أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 20th May,2001 العدد:10461الطبعةالاولـي الأحد 26 ,صفر 1422

مقـالات

إمارة منطقة الرياض: مواكبة العصر علماً وتنمية!
إبراهيم بن عبد الله السماري
عندما تبدع الخيل في ميادين السباق يبحث الناس دوما عن القائد الفارس الذي أعدها للفوز.. وهكذا الأمير عندما يقود إمارته لتصبح جزءاً من نبض المجتمع تشرئب إليه الأعناق شكراً وعرفاناً.
صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز قائد ماهد ذو أفق واسع وبصيرة نافذة استطاع بمواهبه القيادية أن يجعل من الإمارة بيتا ثانيا للمواطن يجد فيه الملاذ الآمن لتطلعاته والحلول الحاسمة لمشكلاته.
صورة الإمارة في أذهان كثير من الناس هي صورة الشرطي الذي يحمل الناس على الالتزام بموجبات الشرع والنظام.. وهي وظيفة مهمة جدا في حياة الأفراد والمجتمعات فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، ولكنها ليست الوظيفة الوحيدة للإمارة العصرية.
ولذا فقد استطاع الأمير الإنسان سلمان ان يجعل إمارة منطقة الرياض بالإضافة إلى وظيفتها الأمنية المهمة منارة علم وتنمية...
تتفاعل مع متطلبات المجتمع وأسباب نهضته وتنميته في مختلف المجالات بما يبني جسور تواصل متينة الأساس طويلة المدى في عمق العلاقة الاجتماعية والإنسانية.
في الجوانب الإنسانية ارتبط اسم الأمير سلمان بكل عمل خيري محلي أو عربي أو إسلامي،
تمثل ذلك في دعم الجمعيات الخيرية وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم وغيرها. وتمثل في إغاثة العرب والمسلمين عند حدوث مايوجب الإغاثة. وارتبطت قضية المسلمين الأولى قضية فلسطين بالأمير سلمان ارتباطاً وثيقا جداً.
وفي الجوانب التنموية استطاع الأمير سلمان عن طريق الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ان يحقق نهضة نوعية عمرانية وثقافية في مختلف المجالات التنموية ويكفي في هذا المجال ان أشير إلى المشروع التنموي الجبار مشروع تطوير منطقة قصر الحكم الذي أعاد لوسط العاصمة ومنطقتها التجارية وهجه وبريقه.
وليس أقل منه المشروع الجبار الآخر مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بعناصره التنموية التاريخية والثقافية والعمرانية.
وفي الجوانب الاجتماعية فإن العلاقة بين الإمارة وأفراد المجتمع علاقة وثيقة تربطها سياسة الباب المفتوح واللقاءات المباشرة بين الأمير وبين المواطن. ففي ظهر كل يوم يلتقي الأمير بمكتبه في الإمارة بالمواطنين لعرض شكاواهم ومناقشتها... وفي كل أسبوع يستضيف الأمير المواطنين بمنزله مساء في لقاء معتاد يرتاده العلماء والمسؤولون والأشخاص العاديون والأمير سلمان قدوة صالحة وأسوة حسنة لمجتمعه في الالتزام بمواعيد الدوام، حيث تستطيع ان تضبط ساعتك على مواعيد حضوره وانصرافه. وهو دقيق حتى في مواعيد المناسبات التي يرعاها من ندوات ومحاضرات ثقافية وأحداث اجتماعية وغيرها.
وفي الجوانب الثقافية كان حضور الإمارة وأميرها فاعلاً وقوياً في عرس المملكة الثقافي واحتفالها بالذكرى المئوية للتأسيس حيث كان للأمير سلمان ولإمارة منطقة الرياض الجهد الأكبر في تفعيل هذا النشاط وصبغه بالصبغة العلمية والثقافية.
ولاعجب في هذا فالأمير سلمان شغوف بالقراءة وذو علم واسع في مختلف فنون المعرفة وهو مع عمه الأمير عبدالله بن عبدالرحمن من العارفين بأدق عناصر تاريخ هذه البلاد، وهو مرجع أمين للباحثين في هذا المجال.
تفصيل الحديث عن عناية إمارة منطقة الرياض بالجوانب التنموية والعلمية جنباً إلى جنب مع مسؤوليتها الأمنية في رسالتها الحضارية يحتاج إلى مؤلف مستقل أتمنى أن تنهض إمارة منطقة الرياض بمسؤولية إصداره عن طريق دراسة علمية يقوم بها بعض المتميزين في هذا المجال المهم من المعنيين بالدراسات الاجتماعية والتنموية.
وفي هذا المقال سوف أقصر حديثي على الانتاج العلمي المتميز الذي أثرت به إمارة منطقة الرياض الحركة العلمية في بلادنا الحبيبة، وسوف أركز على عملين لهما - في رأيي - أهمية كبرى وضرورة ملحة جداً: الأول هو كتاب «منطقة الرياض - دراسة تاريخية وجغرافية واجتماعية» والثاني هو كتاب «دليل أسماء الأماكن في منطقة الرياض».
كتاب «منطقة الرياض - دراسة تاريخية وجغرافية واجتماعية» صدر عام 1419ه في ثمانية مجلدات ضخمة من الحجم الكبير وجاء كل فصل في كل مجلد بلون مختلف ليسهل الوصول إليه مباشرة.. أشرف على إصدار الكتاب الدكتور ناصر بن عبدالعزيز الداود مدير عام المكتب الخاص،
ورأس تحريره الدكتور عبدالله بن ناصر الوليعي أستاذ الجغرافيا الطبيعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأعد مادته وراجعه ودققه عدد من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك سعود.
أشار سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز في مقدمة الكتاب إلى ان الهدف منه هو توضيح الجهود المباركة التي قدمها ولاة الأمر لمنطقة الرياض كغيرها من مناطق المملكة وذلك في ميادين شتى علمية وتعليمية واجتماعية وصحية وعسكرية واقتصادية وعمرانية وصناعية. متناولاً المراحل التاريخية التي مرت بها منطقة الرياض منذ ما قبل الإسلام إلى اليوم، موضحا الخصائص الطبيعية والجغرافية والسكانية والعمرانية والنشاط الاقتصادي بأنواعه الزراعية والصناعية والتجارية والخدمات التعليمية والصحية والكهربائية والنقل والاتصالات والخدمات الاجتماعية والدينية من دعوة وقضاء وإفتاء ومساجد وحسبة.
كما أشار المشرف العام على إصدار الكتاب الدكتور ناصر بن عبدالعزيز الداود إلى أن هذا الكتاب تميز بالشمولية والعلمية. أما شموليته فتتضح من تعدد موضوعاته التاريخية والجغرافية والسكانية والعمرانية والاقتصادية وغيرها.. ومن سعة مجاله تاريخا ومكانا حيث يسجل تاريخ المنطقة لعدة قرون ويشمل كل محافظات منطقة الرياض.
وأما علميته فتتمثل في انه تمت كتابته والاشراف عليه وتدقيقه ومراجعته من قبل أكاديميين متخصصين في مجالهم مما جعله يتسم بدرجة عالية من الدقة.
كتاب «منطقة الرياض - دراسة تاريخية وجغرافية واجتماعية» هو في رأيي ليس كتابا عاديا بل هو موسوعة شاملة موثقة بالحقائق العلمية والدراسات الجادة في موضوعات متنوعة في ثمانية مجلدات.
أما الجزء الأول من الكتاب فخصص للتعريف بمنطقة الرياض من حيث موقعها وطبيعتها الجغرافية والجيولوجية وتقسيمها الإداري منذ فتح الرياض مع ذكر أسماء أمرائها منذ عام 1319ه. كما تضمن ذكر أسماء محافظات منطقة الرياض والمراكز التابعة لها وتقريب مواقعها بخريطة جغرافية شاملة.
وتضمن هذا الجزء ملخصات لجميع بحوث الكتاب بأجزائه الثمانية مع ذكر اسم كاتب البحث وصفته العلمية، وألحق به فهرس بالجداول والأشكال والصور. وأرفقت بالكتاب خريطة طبوغرافية لمنطقة الرياض بمقياس 1:000.000.1 أعدتها الإدارة العامة للمساحة بوزارة البترول والثروة المعدنية.
أما الجزء الثاني ففيه الحديث عن منطقة الرياض خلال التاريخ القديم والإسلامي من حيث الجغرافيا التاريخية البشرية لمنطقة الرياض إبان العصور الحجرية والمصادر الأساس لدراسة هذه الجغرافيا، والتقسيمات المختلفة للجزيرة العربية والجغرافيا التاريخية لللإنسان في منطقة الرياض في تلك الفترة، ومن حيث وضع منطقة الرياض قبل الإسلام والأمم والقبائل التي سكنتها، ومن حيث ما ذكره الجغرافيون والرحالة العرب والمسلمون عن منطقة الرياض وأسماء المواقع فيها ومنازل قبائلها ومواقع الاستقرار )الحواضر( فيها وطرق مواصلاتها.
ومن حيث تاريخ منطقة الرياض في عصر صدر الإسلام وفي العصر الأموي والعصر العباسي، وفي عصر الدولة الأخيضرية.
أما الجزء الثالث فتضمن التاريخ الحديث والمعاصر لمنطقة الرياض منذ تأسيس إمارة الدرعية ثم في عهد الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية ووصولاً إلى عهد الدولة السعودية المعاصرة، مع التركيز على الجوانب الإدارية والحضارية في المنطقة.
أما الجزء الرابع فقد استعرض الخصائص الطبيعية لمنطقة الرياض من حيث جيولوجيتها في مختلف العصور، ومن حيث تضاريسها، ومن حيث مناخها، ومن حيث الجفاف وأبعاده البيئية، ومن حيث التربة وأصنافها وغطائها النباتي، ومن حيث الحياة الحيوانية البرية بمنطقة الرياض والمحافظة على الحياة الفطرية والمناطق المحمية فيها،ومن حيث مصادر المياه وخواص كل مصدر وطرق تنميتها.
أما الجزء الخامس فتناول الخصائص السكانية والعمرانية لمنطقة الرياض من حيث نمو السكان عبر عصور التاريخ المختلفة وعناصر ومكونات هذا النمو والتوزيع الجغرافي لهم وتركيبة السكان بالنظر للجوانب العمرية والاقتصادية والاجتماعية )الزواج( والتعليمية ومن حيث العمران في منطقة الرياض بجانبيه الريفي والحضري مع تحديد مسؤولية التخطيط العمراني في كل منطقة من المناطق المختلفة.
أما الجزء السادس فسلط الضوء على النشاط الاقتصادي في منطقة الرياض، من حيث النشاط الزراعي وأنماطه المختلفة والعوامل المؤثرة فيه،ومن حيث نشاط الرعي والثروة الحيوانية وتطورها وسماتها وأنماطها، ومن حيث النشاط الصناعي التقليدي والحديث وتركيبته والعوامل المؤثرة فيه ومعوقاته، ومن حيث النشاط التجاري والعوامل المؤثرة في نموه والتركيب النوعي والوظيفي لتجارة الجملة والتجزئة وأنماط الأسواق التجارية وتركيب العمالة والتخطيط للعمليات التجارية والمراكز التجارية.
أما الجزء السابع فقد ضم الخدمات في منطقة الرياض فشمل الخدمات التعليمية من حيث التاريخ والنوع والأجهزة القائمة بها، والخدمات الصحية من حيث النمو والتطور والجهات المشرفة عليها، وخدمات الطاقة الكهربائية ومراحل تطورها واستهلاكها، وخدمات النقل والاتصالات من حيث تاريخها ووصفها وأنواعها ، والخدمات الاجتماعية من حيث الجهات المسؤولة عنها وتخصصاتها المختلفة ومايقدم في مجال الرعاية الاجتماعية للفئات الخاصة كالمعوقين والأيتام والأحداث والجمعيات التعاونية والخيرية ومراكز الخدمة والتنمية الاجتماعية.
أما الجزء الثامن فقد خصص لدراسة الأبعاد الاجتماعية في منطقة الرياض من حيث الشؤون الدعوية والوسائل المستخدمة فيها وجهود ولاة الأمر في دعمها، ومن حيث الأوقاف والعناية بها، ومن حيث القضاء والمساجد وشؤون الحسبة وما شهدته من تطورات ونهضة في أعمالها وفي مؤسساتها، ومن حيث الحياة الاجتماعية التي تتعلق بعمل الرجل والمرأة قديماً وحديثاً، والبناء وأشكاله ومرافقه مع التعريف بمكوناته القديمة التي يكاد كثير من أهل هذه المنطقة ان ينسوا مسمياتها وأشكالها ووصف العمران الحديث وخصائصه. ومن حيث عادات وتقاليد الزواج قديماً وحديثاً والاحتفاء بالمولود ومايتعلق به من مظاهر اجتماعية قديماً وحديثاً، ومن حيث المناسبات الدينية كالأعياد والحج واستقبال رمضان وختم القرآن الكريم والتعامل معها قديماً وحديثاً، ومن حيث الحياة الاقتصادية كالفلاحة والزراعة ومظاهرها والتعريف بمصطلحاتها كالصرام والحصاد ونهامة الزرع أي حمايته من الطيور وموسم الجراد وغيرها، ومن حيث عادات الطعام ومواعيد الوجبات وأنواع وأسماء المأكولات والمشروبات القديمة ووصفها، ومن حيث أسماء الأدوات المنزلية القديمة واستخداماتها في الريف والبادية والحضر، ومن حيث الطب الشعبي والحكايات الشعبية للأطفال قديماً. ومن حيث اسماء الملابس والزي الشعبي للرجال وللنساء قديماً والمناسبات التي يستخدم فيها وأسماء الحلي وأدوات الزينة التي كانت النساء يستخدمنها قديماً. ومن حيث الفنون والألعاب الشعبية للرجال وللنساء وللفتيان والفتيات كالعرضة والكعابة وطبق لولو وغيرها كثير جداً، ومن حيث الأسلحة المعروفة في المنطقة في الماضي والحاضر، ومن حيث العادات القديمة كالبشارة والنزالة والطلاعة والوسم وغيرها.
والكتاب الثاني هو «دليل أسماء الأماكن في منطقة الرياض» الذي قام بتحريره عدد من المختصين والأكاديميين، وأشرف عليه الدكتور ناصر بن عبدالعزيز الداود. وقد أشار سمو الأمير سلمان في التعريف به إلى أنه ردء للكتاب السابق ومكمل لرسالته العلمية والمنهجية كما أشار المشرف العام على إصداره الدكتور ناصر الداود إلى أن الكتاب يشتمل على خمسة عشر ألف اسم مرتبة أبجدياً ليسهل التعرف عليها، وقد تضمنت مقدمة الكتاب شرحاًلطرق الاستفادة منه باستخدام الخرائط وفق نظام تحديد المواقع GPS كما تم تزويد الكتاب بخرائط لكل محافظة كي تيسر عملية التعرف على الملامح الرئيسة لها.
والكتاب مع فائدته الأمنية الواضحة أعد بطريقة علمية سهلة مما يجعل التعرف على الأماكن ميسوراً وسهلاً. فالأماكن فيه مرتبة أبجدياً وفي كل موقع يذكر الكتاب اسم الموقع باللغة العربية ثم اسمه باللاتيني ثم دائرة العرض ثم خط الطول ثم التصنيف وهل هو جبل أو سهل أو مجرى مياه ونحو ذلك ثم رقمه في الخريطة ثم اسم المحافظة التي يتبع لها.
إن هذين الكتابين الرائعين اللذين قدمتهما إمارة منطقة الرياض للحركة العلمية في بلادنا يستحقان عاطر الثناء وخالص الدعاء للذين عملوا على إعدادهما وإخراجهما بالصورة الجميلة التي خرجا بها والمأمول ان نرى دراسات مماثلة لمناطق المملكة الأخرى بمستوى هذين الإصدارين المتميزين علمياً وإخراجاً لما في ذلك من اثراء تاريخ وجغرافية بلادنا الحبيبة بصورة علمية دقيقة.
وبالله التوفيق...
ALSMARIIBRAHIM@HOTMALI.COM

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved