أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 18th May,2001 العدد:10459الطبعةالاولـي الجمعة 24 ,صفر 1422

محليــات

لما هو آت
غيض من فيض!!
د. خيرية إبراهيم السقاف
*** في الصفحة الأخيرة لعدد أمس من هذه الجريدة خبران ...، لا أدري لماذا ترابطا في داخلي ... ووجدت أن أنقّب حول نقطة ترابطهما...
الأول خبر وفاة أحد أقدم «معلمي» منطقة الطائف... بعد خدمة خمسة وثلاثين عاماً في التدريس مع تدرُّج الخبرات وتنوُّعها في مجالات التربية والتدريس... وتلك سنوات كفيلة بأن يكون صاحبها «مدرسة» لخبرة من الجميل أن يكون أحد ما قد التفت لها... ودوَّن بعض حكمها ومحصّلاتها...
واستدرجني هذا الخبر إلى سؤال: كم من قدامى المعلمين لا يزالون بيننا؟!.... هؤلاء لم يتلقُّوا عن مهنة «التدريس» أي معارف مهنية، أو تدريب تربوي، بل اكتسبوا خبراتهم من خلال الممارسة وهي وحدها المدرسة التي تخرَّج فيها المربون، وواضعو أسس «المهنة» في المجال التربوي والتعليمي...
وقد قيل إن صدقاً وإن عفواً إنَّ التربية علمُ ممارسة وليس علم نظريات... وهي مقولة تشيع بين الناس لا ندري مصدرها الأول الأساس ... غير أنَّنا هنا لا نتجاذب الرأي حولها فلنؤيدها أو نرفضها أو حتى نناقشها بما لدينا عنها.. بل نحن بصدد هذه الخبرة ... ذات الثلاثة العقود ونصف في مجال التربية والتعليم وماذا أُستفيد منها؟
وهل اقتصرت الفائدة فيمن درس عليها وتعلَّم منها مباشرة؟ وهل امتهن تلاميذها منها، وأفلح مثلها؟!...
ذكَّرني هذا بمعلمي المساجد وأوَّلها المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلمي الحلقات والأمالي، وكيف غدوا قدوة «مهنية» ناطقة، ونافذة التَّأثير، بل النَّقل والاقتداء فهم يدربون تلامذتهم، وخاصَّتهم، ويمنحونهم «الإجازات» من بعدهم، بل في وجودهم...
ونحن أيُّ بال نلقيه لمثل هذه الخبرات، حتى إذا ماتت واختفت عن ناظرينا، بكيناها فَقداً وفراقاً، وذكرناها تأبيناً لفظياً وفي أقصاه بالدموع وكلمات المجاملة...
ماذا عُمل لهذه الخبرات؟! وكم منها لا يزالون على قيد الحياة؟ بل كم لا يزالون يُعطون؟!
وهنا في المجال نفسه من النساء أكثر من لها أكثر من عقود ثلاثة ولا يزلن على رؤوس العمل، وتظلُّ خبراتهن مجال «الروتين» القاتل، وتنحصر أعمالهن في الأوراق، ويتطاول على هذه الخبرات كلُّ ذي خبرة حديثة تلقَّاها في غير احتكاك مباشر، بل نظرياً عن طريق الدراسة المقنَّنة في مقررات ذات محدودية معرفية محورية لا تتعدَّى «ساعات دراسية» ذات أوزان وأحجام معرِفية وزمنية لا ترقى إلى خبرات هؤلاء من النساء أو الرجال ولا يتخطَّى زمنية تدريبها شهوراً محصورة في «الفصل الدراسي الواحد» أو«الاثنين» فماذا تكون محصَّلة هذه الدراسة محدودة الزمن والخبرة بجوار ثلاثة عقود وأكثر؟!
*** أما الخبر الثاني فهو يحمل رغبة المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في تنفيذ برامج شاملة لتطوير برامج ومناهج مراكز التدريب وذلك بهدف تواءم الحاجة في سوق العمل مع تنمية العناصر البشرية. ولعلَّ ذلك انبثق عن التفاوت القائم بين مهارات الأفراد وقدراتهم وتأهيلهم المهني وبين حاجة العمل. وهو هدف جيد، ورغبة تأتي مواكبة لمتغيِّرات قائمة تستدعي الانتباه والتحرُّك في اتجاه تحقيق وتطويع الواقع لها.
ولعلَّ الرَّابط بين الخبرتين هو «العنصر البشري» الذي هو التَّنمية في الوقت الرَّاهن لأنَّه عصر تنمية وحاجة ماسة لمواجهة «الحاجة»، ولمواكبة «الضرورة»، ولمقابلة المتغيِّرات.
فوضع برامج، ورسم أهداف تعنى بالعنصر البشري... يتطلَّب حصر العناصر البشرية في المجالات المختلفة من ذوي مهارات الدُّربة، والممارسة وعلى وجه الخصوص في المجالات ذات المحصَّلات والمنتجات غير المادية لهو كفيل بتدوين «الخبرة» من مصادرها، وللوصول إلى الوعي بها وبقيمة «ممارستها»، فتكون الفائدة ذات وجهين أولهما الحصول على خلاصة الخبرة من مصادرها، والإفادة منها، ومن حكم الزمن الذي مرَّ بها وتلافي سالبها والأخذ بموجبها. وثانيها الاحتضان لكفاح المكافحين، ودمجهم في معيَّة تطور التعامل مع الإنسان في مسيرة تحتاج قيَمها الأخلاقية لأن تعطي وجهها للإنسان، فلا يُغمط ولا تُهدر خبراته، ولا يُغفل ما ينتج عنها ويفيد الإنسان في مسيرة تنمية العنصر البشري من خلال الواقع لا من خلال النَّظرية.


أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved