أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 22nd May,2001 العدد:10463الطبعةالاولـي الثلاثاء 28 ,صفر 1422

مقـالات

مركاز
الأعزب الحائر!
حسين علي حسين
قبل ثلاثين عاماً عينت في احدى قرى المنطقة الوسطى، وكنت سعيداً بهذه القرية، ففيها مَقاهٍ كثيرة على طريق الحجاز القصيم، ما يجعلها في غاية البهجة من الصباح الى الصباح، وحالما نزلت من التاكسي الذي نقلني الى القرية، بحثت عن سكن خاص، وقد تمت عملية الاستئجار في دقائق، وضعت شنطتي وذهبت الى العمل، ولم تمض ساعة واحدة، الا ومن أجر لي البيت كان يقف على رأسي وهو في غاية من الحرج والخجل، مد لي نقودي وطلب مني بلطف ان اذهب الى المنزل لأخذ عفشي، وقد ضحكت كثيرا لمسألة العفش هذه، خاصة وان هذا العفش لم يكن يحوي سوى غيارين وشنطة كاملة مليئة بالكتب وشرائط الكاسيت وجهاز تسجيل صغير، قال الرجل بعد ان اخذت منه نقودي أن أهل الحي كادوا يفتكون به لأنه ادخل عزوبيا الى حيهم!
اخذت «عفشي» واستأجرت غرفة بمساندة كريمة من صاحب البيت السابق، كانت الغرفة على الخط السريع تماماً، وهذا ما جعلني اعتبرها مجرد محطة عبور لتغيير الملابس والاستحمام ، اما النوم والاكل والقراءة، فقد كانت كلها في المقهى، هناك حيث الاحاديث الحميمة والوجوه التي تتجدد في كل لحظة، وحيث نداءات الباعة والقهوجيه، كانت فترة خصبة وممتعة، الشيء الوحيد المحزن فيها هي اكتشافي ان الاعزب شيء غير مرغوب فيه، بل انه يبث الرعب في مناطق سكن العائلات!!
بعد ذلك اكتشفت ان دائرة المحظورات على العزاب بدأت تتسع، رغم ان التطور الذي نعيشه على مختلف الاصعدة، يجعلها ان لم تختف تتقلص وهذا اضعف المطلوب، لكن الحقيقة، ان محلات السوبرماركت الكبيرة ترفع لافتة ممنوع دخول العزاب او الشباب، محلات الملابس الكبيرة، الاسواق المتعددة الاختصاصات، الحدائق العامة، حديقة الحيوانات وغيرها وغيرها، كلها ترفع اللافتة: ممنوع دخول العزاب أو الشباب أو الذين يريدون الدخول وليس بصحبتهم امرأة.. لماذا؟ لديهم أسبابهم بدون شك، لكنها اسباب تظل افتراضية، وإلا فهل كل هؤلاء الذين يرغبون التسوق وليس بصحبتهم نساء من سيئى النية أو من سيئي السلوك!!
أما لو بحث الاعزب عن سكن فله ان يجند نفسه لأيام كاملة حتى يجد له جحراً ضيقاً يفتقر الى مقومات النظافة والتهوية، هذا الجحر لا يمكن ان تدفع فيه عائلة ربع المبلغ
الذي يضطر الشاب الاعزب لدفعه، لكي تكون له استقلاليته ولكي يلتقط انفاسه بعد مشوار الدراسة والانخراط في الحياة العملية، تمهيدا لدخول قفص أو بيت الزوجية، حيث كافة الاماكن ستكون متاحة أمامه!
ان مشاكل الشباب كثيرة، وأوقات فراغهم أكثر، وما يزيد هذه المشاكل وربما يفاقمها ان هذا الشباب بات كل شيء يخصه محدداً بصرامة: اين يسكن واين يتسوق واين يسهر!!
اين المستثمرون الجادون من الازمة التي نشهدها في عدم توفر وحدات سكانية راقية ونظيفة وقليلة التكلفة، خاصة بطلبة الجامعات والموظفين من العزاب؟
ثم لماذا لا يسمح لهؤلاء الشباب بدخول الاسواق والحدائق.. لماذا نفترض الخطأ قبل وقوعه؟ ألا يوجد رجل متزوج أو معه زوجته من الممكن ان يكون سيئا في سلوكه وتصرفاته داخل الأسواق والحدائق؟
افتحوا الأبواب امام الشباب: اسمعوا منهم وردوا عليهم.. بدلا من غلق كافة الأبواب في وجوههم: السكن، الوظائف، اماكن التنزه وأخطرها كلها عدم الإصغاء لمطالبهم وحاجاتهم!!
فاكس: 4533173

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved