيدة التي استطاعت ان تميز نفسها وتتعدى الحدود الجغرافية أما بقية الأعمال فلا تشاهدها لأنها عملت «بسوية» رديئة وأيضا هناك مشكلة أخرى لديكم هي «المنتج المنفذ» يأتي فلان وعلان ويقدمان نصوصا وتجاز هذه النصوص وتنتج ويدفع لهم أجرهم والمنتج يأخذ أجر هذا العمل ويضعه في جيبه ولايسأل كيف طلع هذا الممثل وكيف سيصل والتلفزيون السعودي بدوره يعرض هذا العمل إما قبل الأخبار أو بعدها.
أول تجربة فنتازية
* مسلسل «البركان» كان بداية الفنتازيا والفضل في ذلك يعود إليك في تأسيس مدرسة الفنتازيا ولكن هذه التجربة لم تخدم إعلامياً؟
- لا... العمل خدم إعلامياً وكان العمل في وضع مميز جدا الأمر الذي جعله ينتشر في الدول العربية في شكل جميل جدا ولكن تلك الفترة فترة مغيبة والضجة الإعلامية مهمة جدا لأي فنان وعندما يكون الشخص مشاكسا في الصحف فسينتشر الخبر بسرعة وأنا لست مشاكسا ولا أحب أبدا ان أعمل لقاءات صحفية وأعمالي تتحدث عن نفسها أما بالنسبة «للبركان» فبالفعل كان تجربة أولى بالنسبة للفنتازيا في العالم العربي فقط فقد كانت هناك أعمال فنتازية في أمريكا ومازالت تنتج بصورة دائمة ومستمرة في نطاق أجمل وأرقى مما نعمله نحن لأننا نقدم أعمالنا بميزانية محدودة جدا وضئيلة.
وإذا قيل عن مخرج ما إن أعماله هندية فإن ذلك القول هو أكبر مدحة يحصل عليها مخرج فأنا أتمنى من كل قلبي أن نصل بأعمالنا إلى مستوى الأعمال الهندية لأننا مانزال في وادٍ وهم في وادٍ آخر ولم نصل إلى تلك السوية فهل هذا بسبب القيود التلفزيونية أم بسبب الأجور؟ لا أدري فالأمور تسير في متاهات وجميعنا نعرف واقع التلفزيونات العربية ومن يديرها.
* ولكن هناك قنوات فضائية وتقدم أعمالاً راقية؟
- الفضائيات التي لاتخضع ملكيتها للحكومات لها مزايا خاصة ولها تقدير خاص للأعمال الدرامية وذلك لاستقطاب المشاهد وهي في الأساس تبحث عن المشاهد أينما كان وأكبر دليل على ذلك المسابقات التي انتشرت والتي تدفع فيها الفضائيات مبالغ كبيرة.
وهذه هي اللعبة، أن تستقطب المشاهد بأعمال ضخمة ومهمة ومميزة وهذه الأعمال لها تكلفة وسوية معينة إذا لم تدفع فلن يعرض العمل وأنا أرجع لأدعو التلفزيونات الحكومية لإعادة النظر في تقييم الأعمال الدرامية والمسألة ليست فقط تعبئة أشرطة وعرض لمدة ستين دقيقة إذا نقصت لو ثانية واحدة فسيخصم حقها، هذا هو التقييم الخاطئ فالتقييم يجب ان يكون فنيا وعلى قيمة العمل وكيفية استقطابه للمشاهدين فالمسألة تدخل فيها الإعلانات التجارية التي لا تأتي إلا إذا تميزت الأعمال في تلك القناة أو المحطة ومن هنا يأتي المردود المادي.
* في تجربة «البركان» لم يتم تسليط الضوء على المخرج بل على العمل.... لماذا؟
- يا أخي في عالمنا العربي أكثر المحطات لاتضع حتى اسم المخرج وهذا جهل إعلامي فاللوحة الفنية ليس لها قيمة إذا لم تحمل توقيع الفنان والمخرج بمثابة الفنان الذي يضع توقيعه على لوحته فيجب أن يعرض اسم المخرج ليكون للعمل قيمته.
اندفاع.. والمسارح فارغة!
* أنت عملت أكثر من تجربة للتلفزيون السعودي في «القصر» و«حكايات الزمان» و «أساطير شعبية» والعمل الذي تقوم باخراجه حاليا «أيام من العمر» كيف ترى الدراما السعودية والفنان السعودي في ضوء تلك التجربة؟
- أحسست ان الفنان السعودي مندفع ويتمنى أن تكون لديه فرصة ويسعى إلى أن يقدم شيئا ولكن الفنان وحده لايستطيع أن يفعل شيئاً فالأمر يتطلب مخرجين جيدين وأيضاً إلى أن يفسح المجال بشكل واسع لابطريقة المنتج المنفذ الأهم من ذلك هو أن نفسح المجال بأعمال جيدة ليكون لديك فن بمعنى كلمة فن فأنتم في السعودية تفتقدون للمسرح ولاتوجد عندكم حركة مسرحية ومسارحكم فارغة من الجمهور لماذا؟
لماذا السعودية بعظمتها ومكانتها دوليا وعربيا مسرحها مهمش وهو الفن السابع والتلفزيون فيها يفتقر إلى الأعمال الضخمة.
نسخة«تايوانية»!
* في أحد اللقاءات ذكر المخرج نجدت أنزور أن مسلسل «الفوارس» الذي قمت أنت بإخراجه نسخة «تايوانية» لمسلسل «الكواسر» الذي قام هو بإخراجه.
- بمشاهدة النسخة التايوانية يتبين لك أي نسخة هي التقليد.
وأنا أقصد أن النسخة الأصلية هي الأصلية والتقليد هي التقليد مهما كانت الصناعة إذن ما هو العمل الأصلي وماهو العمل التقليد فقط بالمقارنة يتبين أيهما الأصل وأنا لا أقلد الآخرين فقط هم الذين يقلدونني والجميع قلدني بداية من الذي كان يعمل على يدي ويراقب ماذا أعمل إلى غيره وغيره. وأنزور لم يقف عند هذا بل تحدث عن قضية الدخان الذي استعملته في مسلسل «القصر» قبل «الفوارس» وقبل عشر سنوات استعملته في «حكيم الزمان» وقبل ذلك في مسلسل «البركان» فالدخان دائماً مرافق لأعمالي فإذا كان هذا الكلام هو حجتهم فهي مردودة وأنا حقيقة لاأرد على أحد وهذا هو الأفضل فالفن تاريخ والحركة الفنية مرصودة والتاريخ وحده هو الذي سيكشف الصالح والطالح.
* ننتقل إلى مسلسل «أساطير شعبية» فالمسلسل يقع في حلقات منفصلة وكل حلقة لها رؤية اخراجية مختلفة ولها نجومها كيف استطعت ان تتعامل مع الكم الهائل من الأسماء ومع تنوع الحلقات؟
- كل عمل له رؤيته الخاصة وطريقة معالجة خاصة وكل حلقة في هذه الحالة - لها طريقة معينة وخاصة للمعالجة وهذا الشيء بالنسبة لي جدا عادي.
* ربما لايعرف أحد أن مابين تجربة «الفوارس» وتجربة «القصر» سوى 48 ساعة من خروجك من تجربة ودخولك في تجربة أخرى جديدة على الدراما العربية وليس السعودية فقط هذه التجربة «القصر» لم تجد النجاح بعد عرضها في التلفزيون السعودي.. ماتعليقك؟
- حالياً المسلسل يعرض في أكثر من قناة فضائية والعمل مطلوب بشكل كبير فهناك عدة قنوات فضائية تقدمت بطلب المسلسل لعرضه.
ومسألة النجاح ترجع إلى الذوق العام في بلد معين فعلى سبيل المثال الكبسة السعودية هي المفضلة عندكم ولكن قد لايفضلها الناس في سورية أو الأردن وهنا وجد المشاهد السعودي في «القصر» نوعا من التغريب لذلك لم يتقبله عند العرض الأول، وهذا العمل حقيقة فيه جرأة كبيرة من مؤسسة الهدف التي أنتجت العمل وتشكر على ذلك.
* هل تؤيد تكرار تجربة الأساطير بحكم أن الأساطير كثيرة؟
- هي تجربة جميلة ولكنها صعبة فهي حلقات متنوعة وتحتاج إلى الكثير من التركيز والعناية وأيضاً مكلفة ماديا فتكلفته كانت مثل تكلفة «الفوارس» بلا مبالغة.
* هل تؤيد استمرار محمد عزيزية مع «أساطير شعبية» في حال أنها قدمت مرة أخرى أم ترى أنهم سيقعون في مأزق التغيير؟
-ربما يجدون مخرجا آخر تكون رؤيته الاخراجية أفضل من رؤيتي وأنا لا أتطلع إلى ذلك وكل مخرج له رؤيته الخاصة ولكن دائماً تبقى التجربة الأولى راسخة في ذهن المشاهد، وسيقول المشاهد عند رؤية التجربة الثانية إن التجربة الأولى أفضل وإذا استمر العمل فسيكون هناك تشابه كبير ولن أقول مثلما قال غيري إنها نسخة تايوانية مقلدة لأن ذلك المخرج قد يقدم العمل أفضل من تقديمي أنا.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved