أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 24th May,2001 العدد:10465الطبعةالاولـي الخميس 1 ,ربيع الاول 1422

محليــات

لما هو آت
لكِ وحدكِ 59
د. خيرية إبراهيم السقاف
متى تكونين وحدكِ لي؟ هو غير أن أسألكِ، متى تكونين لي وحدي؟
فأنا بكِ كلُّهم ...
وأنتِ كلُّهم لي ...
ربما تتسلَّلين اللَّحظة إلى تجاويف ذاكرتي، هذه التي لها خصائص اللَّقط الخرافي، ... بسرعة لا تكاد تُحصى زمناً ولا كيفاً ...
حدَّثْتكِ بما يعتورها ... ، وكلُّ الناس أنتِ ... وصدِّقيني أنكِ وحدكِ كلُّ الناس.
أتدرين أنني أجلس عند شارفة عبورٍ تطلُّ على مداخل الناس، ما أعجب هؤلاء ما أعجب الإنسان فيهم ...
يوماً يضحكون ...، ويوماً يبكون ..، يوماً يبنون ...، ويوماً يقوِّضون ...
وبين ضحكهم وبنائهم ...، وبين بكائهم ونقضهم ... شتات..، وبيات ..، وأسئلة .... تُهدر بعضها في صندوق آليّ الحركة كما صندوق شاشة الهاتف الصغير وهو يفتح فمه يلتقط ... ثم يحفظ نافياً وجود ذكرٍ لما احتواه .. وأغلق دونه... وهذا الصندوق وهو يفعل يهمل... لا يعد يُذكِّر بما فيه ...
أما ذاكرة الذاكرة وهي تستشرف، وتستقبل ...، وتستقطب ما في العبور .... فإن الإنسان فيها يستقر بهمساته، وحركاته، وسكناته ...، وبكلِّ ما يصدر عنه ...، أو يعود منه إلى ...، وإلى ... وإلى ....
حدثيني بربكِ ما الذي أفعل بكلِّ هذا الذي ...، والذي ...، والذي ... ؟!
هذا الإنسان يا سيدتي بالغ الرَّفاه في منتهى الهروب ...، في أقصى درجات التَّناهي ...، والتَّمادي ....، وا... وأي شيء باستطاعة المتفرِّج أن يفعل وهو أمام المسرح ... والإنسان خلف ستائره؟!
حاولت يا سيدتي أن أندرج تحت ...، بل خلف الستائر كي ألتقط مفتاح الولوج إلى هذا الإنسان ... في الناس كلِّهم ...، غير أنني أصدقكِ القول فشلت ...، وعلمت يقيناً، أن أصعب ما يكون ... هو أن تكوني تملكين مفتاحاً إلى الإنسان في الناس كلِّهم ...، وأنَّ أعقد محاولة لفكِّ الطلاسم...، والولوج في سرِّ الرموز...، تلك التي تحاولين فيها فكَّ رموز وطلاسم الإنسان ...، في الناس كلِّهم ... سيَّان تفعلين ...، أو يفعلون .. إن هم ركبوا المراكب ذاتها إليكِ ...، ولكن ..، تذكرت حين علَّمْتِني بأن أوجه الشَّبه في الصعوبة، ليس هي أوجه الشَّبه في الإنسان في الناس..، عرفت بكل صدق ... أن الاختلاف باطني ...، ذلك الذي يُقصي عن القدرة ...، أو يُدني منها ...
لا أدري لماذا عدت إلى سؤالكِ في شأن توحُّدكِ بي ...، وتوحُّدي بكِ ... وذلك المسرح الكبير الذي لا تنزل له ستائر ...، ولا تجبه حجبٌ مفتوح ... مفتوح ... ومشرعةٌ إليه كافة البوابات وهي على امتداد المدى طولاً وعرضاً ...
أمنحيني جبهتكِ كي أقبِّلها ...
ذلك لأنها قويت على الصمود أمام تيارات الإنسان في الناس كلِّهم ...، ولم تتعفَّر ...، وصمدت ولم تتكسَّر ...، ونصعت ... ولم تتكدَّر ...
وأمنحيني اللحظة منكِ ما يمنحني الاطمئنان إلى أنني لستُ وحدي ...
على الرغم من أنَّ الناس كلَّهم يعبرون بي ... ويمرون أمام اللاقطة في رأسي دون أن يغادروا ...، غير أنهم باقون ينهضون... كلَّما شارفت على السكوت رموزهم...، وكلما تراكمت طلاسمهم ...
وامنحيني ذاكرتكِ ... كي أحسن سد الثقوب ...، والنهوض مع جبهتكِ في مواجهة كلِّ الناس في الإنسان ..
ألا فلتكن مفاتيح الدروب ههنا على رصيف العبور...
ألا فليأخذها العابرون ...
ذلك لأنكِ منحتِ للعبور شارة التَّمادي ...، ألا فبكِ لا ينتهي الطريق.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved