أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 20th May,2001 العدد:10461الطبعةالاولـي الأحد 26 ,صفر 1422

مقـالات

بوح
اختراق الفساد
إبراهيم الناصر الحميدان
تحرص معظم الأعمال الإبداعية وتحديدا السردية على تعرية الكثير من الممارسات الخاطئة وكشف عوراتها ولهذا السبب فإن الكثير من الأنظمة المتخلِّفة لا تحبذ أو تميل الى رهط الأدباء لوعيها وعمق نظرتها الى الأمور وهي مسؤولية وطنية لا تمالىء فيها أو تتخلى عن تحملها. وهذه الأعمال تشير الى تلك الأخطاء بطريقة عرضية عند ضرورة التعرض لها حتى لا تفقد مقومات الفن الابداعي الذي يبتعد عن التقريرية أو يركز على مواطن الضعف والفساد اللذين غالبا لا يخلوان من أي عمل منتج بحكم الممارسة والخبرة المحدودة. كما أن الكاتب هنا لا يستهدف تلك الأوضاع الكسيحة إنما هي ترد عرضا وبالإشارة الساخرة. وفي مجتمعنا العربي بالذات يزداد التوجه الفاسد لأن الاخلاص يضعف أمام الاتجاه المصلحي بدليل أن إدارات التفتيش والمراقبة مبثوثة في عمق المصالح ومع ذلك فإن هذه الإدارات تطالها الشبهات بسبب الضغوط التي تمارس للحد من صلاحياتها قبل إطلاق الأحكام التي يصعب التراجع عنها ولعل إدارات القضاء بالذات هي أكثر الجهات التي تواجه الاحباط باعتبارها الركيزة القوية التي ينطلق منها سيف العقوبة. ذلك أن تعثرها يعني فقدان الثقة بالنزاهة وهكذا فإن هرم العدالة ينهار من أساسه. ومع ان الثقافة أخذت اليوم تتغلغل في كافة مفاصل الحياة اليومية فإنها لا تجد ذلك الترحيب في توجهها السليم. فالأنظمة في معظم الدول العربية تقوم على هشاشة يسهل تقويضها بالتدخل الفوقي الذي لا يخدم سوى مصالح الطبقات المسيطرة ذات النفوذ ولعل الفئات الشابة هي أكثر الشرائح التي تصدمها تلك النتائج بحكم ضآلة تجربتها الحياتية مما يستدعي إبعادها عن مناطق اصدار الأحكام ولهذا نجد أن العناصر المنفذة هي التي تستطيع أن تتقبل ما يعرض عليها حتى بدون قناعة لاختراق فساد الطوية الى أعماقها وطالما نسمع من كبارنا بعض نصائح الصبر وعدم التسرع لأن القرارات لا تؤخذ بظواهرها إنما الحكمة تقتضي التريث والنظر الى البعيد الذي يعني الاستسلام للرأي المهيمن وهذا هو الفرق في مساحة حرية التعبير إنطلاقا من شعار ليس كل ما يعرف يقال أي ان اندحار الصراحة تتطلبه الحكمة للمصلحة العامة وفي تصوري أن السلوك الحضاري الذي يخجل من جعل الخطأ شماعة لتراجع التفكير الحر هو الذي يقيد شعوبنا عن اللحاق بالدول المتقدمة التي تحترم الرأي ولا تقف عقبة في وجه إعلانه حتى وإن جاء من صغير قليل الخبرة إذ قد تتساوى نسبة الخطأ في جميع الحالات. والشعوب التي لا تحترم الرأي الآخر وإن جاء مخالفا يستحيل ان تطوِّر مفاهيمها العصرية لتواكب المنظور المتجدد المتفاعل مع التطلعات الحضارية بعيدا عن المتلكس الفاسد.
للمراسلة ص.ب: 6324
الرياض 11442

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved