أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 26th May,2001 العدد:10467الطبعةالاولـي السبت 3 ,ربيع الاول 1422

عزيزتـي الجزيرة

بعد أربعين عاماً من العطاء
ثانوية الملك فهد بالخرج تكرِّم المطلق وتودِّعه
في لحظات معينة من حياة الإنسان يتوقف اللسان ويعجز أن يتحدث عما يقول أو عن بعض ما يقول في لحظات أخرى تتحرك اليد لتكتب ما تريد أو عن بعض ما تريد ولكنها أيضا تتوقف وترتعش لكي لا تكتب.. وما هذا وذاك الا لسببين لا أرى لهما ثالثا: موقف يحيرك لألمه وموقف يأسرك إعجابا به.. ولكن مع ذلك كله فقد يقاوم اللسان عجزه فيقول، وقد تتماسك الأيدي عن ارتعاشتها فتكتب.
أجل، إن يدي أبت إلا أن تكتب عما يمليه اللسان.. وإن ذلك والله لمما أسرني إعجابا.
إن هذا الموقف الذي أسرني ليس حدثا أتكلم عن وقوعه بداية ونهاية لا؟ بل عن شخصية لعلها تكون حدثا.. إنه ظاهرة، نعم ظاهرة تحتاج الى من يتحدث عنها في مؤلف أو ندوات أو تحقيقات.. إنها شخصية الرجل التي جمعت خصال الرجال الحميدة وإنها شخصية المربي التي جمعت خصال المربين الفاضلة وإنها شخصية المدير التي جمعت فنون الإدارة، إنها شخصية رائد من رواد التعليم في محافظة الخرج صالح بن مبارك المطلق، مدير ثانوية الملك فهد بالخرج الذي يودعه التعليم ويودع التعليم بعد حياة حافلة بالعطاء امتدت لأكثر من أربعين عاما واسمحوا لي هنا أن أخط بقلمي المتواضع شيئا من شخصية هذا المربي الفذ، لعل في ميسورها أن نعرف جانبا من حياة مثل هؤلاء فيكونون قدوة لنا وللأجيال القادمة في إيمانهم وإخلاصهم وتفانيهم وصبرهم.
ولعلي أحيل هذا الجانب لبعض الصفات التي جعلته مديرا ناجحا بكل ما تعنيه الإدارة وبكل ما يعنيه النجاح، ومن هذه الصفات التي تميز وتحلى بها:
أولا: الإيمان بالله والخوف منه، وهكذا المؤمن كلما كان قريبا من الله كان من الناس قريبا، وكان لهم عدلا (وبلا شك أن بقية الصفات متعلقة بهذه الصفة الأساسية).
ثانيا: الحرص على أن يكون القدوة الصالحة.. فقد عرف لدى مسؤولي التعليم، باحترامه وتقديره لهم، وإبداء المقترحات وحضور الاجتماعات العامة والخاصة، والمشاركة في أنشطة الإدارة كإقامة الندوات والمحاضرات، وكان على هذا النهج طوال أربعين سنة لم يتغير بتغير الزمن ولا بتغير المسؤول.
وعرف كذلك لدى معلميه وطلابه بتفانيه وانضباطه في جميع أعماله داخل المدرسة، فهو أول الموجودين حضورا، وآخرهم انصرافا، وهو على هذا النهج أيضا الى كتابتي لهذه الكلمات ولم يغب عن ذلك إلا ما استدعى ذلك إجبارا كمرض أو مهمة متعلقة بالعمل، أما غير ذلك فلا ويشهد له بذلك مئات المعلمين وآلاف الطلاب الذين كانوا تحت إدارته أو تخرجوا على يديه، إذا علمنا أن هذه المدرسة يبلغ عدد طلابها سنويا أكثر من ألف طالب، وأكثر من خمسين معلما.
ثالثا: الهيبة.. فقد وضع الله في هذا الرجل هيبة فطرية تمكن بها من قيادة دفة هذه المدرسة ووضعها من أفضل المدارس انضباطا ومن أقلها مشاكل، ومن أكثرها علما وتعلما ومن الطريف هنا أن أذكر مثالا يوضح هيبة هذا الرجل لدى الطلاب فقد اقترح أحد الطلاب بعد أن علم بتقاعده بأن توضع صورته في ساحة المدرسة حتى إذا رأى الطلاب صورته اعتقدوا أن الإدارة لم تتغير وأن صالح المطلق مازال مديرا فيحصل بذلك استمرار الانضباط وقلة المشاكل.
رابعا: المحبة.. فكما وضع الله فيه الهيبة، إلا أنه مع ذلك محبوب من الجميع معلمين وطلابا فقد قرن الله هيبته بحب الناس له، ولعل ذلك كما قلت في بداية صفاته (إيمانه بالله والخوف منه) فلم يعرف عنه ظلما ولاتسلطا ولا حقدا لأحد، وهكذا هم الرجال المؤمنون.
خامسا: القدرة على حل الأمور والمعوقات.. سواء كانت متعلقة بالطلاب أو بالمعلمين، وهذه الصفة لا تأتي إلا ممن اجتمعت فيه الحكمة والخبرة والحزم والبديهة والفطنة، وهذا ما اجتمع في شخصيتنا المعنية هنا.
وكما علمنا في سياق الحديث أن هذه المدرسة تعج بألف طالب وخمسين معلما أوأكثر، ومع ذلك فقد قاد هذه السفينة ربان ماهر وقف أمام العواصف والأمواج بحكمة وحسن تصرف مما أوجد جوا تعليميا يسوده الانضباط والاحترام والهدوء.
وبعد حصر ما تميز به من صفات كثيرة في النقاط السابقة حري بي أن أعدِّد آثار هذه الصفات وهذا العطاء وآثار هذا الرجل الذي أعطى وأفنى جل عمره في خدمة التعليم، ولعلي أوضح بعضها هنا من خلال السرد لا من خلال النقاط.
فأقول: إن هذا المربي قد أوجد أجيالا متعددة خدمت وأعطت وأخلصت في مختلف مجالات الحياة على هذه الأرض الطيبة ويكفي أن نعرف أن من هؤلاء من انخرط في المجالات العسكرية والأكاديمية والعلمية والمهنية حتى كان منهم الضباط والأطباء والمهندسون والأساتذة الجامعيون وعمداء الكليات، وجميع هؤلاء مازالوا يدينون له بالفضل بعد الله تعالى فيما وصلوا إليه. أما في المجال التربوي فيكفي أن أقول ان نسبة كبيرة من المشرفين التربويين والمديرين والوكلاء والمعلمين بإدارة التعليم بمحافظة الخرج كانوا إما طلابا وإما معلمين تحت إدارته قبل عدة سنوات، ويكفي أن أقول إن نظرة المسؤولين بإدارة التعليم بالمحافظة عند اختيار القيادات التربوية يكون جزء من اتجاه هذه النظرة إلى ثانوية الملك فهد، لا لشيء إلا لأن معلمي هذه المدرسة قد تعلموا أيضا تحت مدرسة أخرى ألا وهي مدرسة صالح بن مبارك المطلق.
وبعد فالحديث عن هذا المربي يحتاج الى مجال أوسع ولا يمكن أبداً أن أوفيه ولو جزءاً من حقه وإنني عبر هذا المقال أعزي الأسرة التعليمية بمحافظة الخرج على توديعها هذا الرجل التربوي الفذ، وعزاؤنا الوحيد أنه خلَّف جيلا نأمل من الله أن يقود دفة هذه المدرسة وغيرها الى ما هو عليه وأفضل.
وللعلم فإن مدرسة ثانوية الملك فهد وعلى شرف مدير التعليم بالمحافظة أقامت يوم السبت الموافق 25/2/1422ه حفلا تكريميا لرجلها الأول.
وختاما وبعد أن خط قلمي ما قرأتموه ، فإن هذه هي الحقيقة التي دعتني لأسطر ما يكنه قلبي تجاه هذا الرجل التربوي، ولا أرجو من ذلك شيئا إلا إعترافا بالجميل عبر سنوات معدودة قضيتها تحت إدارته وأشهد الله أنني تعلمت منه الكثير ولن أكون إلا الابن الذي يحتاج لأبيه، ولن يكون التقاعد حائلا بيني وبين مواصلته والاستفادة الدائمة من توجيهاته.
سائلا المولى جل وعلا أن يوفقه في دنياه وآخرته وأن يسبغ عليه الصحة والعافية وأن يكون ما مضى مرحلة من مراحل العمر يعقبها مراحل أخرى موفقة بإذن الله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصلحه أجمعين
عبداللطيف بن محمد المهيني
ثانوية الملك فهد بالخرج

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved