أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 31th May,2001 العدد:10472الطبعةالاولـي الخميس 8 ,ربيع الاول 1422

لقاء

رجل الأعمال والأديب الأستاذ عبدالمقصود خوجة لـ :الجزيرة
يبقى الحكم للتاريخ في الإثنينية..
الإثنينية تخطر في عامها التاسع عشر ووثّقت بالصوت والصورة ليس لدينا تحفظ على ما يطرحه الضيف
رغم أنني مكي أباً عن جد إلا أنني فخور بحب جدة
* حاوره - حسن محني الشهري:
عبدالمقصود خوجة علامة مضيئة في سماء الثقافة والأدب في بلادنا..
رجل مضياف فتح قلبه لاحتواء الأدب والابداع ليس في المملكة فحسب بل في العالم العربي وذلك من خلال المنتدى الأدبي الذي يحتفي بأدباء ومفكري العرب حتى أصبحت اثنينة عبدالمقصود خوجة منتدى عربيا فكريا تتناقل أخباره وسائل الاعلام عربيا ودوليا.
وخلافا على هذه السمة الثقافية في ضيفنا - المضياف - فهو أحد أعيان المنطقة الغربية ومن رجال أعمالها المبرزين.
أنه الاستاذ عبدالمقصود خوجة الذي طفنا معه في هذا الحوار حول الاثنينية وشؤون وشجون أخرى تجلت فيه رؤى وفلسفة عبدالمقصود عن قرب.. ودبلوماسية في الاجابات التي غلفها بعفوية وشفافية عبدالمقصود خوجة الحقيقية والطبيعية..
* الأديب الأستاذ عبدالمقصود خوجة.. هكذا يعرفه الناس، هل من تعريف آخر يضاف.. أو تحب أن تضيفه؟
- الأديب في تصوري هو انسان صاحب رؤى وأفكار يستطيع ان يعبر عنها بطريقة منهجية يصل من خلالها الى المتلقي.. ويسعدني ان أكون في زمرة هؤلاء الأفاضل، وان لم أكتب بطريقة مستمرة ومتواصلة لعدم التفرغ، كما لم يكن غرضي اطلاقا تسويد الصفحات.. ولي تساؤل.. كم من الكتاب ينطبق عليهم التعريف السابق؟ وهل كل ما يطرح على الساحة يهم القارىء ويشكل اضافة تستحق مكانها على خارطة النشر؟ إنني لا أتهم أحداً أو أقلل من مجهود فئة بعينها ولكني أود التركيز على أهمية جوهر العطاء الأدبي.
* وهذا الصالون الأدبي يتسامق نحو الأعلى بحضوره الثقافي الثر.. ماذا عساكم أن تقولوا بعد هذه السنوات التي امتدت الى عقود من العطاء؟
- لا أحبذ كلمة «صالون» فهي كلمة غربية الأصل، ولدنيا في ثراء اللغة العربية ما يغني عنها، ولنا أن نقول «منتدى» فهي أنسب من حيث اللفظ ودلالة الكلمة.. وبحمد الله أرى «الاثنينية» تخطر في عامها التاسع عشر، فتية قوية بروادها الأفاضل، وتجاوب الأساتذة الكبار الذين لم يبخلوا عليها بوقتهم وجهدهم وعلمهم وفضلهم.. وبتضافر تلك الجهود أثمرت عطاء لا أقول انه بلغ درجة الكمال، ولكنه جهد المقل، ومحاولة جادة لتوثيق مرحلة مهمة من تاريخنا الأدبي المعاصر، وقد تم التوثيق عن طريق الصوت والصورة، والكلمة المكتوبة عبر ثمانية عشر مجلدا رصدت من خلالها كل ما دار في هذا المنتدى منذ بدئه في عام 1403ه- 1982م، وحتى الآن، وسيستمر التواصل ان شاء الله.. ويبقى الحكم في النهاية للتاريخ.
* لوالدكم الراحل - رحمه الله - أثر واضح في الساحة الأدبية.. وأنتم امتداد لتلك الحزمة من الأضواء الفكرية.. ماذا تقولون عن مآثر والدكم وما قدمه.. ما ترون انه خط لكم في هذا المشوار الأدبي؟
- لقد كُتِب عن والدي )رحمه الله( وصدر عنه كتاب بعنوان «محمد سعيد عبدالمقصود خوجة - آثاره وأعماله- للأستاذ الدكتور محمد بن سعيد بن حسين، وكذلك كتاب «الغربال» للأستاذ حسين عاتق الغريبي، وله أيضاً كتاب جديد تحت الطبع يضم الأعمال الكاملة لوالدي «رحمه الله».. وليس من اليسير الخوض في تفاصيل تلك الكتب، غير ان الباحث يمكنه الاطلاع عليها بيسر وسهولة، فهي متاحة لمن يرغب فيها، وسيتم طرحها - مع كل اصدارات سلسلة الاثنينية وكتاب الاثنينية- عبر شبكة الانترنت بنهاية هذا العام إن شاء الله. ولكن بكلمة مختصرة جدا يمكن القول ان الوالد «رحمه الله» كان سباقا لزمانه، فقد قرأ وكتب الكثير، وكانت له رؤى وأفكار لمعالجة بعض المواضيع التي ما زالت محل اهتمام المجتمع الى يومنا هذا. وقد سبق له ان طرحها قبل أكثر من نصف قرن، ويمكن القياس على هذا بالنسبة لمساهماته الادارية والثقافية، وتطلعاته لانشاء مطبعة حديثة، وابتعاث بعض الكفاءات الوطنية للخارج للحصول على التدريب اللازم لمثل هذا العمل، غير أن المنية لم تمهله لتحقيق آماله وأمانيه العراض.
* لصالونكم الأدبي حضور يقول البعض أنه سحب الأضواء من نادي جدة الأدبي، هل أنت مع أو ضد هذه المقولة أم أن لك رأياً آخر؟
- هذه المقولة لا أساس لها من الصحة، ذلك ان المنتديات الأدبية سواء في جدة مثل الاثنينية، أو ثلوثية الأستاذ محمد سعيد طيب، أو خميسية الأستاذ محمد عمر العامودي، أو في مكة المكرمة مثل منتدى أبو العلا الأدبي، أو في الرياض وغيرها من مدن المملكة تمثل في الواقع واحات ندية.. وملتقيات فكرية ذات أهداف ومضامين تختلف كليا عن النوادي الأدبية، فالأخيرة تعمل وفق لوائح رسمية، وهي من ضمن أجهزة الدولة ممثلة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ولها برامج محددة وأطر تحكم عملها، بينما المنتديات الأخرى تتسم بطابع العفوية في الطرح.. ونستطيع ان نقول بكل ثقة ان الساحة واسعة وتحتمل المزيد والمزيد من هذه المساهمات الخيرة، دون أية حساسيات أو منافسة في غير مكانها.. فالميدان لخدمة الثقافة والأدب.. ومرحبا بكل من يركض ويعطي ويشكل اضافة أو لبنة في هذا البناء الذي نتمنى أن يصل الى عنان السماء شموخا وتواصلا في الخير.. واضافة الى ذلك أقول ان هناك تعاوناً طيباً بين هذه الكيانات الثقافية، فإذا استضافت «الاثنينية» مفكرا أو أديباً سيما من خارج المملكة فنعمل جميعا على اتاحة الفرصة للقائه بأكبر عدد من المثقفين سواء في النادي الأدبي أو الثلوثية أو الخميسية، وذلك تعميما للفائدة، كما ان ادارة النادي الأدبي مشكورة تقوم بالتنسيق معنا في حال استضافتهم لعلم يرون ان لقاءه يمثل امتدادا للخط الذي ننتهجه وهو تكريم المحتفى به وتوثيق مسيرته، والحمد لله تسير الأمور من حسن الى أحسن.
* وأيضا لصالونكم الأدبي بوادر السبق في استضافة وتكريم كبار أدباء ومفكري المملكة والعالم العربي.. هل من أسماء تحددونها.. والتي تم استضافتها وتكريمها هل تحددون لها خطا أدبيا معينا على سبيل المثال؟
- «الاثنينية» كما ذكرت في أكثر من لقاء صحفي، وكما أشرت الى منهجها العام من خلال مقدمتي للجزء الأول من سلسلة فعالياتها، هي عبارة عن كلمة شكر وتقدير وعرفان وامتنان لمن نشرف بتكريمه، فما أجمل ان نقول للمحسن أحسنت، ونشعر المبدع الذي نحتفي به بأن ما قدمه لمجتمعه يجد منا العرفان والوفاء.. أما بالنسبة لتوجه المحتفى به وخطه الأدبي وخلافه، فليس لدى «الاثنينية» أي تحفظات على ما يطرحه الضيف الكريم، لأنه ببساطة يسرد تجربته في الحياة، ولدينا بفضل الله، ثم بعد نظر ولاة الأمر في هذا الوطن الكريم، مساحة واسعة لحرية الكلمة لمن يقدرها حق قدرها، لذلك تجد الضيف المحتفى به في غاية السعادة وهو يبحر مع رواد «الاثنينية» من خلال مسيرته وحياته الفكرية والأدبية والثقافية.
* هل حدثت مفارقات عجيبة في صالونكم - أو منتداكم الأدبي كما تحب ان يطلق عليه - في مشواره مع التكريم والاحتفاء والعطاء، لم تكونوا تتوقعوا تلك المفارقات ولكنها حدثت؟
- المفارقة إذا لم تكن ذات دلالة عميقة وأبعاد تصرفها عن المعتاد، لا ترسخ في الذاكرة، لذا لا أذكر أي مفارقة أو حادثة تشكل خروجا عن المألوف.
* إعلاميا .. هل ترون الصحافة والإعلام يؤديان دوراً تجاه هذا العطاء لمنتداكم الأدبي؟
- بالتأكيد.. هناك تواصل يذكر فيشكر بين «الاثنينية» كرافد ثقافي، وبين الصحافة.. وقد أثبتت بعض الصحف أنها قادرة على التجاوب مع طرح هذا المنتدى الأدبي، وتقدر الدور الذي يقوم به في الساحة الثقافية، ونتطلع الى مزيد من التعاون الوثيق بما يخدم التوجه الذي نسعى اليه جميعا وهو فتح المزيد من آفاق المعرفة والفكر والأدب بما يعود بالخير على الحاضر والمستقبل بمشيئة الله.
* هل تشعر بأن ثمة من يرى ان احدى الاثنينيات أخذت هالة أكثر مما تستحق.. وهل واجهك أحد بمثل هذه الانطباعات.. وماذا تقول عن ذلك؟
- «الاثنينية» لم تكن قط عملا مقننا أو مفصلا بموجب فنون الاخراج والمونتاج والتمثيل والمؤثرات الضوئية والصوتية.. إنها عمل تكريمي يلتف من خلاله الأساتذة الحضور بالضيف المحتفى به بموجب ما يعرفونه عنه أو يتطلعون لمعرفته والاستزادة من علمه وفضله، وهناك من يطرح الأسئلة والاستفسارات التي تهمه بصفة شخصية أو للمصلحة العامة، في النهاية يكون الحضور بقدر توقعات المتلقين وظروفهم الخاصة، وبالتالي يكون الحضور كثيفا أو معتدلا وفق مرئيات كل شخص، والهالة التي تتحدث عنها ليست بيد زيد أو عمرو حتى يقال أنها أكثر مما ينبغي أم لا، فالمسألة نسبية وتعتمد على مستوى العلاقة بين المحتفى به والمتلقي.
* خروجا عن الاثنينية: ماذا تقول عن جدة.. هذه المدينة الوارفة بظلال المحبة على الانسان، كونك من أبناء جدة وتحمل لها في داخلك الكثير من التجذر؟
- لقد قلت في معرض حديثك وصفا جميلا وهي أنها «وارفة بظلال المحبة على الانسان» وتلك حقيقة يشعر بها كثير ممن سنحت لهم الظروف بالعيش في هذه المدينة الجميلة، والتي تعتبر من أجمل مدن الشرق الأوسط، وربما على مستوى العالم الثالث، بأكمله، فهي ثغر باسم وتنعم بتوافق وتناسق بديع بين أشعة الشمس، ومياه البحر، وأرضها العامرة بإنسانها في أصالته وعراقة حضارته، ثم مبانيها وانكسارات ظلالها في مختلف ساعات النهار، وجمال أضوائها ليلا، إنها لوحة تشكيلية بديعة العمق، تضج بنبض الحياة وعشقها.. أتمنى لها المزيد من التقدم والازدهار، ونعلم جميعا ان المسؤولين على قمة هرم العطاء لا يكلون ولا يملون في سبيل تحقيق كل ما تصبو اليه هذه المدينة التي تمثل واجهة حضارية وبوابة مشرقة للحرمين الشريفين.. وبالرغم من انني مكي أبا عن جد إلا إنني فخور بحب جدة التي أصبحت تمد يد العمران نحو مكة في تواصل حميم في الوقت الذي تخطو فيه المدينة المقدسة نحو ثغرها الباسم في ود كبير وقد لا تمضي سنوات طويلة حتى نجد المدينتين في تلاحم تام.
* في كل عام جديد يهل على الانسانية تتجدد الآمال، تستيقظ الطموحات الناعسة يحلم الانسان بعمر جديد وخير جديد للانسان في ظل الانكسار الذي يغلف الاشياء الجميلة كيف تنظر لهذا العام الهجري الجديد؟
- انني متفائل بطبعي وتكويني الشخصي وتلك نعمة كبرى اشكر الله عليها شكر العارف لفضله ومنه وكرمه وبالتالي فالانكسارات التي اشرت اليها مرهونة بأعمالنا وليست مفروضة علينا ذلك ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فما احرانا ان نسعى جماعات وافرادا لتغيير الصورة المهينة التي ينظر بها البعض الى عالمنا العربي والاسلامي ويحاول ربطها عن جهل وتغرير بالارهاب والعنف والتخلف وغيرها من سمات الجاهلية بينما كنا وسنظل خير أمة اخرجت للناس ولكن قاتل الله الاعلام المأجور والهوى الملحق وبعض المحسوبين على هذه الأمة ممن يسيئون اليها من حيث لا يشعرون او يشعرون ويتواطئون مع الاعداء.. لنفتح النوافذ امام شمس التفاؤل وننظر الى الامام في ظل عقيدتنا الراسخة وثوابت الامة ثم نتوكل على الله حق التوكل فسنصل بعونه وتوفيقه الى شاطىء الامان.
* في الحياة تتكشف الاقنعة.. تشاهد من يتقرب لك لمجرد خدمة ما.. ثم تراه بقناع آخر في موقف تحتاجه فيه هل حدث معك.. وكيف تعاملت مع الموقف؟
- القناع هو ما يستخدمه الشخص صاحب العواطف المزيفة ليخفي به ما يسوؤه قبل ان يسوء الآخرين اذ لو كان نظيفا نقيا واثقا من نفسه لما احتاج الى قناع.. فهو بالضرورة من ذوي العاهات النفسية وبالتالي ينبغي التعامل معه بحذر وبايجابية تساعد في كشف واسقاط تلك الاقنعة حتى ينجو منها المجتمع.
وللاسف اصبحت الاقنعة من مستلزمات بعض البشر في حياتهم اليومية، ونزعها يحتاج الى تضافر الجهود وعدم التردد في التعامل مع الذين يتلاعبون بها بما يليق وكل حالة وحادثة وهي في التحليل النهائي مرض اجتماعي ينبغي اجتثاثه من جذوره وهذا يحتاج الى دراسات متخصصة نأمل ان تعنى بها الجهات الاكاديمية والتنفيذية.
* للشهرة بريق ولمعان ووهج.. وانت وسط الشهرة هل تشعر انها تصنع الانسان ام يصنعها الانسان؟
- بداية لا اوافقكم في انني وسط الشهرة ولم اسع اليها في يوم من الايام وعموما للاجابة على سؤالك ارى ان الانسان هو الذي يصنع الشهرة بل يصنع كل شيء يتعلق به «واذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الاجسام» انها ضريبة باهظة التكاليف لمن ارادها ولا اتصور ان الشهرة يمكن ان تصنع الانسان لانها قد تزول في أي لحظة ويخبو بريقها وبالتالي تزل قدم من يتعلق بها بحكم وجوده في بقعة ضوئها دون مقومات حقيقية.
* للطفولة ذكرى وأي ذكرى.. يكفي انها تمثل انطلاقة الاشياء الجميلة نحو الاعلى.. اخضرار الاوراق في النبتة الصغيرة وشروق شمس الحياة ماذا يجذبك من ذكرى الطفولة نحو الماضي.. وماذا تجتذب منها نحو الآن؟
- الطفولة في تصوري هي الاساس والدفتر الذي نرسم من خلاله آفاق المستقبل، ولذلك عني الاسلام عناية بالغة بالطفل حتى قبل ان يولد قبل ان يدخل في سفر التكوين عني باختيار الزوجة «اختاروا لنطفكم فان العرق دساس».. تلك قمة العناية التي ما زال العالم يسعى نحوها رغم وجودها بين ايدينا منذ خمسة عشر قرنا من الزمان..
واحسب ان هذه العناية دليل على ان الطفولة تمثل في الواقع اول خطوة في طريق الرجولة والشيخوخة ومنها يحمل الانسان زاده نحو آفاق الحياة المختلفة ويتطور منها - سلبا او ايجابا - وفق التربية والقيم والمثل التي يتم غرسها في مرحلة الطفولة.
* للحظ دور.. في احيان كثيرة يقذف بك الحظ إلى واحة مفروشة بالورود.. واخرى يقذف بك على اسنة الرماح متنكرا لك باسما للآخرين كيف تعامل معك الحظ في الحالتين؟
- الحظ كلمة مطاطة وقد تعني النصيب )انه لذو حظ عظيم(.. وقد تعني رمية من غير رام ولم أتعامل مع الحظ اطلاقا على اساس انه عنصر فاعل في حياتي بل انظر الى مقومات النجاح من زاوية واقعية وعلمية فنحن في عصر المعلومات عصر السرعة والانترنت وتجاوز الحدود الجغرافية بأسرع من سرعة الصوت بعشرات المرات.. في هذا المناخ الواقعي ينبغي ان نحجم من مدلولات كلمة مثل «الحظ» ونعمل على عدم اسقاطها لتفسير بعض الظواهر التي قد تخفى عن مداركنا كما ينبغي ان نعلم النشء ان لكل نجاح مقدمات ومقومات حتى يركزوا تفكيرهم عليها ويتخذوها اسبابا للتقدم والتوفيق.
* في ظل الانفجار الفضائي للقنوات من خلال الاقمار الصناعية يظل التلفزيون السعودي الاميز والانظف والانقى للمجتمعات المحافظة.. الا ان هناك من يقول ان التلفزيون يحتاج لحركة اسرع في مواكبة الاخبار والتطورات ماذا تقول؟
- ان افعال التفضيل والمفاضلة كالاميز.. والانظف.. والانقى.. الخ.. لا تتيح للانسان بلورة رؤية واقعية لانها تعلن الانحياز منذ البداية كما انها تنفي الآخر ولا تدع له مجالا لعرض وجهة نظره بينما الامور في واقع الحال لا تخرج عن النسبية في كل شيء.. وفي تصوري ان التلفزيون السعودي يحتاج الى بذل جهود مقدرة لجذب قطاعات اكبر من الشباب كمشاهدين لهم رؤيتهم وافكارهم واهتماماتهم كما انهم الشريحة التي تمثل الغد بكل تطوراته مع الآخر.
لذلك اعتقد ان المجال الانساني كنسيج اجتماعي شامل مع مراعاة ثوابت الامة ينبغي ان يكون اساسا منهجيا لكل البرامج التلفزيونية واحسب اننا بهذا لن ننفي الآخر لن ندخل في عباءته في ذات الوقت وهي الوسطية التي ادعو لها باستمرار.
* المرأة السعودية قفزت ووصلت العالمية من خلال دخولها مجلس الامن ونجاحها وتفوقها عالميا.. وفي الطب من خلال الاختراعات التي تهم البشرية كيف تنظر لعقلية المرأة السعودية.. وماذا تقول لها؟
- نظرتي لا تختلف عن نظرة كل مواطن حادب عن نصف مجتمعه الذي يلد النصف الآخر.. اننا ازاء عقليات خصبة متفتحة متى ما وجدت المناخ الملائم للعطاء والابداع. ان المرأة السعودية شأنها شأن المرأة في كل مكان في العالم - وشأن الرجل أيضاً - اذا وجدت العناية والرعاية والتعليم المناسب والتوجيه والتربية الصالحة في البيت والمدرسة والمجتمع بصفة عامة فانها ستكون ذات شأن كبير لان قدراتها العقلية سواء كانت الموروثة او المكتسبة لا تقل اطلاقا عن رصيفاتها في كل انحاء العالم. ذلك العالم الذي تقوم فيه المرأة بدور بارز في مختلف ضروب الحياة من غزو الفضاء مرورا بقيادة الطائرات الى شؤون الطب والهندسة والتعليم والقضاء والفنون والعمارة وانتهاء بجلب الماء والحطب في القرى والهجر.
انها تمارس دورا انسانيا عظيما وتقدم تضحيات جليلة من اجل الاسرة والمجتمع لذلك ارى ان يكون التعامل مع المرأة من خلال تلك النظرة الشمولية التي تليق بها وتحفظ لها كرامتها ومكانتها السامية.
* للغضب هيجان عنيف قل من يستطيع كبح جماحه.. عندما تغضب ماذا تقول؟ وهل ثمة موقف غضبت فيه واتخذت قرارا ثم تراجعت بعده؟
- هنالك احاديث نبوية شريفة عن الغضب وكيفية التغلب عليه وليس هذا مجال التفصيل فيها ولكني احث نفسي قبل الآخرين الى ضرورة تفادي اسباب الغضب منذ البدء حتى لا نضطر الى التعامل معه ومع ما يجره من آثار قد تكون مدمرة في كثير من الحالات.. فمن الحكمة الا يدخل الانسان مدخلا يحتاج للخروج منه ومما لاشك فيه ان الغضب من تلك المداخل التي تعمي الابصار وتجبر الانسان على ايجاد السبل المناسبة لتجاوز سلبياته.. وعموما اذا غضبت لأي سبب - مثل سائر البشر - فانني اذكر الله سبحانه وتعالى فتخف حدة الغضب فورا لانه مس من الشيطان ولا يصمد كثيرا امام ذكر الله تعالى.
* الانسان معرض للخطأ فمن منا لا يخطىء.. هل اعتذرت في لحظة ما عن خطأ معين وما هو؟
- الاعتذار في حالة تبين الخطأ من الصواب هو عين الرجوع الى الحق وكما تعلم فان الرجوع الى الحق فضيلة ولماذا احرم نفسي تلك الفضيلة ما تبين لي الصواب؟ نعم.. انا اعتذر في كل وقت اخطىء فيه ولا يقلل ذلك اطلاقا من قيمتي امام نفسي او امام الآخرين بل يجعلني اشعر بأنني اقوى من نوازع نفسي ويكسبني فضيلة الرجوع الى الحق.
* يتفنن البعض بالصداقة وكم الاصدقاء.. رغم انك قد لا تخرج بالكثير من كم الاصدقاء.. كيف تنظر للصداقة هذه الكلمة المطاطية وكيف تتعامل معها؟
- اعتقد انه من المستحسن عدم الخلط بين الاصدقاء والمعارف.. فهناك كثير من المعارف وصفوة من الاصدقاء.. المعارف لا يقلون اهمية عن الاصدقاء.. فبهم تسير دفة الحياة ويلتقي بهم الانسان في كثير من مناشط ودروب حياته المختلفة ويتبادل معهم المنافع والمصالح ومن بين هؤلاء او غيرهم تظهر صفوة )اعتبرها البعض قلة قليلة جدا كقولهم عن الشيء النادر كالغول والعنقاء والخل الوفي( غير ان الحياة الطبيعية ولله الحمد تزخر بكثير من الاصدقاء الذين نلتقي بهم في الرخاء والشدة وهم زينة الدنيا وزهرة ربيعها التي لا تذوي مع الايام ادركوا القيمة الحقيقية للصداقة والوفاء وارتفعت قاماتهم فوق سفاسف الامور وصغائرها فظلوا كبارا رغم صروف الدهر وتقلبات الزمن.
* للدمعة قصة ودموع الرجال غالية ولكنها تجيء احيانا متى بكيت ألما وحزنا؟ ومتى بكيت فرحا؟
- الألم شيء خاص قد لا يتحقق منه غير من يعانيه رغم تجانس المشاعر والاحاسيس. والالم العضوي امر يمكن التحكم فيه بشيء من الصبر والتجلد ولكن الالم النفسي الممض كفقد عزيز مثلا يستحيل التغلب عليه ويكفي ان سيد البشر صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه حزنا لفراق ابنه ابراهيم ولا اكتمكم اني حزنت وبكيت وتألمت كثيرا لوفاة والدتي )رحمها الله واسكنها فسيح جناته( والدموع في النهاية هي اقصى وسائل التعبير الانساني لانها ابلغ من الكلمات وهي ترجمان المشاعر وصورة ما يختلج في النفس.اما بكائي فرحا فمرتبط بالموقف الذي امر به ولاشك ان ارتسام البسمة على شفاه الطفولة البريئة ينعكس على شفافية البشرية السوية وقد تتقاطر الدموع فرحا وابتهاجا بفرح الآخر.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved