أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 18th May,2001 العدد:10459الطبعةالاولـي الجمعة 24 ,صفر 1422

مقـالات

وصية عمرو.. وواقعنا التربوي
ابراهيم بن سعد الماجد
قال عمرو بن عتبة لمعلم ولده: ليكن اول اصلاحك لولدي اصلاحك لنفسك، فان عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما صنعت والقبيح عندهم ماتركت علمهم كتاب الله، ولا تكرههم عليه فيملوه، ولا تتركهم منه فيهجروه، روّهم من الحديث اشرفه، ومن الشعر اعفه ولا تنقلهم من علم الى علم حتى يحكموه، فان ازدحام الكلام في القلب مشغلة للفهم.. علمهم سنن الحكماء.. وجنبهم محادثة النساء وتهددهم بي، وادبهم دوني، وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء، ولاتتكل على عذر مني، فاني قد اتكلت على كفاية منك.أ.ه هذه وصية عمرو لمعلم ولده، لادراكه ان التعليم بالقدوة اهم من التعليم بالتلقين قال ذلك وهو لم يعاصر واقع تعليم هذه الأيام، لم يخالط معلمي ومعلمات هذا العصر حيث القدوة مفقودة والهيبة معدومة، والتقدير مهزوم.
التعليم بالقدوة ذلك الشيء الاساسي في المسألة التربوية فُقد بالكلية من مدارسنا بنين وبنات وعلى مستوى البنات اكثر، فلم تعد المعلمة ذات شخصية تربوية مؤثرة، ولم يعد المعلم صاحب كلمة توجيهية نافذة.
في سلوك الابناء نرى عجبا، وعندما نسأل نجد المعلم كله عجبا.. نسمع من البنات مالا نرضى فاذا تحققنا اذا هناك معلمة تحتاج الى تعليم وتوجيه وارشاد. في مسألة السلوك والاداب حدث ولا حرج فلم تعد مهمة المعلم والمعلمة مهمة سلوك وتربية واخلاق.. وانما هي فقط تدريس وتقويم لتحصيل لما هو بين دفتي كتاب قُرِّر!! نسمع هذا حلال وهذا حرام من ابناء لم يعوا بعد خطورة هذه الكلمة فاذا فتشنا فاذا هي صادرة من معلمة نسألها او نسأله عن ابسط الاداب في المأكل او المشرب.. في الدخول او الخروج.. في السلام او الكلام فنفاجأ بأن لا شيء!! لماذا هذا الضعف..؟ ولماذا هذا الاهمال من هؤلاء المدرسين والمدرسات الذين اوكلنا لهم تربية فلذات اكبادنا..؟
البيت لاشك انه مهم في المسألة التربوية ولكنه بدون المدرسة يفقد ركناً هاماً من اركان نجاح مهمته.. لم تعد مهنة التدريس رسالة بقدر ماهي وظيفة.. حتى اساتذة الجامعات اصبحوا يأتون الى قاعات العلم وهم بعقولهم خارجها.. صفقات عقارية ودراسات ميدانية واستشارات تجارية لم يعد همهم ذاك الطالب الذي يغدو صباحاً باحثاً عن معلومة )وان كانت هذه النوعية من الطلبة قلة للاسف( يحضرني حالة طالب بعد تخرجه من الثانوية ولج الجامعة وسجل في اكثر من كلية وغادر تلك الجامعة الى اخرى واخيراً قرر الاكتفاء بمؤهله الثانوي! لماذا.. ؟ الجواب عدم اقتناعه بما يُقدم حيث كما يقول المعلومات )بايتة( لا طعم لها وقد عرفها يوم كان في المراحل المتوسطة والثانوية وكل ما يقوله سعادة الدكتور معروف لدي بل ان مالدي اضعاف ما يقوله اساتذة لا يتقبلون النقاش ولا وقت عندهم لذلك..! وآخرون يتخلفون عن المحاضرات فتضيع اوقاتنا وتذهب جهودنا. ترك كل ذلك عن قناعة تامة واخذ يعلم نفسه وقد اطلعت على عدد من مؤلفاته التي تؤكد انه انسان قادر على تقويم الرجال علمياً. عند النقاش مع بعض المعلمين عن هذه القضايا يعتذرون بكثرة الطلاب وما علموا ان التعلم بالقدوة لا تعنيه مسألة الكثرة او القلة فالولد في صغره يحاول تقليد من يكبره فكيف اذا كان مدرسه؟ يعتذرون بكثرة المواد وازدحام الدروس وضيق الجدول وتلك لهم والحق على من يخطط في الوزارة والرئاسة وليتهم يعلمون ان العبرة بالكيف لا بالكم.
وصية ابن عتبة لمعلم ولده.. هل يمكن ان تطبق على الواقع.. ؟ هل يمكن ان تستفيد منها وزارة المعارف ورئاسة تعليم البنات.. ؟ اعتقد ان لا صعوبة في التطبيق اذا عُلم ان كل ما ذكر فيها من الا شياء المسلم بها التي لا شك ان الجهات التعليمية تتمنى توافرها فيمن يتقلد هذا المنصب الرفيع.
الخلاصة:
1 اولاً لابد من التأكيد على ان هناك من المدرسين والمدرسات من هم في مستوى المسؤولية علماً وقدوة وان ما قلته في ثنايا مقالتي لا يعد اتهاماً للجميع بقدر ماهو اشارة الى ظاهرة لاشك انها كبيرة في اوساط المعلمين والمعلمات الا وهي ظاهرة القدوة السيئة.
2 ارى اهمية عقد دورات لكل من يرغب العمل في سلك التدريس وذلك قبل الانضمام رسمياً الى العمل وتكون هذه الدورات شاملة لكافة جوانب العملية التربوية من تعليم واداب وسلوك وحتى في الجانب النفسي.
3 اهمية تقليص الحصص المعطاة للمدرسين والمدرسات والتي لا تنقص في الغالب عن 24 حصة وهذا مما يسبب للمعلم والمعلمة اجهاداً ينعكس سلبياً على الطلاب.
4 اهمية ايجاد مادة في السلوك والاخلاق وتولى اهمية قصوى ولا يكتفى بهذه الدرجات الوهمية او هذه الشهادة الجاهزة المسماة )حسن سيرة وسلوك( التي تعطى لكافة الطلاب والطالبات رغم ما نسمع من سوء سلوك.
ان هذه المادة يجب ان تقر عاجلاً لان استقرار أي مجتمع وتطوره ورضاءة مرتبط ارتباطا وثيقاً باخلاق وسلوك أفراده.
وبعد.. ماهي الا كلمات اردت بها استنهاض الهمم لعل وعسى ان نقضي على ما يعكر صفو رغدنا وامننا بخروج طالب او طالبة.. معلم او معلمة على النهج المألوف لهذا المجتمع الاسلامي الراقي في دينه ودنياه.
ص.ب/ 858 الرياض 11421

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved