أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 31th May,2001 العدد:10472الطبعةالاولـي الخميس 8 ,ربيع الاول 1422

مقـالات

ضحى الغد
اندفع بتوازن واستمرارية!
عبد الكريم الطويان
غاب عني ابني الصغير ذو السبع سنوات في زيارة لأحد أقاربه، ثم لقيني لأول مرة، وهمس في أذني مسروراً: لقد تعلمت قيادة )السيكل( وتذكرت في هذه اللحظة نفس فرحتي الطفولية الأولى حين قدت الدراجة لأول مرة دون تعثر أو سقوط، وفكرت في المسألة بعين العقل بعيداً عن الطفولة فوجدتها مهارة جسمية تتأسس على الاندفاع بمهارة وتوازن واستمرارية! وتذكرت أن هذا الدرس الأول لاكتشاف الحياة نلقاه في كثير من دروس الحياة من بعد، فمهارات الحياة وقراراتها وخطواتها ومشاريعها الكبرى والصغرى لابد عند انجازها واتمامها من هذه الأسس الهامة: الاندفاع، التوازن، الاستمرارية، وأن افتقاد أي أساس من هذه الأسس على ترتيبها يعني توقف الانجاز وتعطل المشروع ثم الفشل والسقوط فيما بعد!
وتذكرت أن تعلم قيادة الدراجة الهوائية هو تعلم لفن فهم الحياة واكتشافها وكيفية التعامل معها على المستوى المادي والمعنوي للحياة، لابد من الاندفاع والتوازن والاستمرارية! فالتخلي عن الاندفاع يعني وقوفك السلبي، والتخلي عن التوازن يعني سقوطك، ولكي تحتفظ بهذين الأساسين لابدمن الاستمرار بهما بقوة لكي تظل مواصلا على الطريق!
وتأكد لي ان كثيراً من الاعمال والآمال التي تحققت قد توفرت لها هذه الأسس وأن كثيراً مما فشل منها قد غاب عنه واحد من هذه الأسس!
إنها مهارة بسيطة وفرحة طفولية أولى نتعلمها لأول مرة، وقد لا نكتشفها بسرعة بل نظل نتعثر فيها، نركب ونسقط ونصطدم بالحيطان والأثاث، وبتجربة الخطأ والصواب نعثر على سر الحياة: )الاندفاع، التوازن، الاستمرارية(! فنقود الدراجة بثقة ومتعة وسيطرة، لنكتشف غائباً كان موجوداً لدينا، لكننا لم نتعرف عليه!
والغريب أننا في مراحلنا العمرية التالية في الحياة ننسى هذا الغائب الموجود عندما نتعامل مع مهارات الحياة الأخرى فنسقط أو نتعثر أو نفشل، ولو رجعنا إلى ذلك السر القديم الذي اكتشفناه في مرحلة الاندهاش الطفولي لكفانا ذلك مؤونة ومعاناة كان يمكن ان لا نمر بها، إنها حقيقة كبرى ومعرفة أولى وأخيرة لنجاحك في الحياة على أصعدتها المختلفة وأحوالها المتغيرة: اندفع بتوازن واستمرارية واكتشف بعد ذلك متعة النجاح في الحياة!
النقيدان: شاعر دوَّن الشعر ورحل!
قبل خمسة عشر عاماً تقريباً دعاني إلى منزله الشاعر: سليمان بن محمد النقيدان رحمه الله ليطلعني على ملف كان فيما بعد محتوى الجزء الأول من كتابه: )شعراء بريدة( والذي حشد له طاقته كلها وعانى كثيراً وهو يتتبع الشعراء الذين ولدوا في بريدة، والذين سكنوها، وجمع الكثير عنهم، وتتبع أخبارهم من مظانها، وقصائدهم من رواتها، وسيرتهم من بقايا المعمرين الذين أدرك )سليمان( آخر الضوء في ذاكرتهم! وأصدر )سليمان( الجزء الأول ولاقى إقبالاً كبيراً في سوق الأدب الشعبي، ثم تشجع وألحقه بالجزء الثاني، وكان فيه أكثر توفيقا وتجويداً، لقد صقلته الخبرة، وملك مصادر أفضل، واقتفى آثار شعراء مشهورين ومغمورين عاشوا في بريدة، فأبرزهم بعد كمون، وعرَّف بهم بعد جهل، وحفظ قصائد نادرة كاد النسيان يطويها إلى الأبد!
وسمعنا أن الأديب المكافح )سليمان( يضاعف طاقته لإصدار الجزء الثالث، وفجأة وفي صباح حزين حملت الصحف نبأ وفاة )سليمان( غريباً عن )بريدة( المدينة التي عشقها، وقال في عشقها أجمل أشعاره، وحفظ لأجيالها تاريخ شعرائها في قرنين من الزمان لا تدوين فيهما سوى خطوط على كثيب رمل لا يحتفظ بالتاريخ! مات فجأة )سليمان( الذي أحب )بريدة( بروح الشاعر، وقلب الشاعر، ووجدان الشاعر، وصمتنا، لقد علَّمنا الموت الصمت، إنه أبلغ من أي رد، وأبين من كل مقال! لقد فضح الموت الدنيا! رحل )سليمان( ولم يكتب عنه سوى القلة، ولم يرثه أحد، ولم تتحدث عن أدبه الصفحات التي كان يكتب لها مخزون روايته وعصارة فكره!
التاريخ المطوي في مكتبة )سليمان( نوصي أبناءه بحفظه والعناية به فهو ملك مشاع، كل ورقة دون فيها )سليمان( قصيدة، أو كتب فيها عن شاعر، أو حرر فيها خاطرة هي قيمة لا تقدر بمال، يجب العناية بها حتى تأخذ طريقها إلى النشر بجهود أبنائه الواعين المثقفين الذين فيهم الفنان والأستاذ أو بجهود من يُسندون له مهمة نشر ما لم يتمكن والدهم من نشره، وليت جمعية الثقافة والفنون بالقصيم، تُنسق مع أبناء الشاعر للعناية بالمحفوظات الثقافية لهذا الشاعر الراوية!
بريدة: ص.ب 10278
Asbt2hotmil.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved