أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 30th May,2001 العدد:10471الطبعةالاولـي الاربعاء 7 ,ربيع الاول 1422

مقـالات

في الأفق التربوي
مسرح الطفل
أ.د. عبدالرحمن بن إبراهيم الشاعر
يعد مسرح الطفل من مصادر التعلم التي تهيئ الأطفال لزيادة حصيلتهم اللغوية ورفع مخزونهم الفكري، والمسرح أحد أساليب التعليم التي يقتبس منها الطفل خبراته التعليمية، حيث تعد المراحل الأولى من عمر الطفل مراحل تكوين الشخصية ويمر الطفل خلالها بمراحل إدراكية تتمثل في وصول الطفل إلى نتائج مبنية على انطباعات غير واضحة وأحكام إدراكية لا يعبر عنها بالكلمات. وتتحول هذه الانطباعات ببطء إلى فهم منطقي للآمر، وغالباً ما يؤدي الإدراك دون وساطة الكلمات إلى إساءة فهم الطفل لما يدور حوله من أحداث، ولا يتعامل الطفل في بداية هذه المرحلة من الأنظمة الرمزية إلا في سن السابعة ويتوقف ذلك على اتساع خبراته بالعالم المحيط به. بعد ذلك تتطور خبرة الطفل ويتمكن من كثير من العمليات المنطقية، ولكن فقط فيما يتعلق بالجماد المحسوس ومن ثم يتطور إلى التفكير المنطقي والتفكير الرمزي، بمعنى أنه يفكر فيما هو ممكن بالإضافة إلى ما هو ماثل أمامه في الزمان والمكان فيتوصل إلى نتائج ويقدم التفسيرات ويفرض الفرضيات فتصبح أفكاره قوية ومرنة.
إن من يكتب للطفل لابد أن يدرك أن الأطفال ينمون ويتطورون بمعدلات مختلفة، وان الأطفال بطبيعتهم محبون للاستطلاع شغوفون بالتعلم، وهم يتعلمون الأشياء التي تقابل اهتماماتهم ورغباتهم بطريقة افضل. كذلك يجب أن يدرك من يكتب للطفل أن التعليم عبارة عن شيء يقوم به الطفل وليس شيئا يقدم له من الآخرين.
لذا فإن الأطفال يتعلمون من بعضهم البعض، ويقومون بالتعلم عندما يشعرون بالمسؤولية نحو إنجازاتهم بشرط أن يعرفوا كيف يقومون بالتعلم.
والتمثيلية أو المسرحية هي طريق الأطفال إلى العمل والتعلم. ولأن الطفل كان ومازال موضوع دراسة علماء الاجتماع والتربية والإعلام وغيرهم، وذلك بغية إيجاد أسلوب علمي موضوعي وصحي للتعامل مع الطفل للوصول إلى جيل يمتلك مقومات التفكير العلمي المنطقي والناقد، كان لابد أن تكون الكتابة للطفل شاملة الجوانب التربوية والاجتماعية والنفسية والإعلامية.
وعملياً تتم عملية الاتصال عندما يتم نقل المعلومة من مصدرها وهم شخوص المسرحية إلى مستقبليها وهم الحضور من الأطفال. لذا فان منبع المعلومات الأساسي وناقل الفكرة في المسرح يدعى المتصل أو مصدر المعلومة، وبطبيعة الحال يعد الممثل أو ناقل الفكرة ناقلاً ثانوياً أو وسيطاً، وهنا لابد أن يلعب دورا يفوق قدرته على الوقوف على خشبة المسرح وهو استيعابه لمضمون المعلومة ومن ثم تحليلها وإعدادها الإعداد الجيد لتناسب مستوى المتلقين لتلك المعلومة، وتدعى هذه الإجراءات في العرف التربوي معاملة الرسالة حسيا وحركيا. وهذا يمكن المتصل من على خشبة المسرح من الربط بين المستوى الثقافي والاجتماعي والتعليمي للمتلقي وبين المعلومات المنقولة كما وكيفا.
وقد تتعدد أساليب عرض الفكرة على خشبة المسرح بحيث تسهم في عرض المعلومات وربط المفاهيم النظرية بالبيئة الحقيقية والتعرف على طبيعة المعلومات وتطبيقاتها العملية والوصول عن طريق المحاولة والخطأ إلى نتائج جيدة وخبرة واقعية مباشرة. وهناك عوامل مشتركة إن توفرت في المتصل من شخوص المسرحية وفي المستقبل من الحضور تمت عملية التفاهم والإدراك لما ينقل بيسر وسهولة. من هذه العوامل التوافق في الخلفية الاجتماعية والثقافية وفي رسم الهدف المشترك المراد الوصول إليه. وإذا تعذر وجود هذا التوافق لزم تقريب وجهات النظر وإعداد الرسالة الإعداد الجيد الذي يتوافق ودرجة تقبلها من قبل المستقبل، وهذا يتطلب دراسة موسعة للمستهدفين بالرسالة ومعرفة توجهاتهم وخبراتهم ومستوياتهم الفكرية.
إن بعض ما نشاهده في مسارح الأطفال عبارة عن خيال وخزعبلات وإسفاف لا يرقى بذهن الطفل إلى المستوى المأمول من مسارح الأطفال. والنهج المتبع في مسرحة المنهج لا يخدم سوى جانب ضيق من هذا المنهج وإن كان له مردود إيجابي في تفسير بعض المفاهيم التي يصعب على الطفل استيعابها من خلال الألفاظ المجردة. والمشكلة الكامنة في الأسلوب المسرحي للطفل كما أراء تتعلق بصعوبة وضع السيناريو الملائم للطفل والصعوبة التي يواجهها معد السيناريو أو المخرج تكمن في صياغة الحبكات الدرامية والوصول إلى صياغة درامية تنزل إلى مستوى الطفل وترتفع به تدريجيا إلى مستوى الإدراك العلمي والتفكير المنطقي وربط الطفل بهذا التدرج عن طريق الحبكات الدرامية. وللوصول إلى صياغة مقنعة للطفل لابد من إشراك طفل أو مجموعة من الأطفال عند صياغة الحبكات الدرامية ورصد ردود أفعالهم تجاهها. والغريب في الأمر أن موضوع إشراك الأطفال عند صياغة أدوار المسرح كان يؤخذ به في السابق خاصة في المسرح المدرسي، وأذكر كيف كان يتم جمع حوالي عشرة طلاب في المرحلة الابتدائية يجلس معهم مدرس اللغة العربية الذي غالبا يوكل إليه إعداد المسرحية فيستقرئ آراء الطلاب فيجد جملة غير مفهومة فيوضحها وحبكة درامية يصعب إدراكها فيبسطها وهكذا، واليوم اختفى المسرح المدرسي واختفت إسهامات الطلاب في إبراز مواهبهم وترك الأمر لتجارة المسرح والتمسرح.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved