أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 19th May,2001 العدد:10460الطبعةالاولـي السبت 25 ,صفر 1422

محليــات

لما هو آت
الصواعق القاتلة لما فيكم!
د. خيرية إبراهيم السقاف
حين يسري تيار الصاعقة في جسد الإنسان، يتحوَّل مافيه من طاقة إلى قوة حارقة...
وما هو الإنسان في تركيبته الجسدية المادية؟ إن لم يكن هذا الوعاء من اللحم، والعظم، والخلايا، والأنسجة، تلك التي تحرقها النار، وتعطلها تيارات الإحراق.. فتقتلها في أقصى حدود الاتلاف... والاعتداء؟...
تلك حقائق علمية لا يختلف عليها الفاهمون «تخصصاً»، والعارفون «ثقافة»...
والإنسان يُحذر من هؤلاء، وأولئك...
غير أنَّه في كثير... لا يبالي... قبل أن يجرِّب...
والتَّجربة جيدة في حدود العِظة، والعبرة...، غير أنَّها لصاحبها لا تدع فرصة إن هي أخذته حدَّ الموت...
والمعتبرون، المتّعظون في ذلك هم الآخرون...، هذا إن وضعوا الأمر في محلِّ الاعتبار، أو الاتّعاظ...
غير أنَّه في كثير هذا الإنسان، لا يتَّعظ، ولا يعتبر...
ماذا يُقال عن هذا الإنسان؟ المكابر حدَّ الموت؟....
ولئن قَبل التسليم والاحتساب في أمور «المصير» وأسندها إلى الله تعالى...،
غير أنَّه لا يقبل أن يدع الإنسان تجربته تقوده إلى المهالك، وإلاَّ فإنَّه من باب: الرمي بالنَّفس إلى التهلكة... وفي ذلك نهي رباني قاطع...
وإن كان المرء في مجال الماديات، قادراً على وضع الحدود...، أو تجنّبها، أو حتى الحذر منها...
ولئن كانت الماديات في الإنسان تتعرض إلى مواقف الأذى، والخلل، والتَّلف، والموت...
فماذا عن الجوانب غير المادية فيه؟
ما هي أنواع التيارات الصاعقة التي ما إن تسري إلى تركيبة الوعاء المعنوي لها إلاَّ وتأخذ في التَّأثير فيه، والتدرج في إتلافه، وتعطيله؟....
وما هي تلك القوة التي تتحول إلى قوة حارقة فتوصله إلى التهلكة بالموت؟
وهل حقاً تموت المعنويات في الإنسان، بمثل ما تموت الماديات؟...
وإذا كانت الماديات هي الجسد، فما هو جسد المعنويات؟ الأخلاق، أم النَّفس، أم الروح، أم الشعور، أم الفكر؟!
وهل هذه جميعها تموت بتيار حارق واحد؟ أم تتعدد أنماط التيارات الحارقة لها؟
وإذا كانت «النَّار» بمفهومها، و «بذاتها»، و«بوسائل» نقلها هي النَّار... التي تقتل المادة في الإنسان، فما هي «النَّار» التي ليست هي النَّار المحسوسة، تلك التي تُسبب قتل، وموت المعنويات فيه؟،
أوَ ليست قضية تحتاج إلى تفكُّر، مهما بلغ أمر الحديث فيها على مرِّ الأزمان، منذ مات الجسد المادي لهابيل، بنار غير ملموسة نفثها قابيل؟،
ومنذ نزلت الصواعق بأقوام فدمّرتهم في عقر دارهم؟ ومنذ أُحرق إبراهيم الخليل عليه السلام، ونجَّاه الله تعالى من الحُرقين: ومن المَوتين؟...
أيْ حرق الوعاء الجسدي له، وحرق الوعاء المعنوي فيه،....
وإذا كان الجسد يموت حرقاً ملموساً، وتُزهق فيه الرَّوح ويُلمس هذا الموت بإيداعه في التراب بعد صمت كلِّ مافيه..
فالوعاء المعنوي في الإنسان أيَصل موتُه بحرقه حدَّ الصمت المطبق؟ وأين قبره؟ وكيف هو؟ أم له من عودة روح.. وعلى أيِّ شكل؟!
أوَ ليس هناك من مقارنة بين التيار الذي يقضي على الجسد، وعلى الآخر الذي يقضي على الآخر في الإنسان؟!
فكِّروا...
وأخبرونا عن صواعق الرُّوح، والعقل، والنّفس، والشّعور، الخُلق، الطَّبع، وكافة المكونات الخفية في الإنسان.
******
اتّقوا الصواعق المادية، وتيارات الموت الحارقة...، وخففوا من وسائل الحضارة الحديثة باهظة الثَّمن في أصغر جهاز قاتل بين أيديكم... تصلون به أنحاء الأرض، فيأخذكم إلى باطنها..
******
اتّقوا الصواعق المعنوية؟ وتيارات الموت الحارقة، وابحثوا عن ذرَّات فتيلها في معطيات الحضارة الحديثة باهظة الثَّمن في أيسر ما يسرُّكم، ويطلق قهقهاتكم، ومعها تُطلق الأرواح المادية الخفيَّة فيكم...
كي لا تفقدوا الهيكلين...
******
ورحم الله من مات جسده ولم تمت بقيَّته...
وماذا عمَّن ماتت بقيّته ولم يمت جسده؟!.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved