أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 24th May,2001 العدد:10465الطبعةالاولـي الخميس 1 ,ربيع الاول 1422

مقـالات

أيمكن...؟!
د. فهد حمد المغلوث
مشكلة مناقشة الموضوعات الاجتماعية بصدق انها حساسة، خاصة حينما تناقش بوضوح وصراحة تامتين، لأنك تتحدث عن هموم الناس اليومية، تتحدث عن دواخلهم، تتحدث عن شيء اسمه مشاعر أحاسيس، عواطف، وجدان، شيء يلامس شغاف قلوب الناس، ويضرب على اوتارهم الحساسة وربما فتح أبوابا مغلقة وجراحا كادت تندمل وتجارب يراد ان تنسى وتطوى.
والمشكلة الأخرى انك حينما تناقشها بصدق تكون عرضة للأقاويل والتساؤلات والتفسيرات والتأويلات التي ليس لها أول من آخر، لأن الكل سوف ينسبها لك، وبالذات ممن لا هم لهم سوى التأويلات وأولئك الذين يطلقون لخيالهم العنان في تفسير كل جملة وعبارة وكل شاردة وواردة.
ولكن طالما اننا ما زلنا ولله الحمد ملتزمين بحدود الذوق العام وصادقين مع أنفسنا ونهدف إلى تعرية الانسان امام نفسه وتقوية صلته بواقعه، وحقيقة من حوله إلى غيرها من الأمور التي تصب في خدمة المجتمع وتقدمه، طالما اننا كذلك وأكثر، فلا بأس لكل ما يقال ويفسر لأن الناس تعرف ماذا تريد وماذا تأخذ وماذا تعطي في المقابل وان كنا نعتقد عكس ذلك.
ولكن الانسان منا مهما حاول أن يتجاوز اسوار الحقيقة بتجاهله لها وتطنيشه لواقعها وبالذات في امور المشاعر والأحاسيس فانه لا يستطيع ان يكذب على نفسه وحتى لو استطاع فلا يستطيع ان يستمر طويلا لانه سوف يكشف نفسه بنفسه ولعل ابسط ما يفضحه أحياناً تلك التساؤلات الحائرة التي تراوده من حين لآخر! التساؤلات المرتبطة بالقلب والوجدان ألا تشعر بمثل تلك التساؤلات الحائرة التي تلح عليك وتبحث لها عن اجابات شافية مقنعة.
سؤال ربما يراودك أنت أيضاً من حين لآخر أو انك ربما تعيشه الآن بالفعل وهو: هل يمكن أن تعيش مشاعر حب متناقضة؟ بمعنى هل يمكن أن تعيش الفرح والألم في آن واحد؟
وبمعنى آخر، هل يمكن لهذا القلب الذي بين اضلعك أن يكون ملكا لأكثر من شخص، وان كان كذلك فلأيهما الغلبة.
وبمعنى ادق هل يمكن ان توزع مشاعرك وبالذات مشاعر الحب لأشخاص كثيرين؟ واذا كان الوضع كذلك، فما هو نوعية هذا الحب؟ وماهي طبيعة تلك المشاعر.
اعرف ان مثل تلك التساؤلات قد تبدو حساسة ومحرجة او جريئة كما قد يعتقد البعض، ولكن الصدق يحتم علينا أن نكون واضحين وصريحين لأن الوضوح مع الآخرين والصراحة مع النفس هما بداية الاحساس بالرضا الشخصي والسعادة النفسية.
صحيح ان هذا القلب الصغير بحجمه الكبير بمحتواه هو جزء منك ولك، وبداخلك الا انه احيانا ليس ملكك! اقصد انك لا تستطيع ان تفرض عليه ما تريد بحكم المنطق أو لانك تمون عليه أو ان تجبره على قبول شيء ما، أو شخص ما هو نفسه غير مقتنع به، وحتى لو حاولت معه أو توسلت إليه أو حتى لو قدمت له من المبررات المنطقية ما قدمت، أو اعطيته، من المغريات ما اعطيت فسوف تجد نفسك عاجزاً عن تحقيق ما تريد والسبب ببساطة شديدة انه مجموعة مشاعر لا يمكن ان تكون الا كما تريد هي وليس كما نريد نحن أو غيرنا.
فبهذه المشاعر الصادقة حينما لا تعترف بمنطق حينما لا تعترف بصغير أو كبير، أو غني أو فقير.
يا لهذه المشاعر الفياضة حينما تجد توأمها وتصر على التمسك به والاحتفاظ به والسير معه.
يا لهذه المشاعر الصادقة حينما تقول لها «سوف لن انساك» فترد عليك فورا وبصدق «ومن قال لك اصلا انني سوف اجعلك تنساني» تقولها بعفوية وبثقة متناهية لتشعرك بقيمتك لديها واهميتك بالنسبة لها تشعر فعلا انها حصتك في الحياة ونصيبك منها.
يالهذه المشاعر الصادقة حينما لا تعترف بفوارق زمنية أو حدود مكانية وتضرب بكل شيء صعب عرض الحائط فقط لتثبت انها أقوى من كل شيء وانه لا مكان سوى للحب والصدق.
ويا لها من مشاعر قوية كيف تتحمل لوعة الانتظار ولحظة اللقاء وتظل تنتظر وتنتظر رغم الاحباطات اليومية المتواصلة والمعاملة غير العادلة ممن هم حولها ممن لا يقدرون صدقها وحقيقة إحساسها الذي كثيراً ما اتعبها واشقاها لعدم تفهم المحيطين بها لها.
يا لهذه المشاعر الحلوة حينما ترتبط بابتسامة جميلة وامل خالد ومستقبل واعد وود صاف فتشعرك ان الحياة هي كذلك فعلا!
يا لهذه المشاعر الرائعة حينما نعيشها فنشعر وكأننا في حديقة غناء محاطة بالزهور من كل جانب، ورياحين عذبة تقدم لنا مع كل خطوة نخطوها ومع كل يد نصافحها.
يا لهذه المشاعر الصافية حينما نستشعرها ونحن نمشي بخطوات ثابتة بجانب شاطىء البحر لحظة الغروب ولا نفكر سوى في ملكوت الله وعظمة خلقه وعظيم ابداعه!
بل بتلك المشاعر الرائعة ونحن لا نتذكر حينها سوى من نريد، ونحن لا نتمنى حينها سوى من نحلم أن يشاركنا رحلتنا الشاعرية تلك ليكتمل جمالها وتكتمل فرحتنا نحن بها في أجواء لازوردية مرتبطة بزرقة البحر وصفائه ونعومة رمال شاطئه ونظافته.
يا لذلك الدلال الذي نبحث عنه طويلا وننتظره واذا به يكون من نصيب غيرنا ويا لرقة قلبنا حينما نرضى بالأمر الواقع ونتمنى الخير لكل الناس رغم ما نعاني من قهر وجحود وآلام.
ويا لتلك الوعود التي نأخذها على أنفسنا بأن نكون أقوياء لا يهمنا شيء واذا بنا نضعف مع أول دمعة تريد ان تخرج من مآقينا لتشعرنا بالعجز والضعف وقلة الحيلة.
ويا لروعة تلك المشاعر حينما تقرر ان تعاتب وتنتقم وتعامل بالمثل واذا بها عندما تسمع أول همسة من محب تتراجع بل تنسى كل شيء لمجرد انها سمعت صوته واحست انه بخير!
أيمكن لهذه المشاعر المشبعة بالحب ان تجد لها مكانا في هذا العصر المترف بالماديات والمشبع بالمصالح الشخصية والمتخم باللامبالاة والانانية.
نعم هناك مكان لمثل هذه المشاعر الصادقة وسوف يزال بإذن الله طالما ابقينا الله في قلوبنا وطالما ابقينا تلك البذرة الحلوة بداخلنا واسقيناها من حبنا ورعيناها من حناننا واغرقنا عليها من تضحياتنا ولم نبخل عليها بشيء لم لا ونحن لا نعطي غريباً بل اعز قريب؟ لم لا ونحن لا نتفضل بشيء بل هو الواجب لمن يستحقه ومن غيرك أولى به؟ فإن كنت تريد كل ذلك فتذكر ان هناك من يريده منك فلا تبخل عليه به قولا وفعلا.
همسة
ترى أيمكن..
ان تكون مشاعري لك..
مجرد نزوة عابرة؟
مجرد مشاعر آنية؟
مجرد مشاعر عادية؟
مجرد مشاعر لطيفة؟
كأي مشاعر أخرى
لأي انسان؟
***
أيمكن ان تكون مشاعري..
بهذه الصورة؟
أيمكن ان تنتهي هكذا..
بكل سهولة؟
وكأنها لم تكن يوما؟
***
لا لا أتصور أبدا..
بل لا أتخيل مطلقا..
ان تكون مشاعري لك..
هي نفسها مشاعري لغيرك!
***
مهما كان هذا الآخر!
حتى وان بدت كذلك..
فحتما سوف تختلف..
في كل شيء!
في صدقها..
في حجمها..
في وفائها..
***
ستظل تلك المشاعر..
صادقة معك..
لأنك الصدق نفسه..
ستظل كبيرة..
بحجم هذا القلب الكبير..
الذي يحتويها بداخله..
وستظل وفية..
لأن هذا أقل شيء..
تستطيع ان تقدمه لك..
***
وستظل..
صفاتك انت..
أسماؤك انت..
ابتسامتك انت..
رائعة كعادتها دوما..
لأنها تذكرني بك..
تشدني اليك..
تدفعني للبحث عنك..
والاطمئنان عليك..
***
ولا تسألني لم!
لم كل ذلك!
فلست املك..
سوى ان احيلك عليها..
إلى مشاعري..
كي تجيب عني..
لأنني ببساطة..
لم أعد أقوى على مواجهتها..
لم اعد قادرا..
على التحدث باسمها..
اسألها عني ان شئت..
وسوف تجيبك بكل صدق..
بدون تردد..
وسوف ترد عليك..
وسوف تكتشف بنفسك..
ان ما تريده هي..
هو ما أريده انا..
***
والفرق ببساطة..
انها أقوى مني..
لأنها مشاعري..
هي من تتحدث باسمي..
رغما عني وبرضا مني!!
***
ولكن ما الفرق ياترى..
بيني وبينها؟
أليس تحقق لي ما اريد؟
أليست أنا؟
أليست انت؟

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved