أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 24th May,2001 العدد:10465الطبعةالاولـي الخميس 1 ,ربيع الاول 1422

الثقافية

نايف خلف قدَّم )الجراد( بكرم وسخاء في الاستعراض
محمد العثيم
الجراد.. عمل مسرحي متميز قدمه طلاب كلية الزراعة في جامعة الملك سعود في عرض جاد ساخر استحقوا عليه التقدير من جميع من رأى العرض.. وحظي بمتابعة غير عادية وتصفيق من الجمهور الذي قرأ العرض في كثير من منعطفاته قراءة الكوميديا الجماهيرية.
نص الجراد من تأليف الكاتب والمخرج والممثل الأستاذ علي السعيد قبل قرابة عقد من الزمان وتناوله الفنان المخرج نايف خلف بصيغة إخراجية مختلفة نقلت النص من إطاره الجاد إلى العرض الكوميدي الساخر.
تدور الحكاية في قرية يكتشف أحد أفرادها سالم أن هناك جراداً قادماً ويهدد خطره ا لقرية فيبلغ أهل القرية الذين تتوزعهم أشتات من الأفكار.. ويبدأ أهل القرية أسلوباً بطيئاً لمشاريع صد الجراد أولها أسلوب التدريب غير النافع عن طريق عسكرة الناس في وجه الجراد ثم يستنجدون من خارج القرية.. ويبدأ حديث من البلبلة حول أحقية وجود الجراد من عدمه تأتي لجنة متأخرة للقرية وتقدم تقريراً يعزز اشاعة عدم وجود الجراد بعد كثير من المداولات.
في أثناء ذلك يكون سالم الذي رأى الجراد لأول مرة قد ذهب مع بعض أهل القرية للمقاومة لكن أهل القرية يعودون تاركين «سالم» لمصيره حيث يعمده المؤلف رمز الروح المنتظر للقرية ثم يصير تيهه هو قضية القرية بصرف النظر عن الجراد مما يسقط السياق في ورطة تقديم الفرد القيمة الفردية على حساب القيم العامة.. وفي النهاية يكتشف أهل القرية أن الأمر بأيديهم وأنهم هم الذين يملكون اللعبة وأن عليهم مقاومة الجراد بأنفسهم.
التميز في هذا العرض الاخراجي الذي أخرج المقولات الحوارية الطويلة الى صور استعراضية لمجموعة الممثلين المتميزين في جامعة الملك سعود بقيادة نجم الاخراج المسرحي السعودي نايف خلف الذي حقق مساحة من التميز والعطاء وضعته على قائمة المخرجين السعوديين الكبار في هذا العمل كما كان في بعض أعماله السابقة.
ونايف خلف من شباب قليلين أهلتهم جامعة الملك سعود في المسرح وشق طريقه من التمثيل إلى الاخراج مما جعل تجربته الثرية تثمر إبداعات متوالية.
سلك نايف أسلوبا استعراضياً تعبيرياً اعتمد فيه على الترنيم والرقصات التعبيرية لفك رتابة العرض.. وحقيقة أن المغامرة في عرض نص الجراد لجمهور لا يريد العروض الجادة كانت مغامرة تخيف الكثير من المخرجين فأنت تستطيع تقديم الجراد الصلب العبارات بالطرق الحوارية وللجمهور النوعي أما أن تقدم مثل هذه النصوص الجادة والقوية بأسلوب استعراضي كوميدي تعبيري يحفظ المضامين كما هي ويقدم المتعة فأمر في غاية الصعوبة وهو ما تصدى له نايف بنجاح.
العقبة التي تجاوزها نايف بنجاح هي عقبة التخلي عن المؤثرات الآلية والموسيقى في عرض بلغ حجم الغنائية فيه ما يوازي النصف وتقاسمت النصف الثاني )التهريجيات( الحركية الممتازة والمعبرة وحوارات مرسلة للتفسير والتنوير وقليل من الراوي لنقل القصة من حال التعبير لحال الموضوعية.. ونايف يخرج أيضاً في هذا العرض من أسلوبه الملحمي المعتاد إلى الأسلوب التعبيري من المدارس الحديثة التي تفعل حركة الممثل بصفتها لغة وهي نقلة بدأ الكثير من شبابنا المخرجين يجنح لها بصفتها موجة في المسرح العالمي والعربي مع تفاوت في قدرة التبني لكن تعبيرية نايف خلف في الحقيقة كانت لغة مسرحية متطورة يمكن تقديمها ممثلة للمملكة بكل اعتزاز وتقدير لأنها تقدم شبابا متعلماً يتعامل مع الخشبة بوعي وتفهم ويقدر أن العرض المسرحي متعة وتجاوز للمألوف في عروض الدراما.
وتعامل نايف خلف في عرضه مع الاضاءة بنفس أسلوبه التعبيري ولكن بدون اسراف فكل )الأفيهات( في الاضاءة كانت تقدم العرض بصورته التعبيرية ومنها اللون الذي لا يسرف باستخدامه وكذلك بقعة الضوء )البروجكتور( واضافة إلى بعض التأثيرات الأخرى وكانت سيطرة لون واحد في كل مفصل من مفاصل العرض واستعمال التدخين مرتين بدون اسراف وقدم اضاءة تنوير أو )تغسيل( بشكل متوافق مع العرض الرائع.
واستفاد نايف من عدد من الممثلين السريعي الحركة من شباب الجامعة الذين قدموا حركات )التهريج( المشابهة للسيرك بشكل خدم الجانب الاستعراضي وصحبت هذه الحركات الغناء الجماعي لفك مشكلة فقد عنصر الموسيقى التعبيرية ناقلة الغناء إلى المجال التهريجي وإذا ما أضيفت المؤثرات الترنيمية من الموسيقى مع الأهازيج سوف يكتمل العمل بعناصره السينوجرافية لأنه كان واضحا جفاف الأغاني والأهازيج من معاني جملها الموسيقية.
كما قدم نايف مع مهندسي الديكور ثلاثة مستويات علو في العرض على جسر مقوس متدرج استفاد منه نايف ابداعاً رائعاً في تحريك ممثليه وتم استخدامه في عدة تعابير فهو الصحراء البعيدة وهو الاحتفال والتنصيب وهو الاستقبال والوداع في الأعلى والأسفل وهو بالتالي القرية والمقامة وهو نفق الأرض وهو التيه وهومكان الخوف والقلق.. إلى ما هناك من تعابير.
وفي العرض جاء الديكور كما قدمت ابداعاً خاصاً كامل الاستخدام وهو عبارة عن جسر ملتو يتراوح ارتفاعه من المترين ونصف إلى الأربعين سنتمترا مائلاً الجزء الأوسط من أعلى المسرح واليمين واليسار حيث ينتهي طرفه من اليسار بدائرة مرتفعة وينتهي من اليمين بسلم يؤدي إلى أعلى الجسر مباشرة.. واستخدم نايف كل أجزاء الديكور المتميز بنجاح وتفوق جعل الديكون يصير مع التمثيل بطلي العرض ولو أن هذا العرض يصعب الدخول عليه في باب عدم التوازن لأن نايف خلق هارمونيا العرض باقتدار يجعلنا نؤمن بأنه مسرحي متميز مع أنه في بداية تجاربه القوية وسيكون له شأن كبير إن شاء الله.
وفي الحديث عن التمثيل فقد اشتهرت كلية الزراعة عبر تاريخ الجامعة بأنها منبت الممثلين المتميزين الذين أخذوا مكانتهم في تاريخ الفن السعودي.. وهذه المرة تقدم فريقا من الممثلين المتميزين الذين عرفتهم الجامعة منذ فترة ليست بالوجيزة وحققوا بين زملائهم الممثلين والطلاب جاهيرية طاغية.
وقد مثل في هذا العمل عدد من المواهب الواعدة التي تنبئ بمستقبل في مجال التمثيل وهي أسماء إذا واصلت مشوارها ستعرفونها في الجيل الثالث والرابع من الممثلين السعوديين منهم الفنان عصام المهيدب الذي كان دينمو العرض بدون منازع ومثل دور عم جابر شعلان البيشي ومثل سالم الجمعان دور موسى وأعطى نايف دور شاب القرية وبطلها للمثل ماجد الماضي
كما مثل في العرض عدد من الوجوه منهم أحمد الشمري وابراهيم الهويمل وعدد آخر بدور أهل القرية.. ولأن العمل استعراضي فقد تجد كثافة تمثيلية على الخشبة بلغت احياناً عدد ثلاثة عشر ممثلاً وهذا يحدث في الغالب في الأعمال الاستعراضية.
في هذا العمل جوانب ثرية يمكن التحدث عنها نوجز منها المتابعة الرائعة للجمهور التي فرضها ايقاع العرض السريع..
والتصفيق المستمر الذي يندر في عرض جاد مع استطاعة العرض أن يجعل الضحكات تجلجل في مسرح تعود جدية العروض.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved