أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 31th May,2001 العدد:10472الطبعةالاولـي الخميس 8 ,ربيع الاول 1422

الريـاضيـة

ورحل الفقيد الذي احببناه
فقدت الرس ابنها عبدالله بن عبدالعزيز الغفيلي وقد بكيت في ذلك اليوم ودموعي لم تستطع ان تحتبس داخل عيوني لفقد عزيز احببته وعشت معه طويلا وأدركت السر في محبته شأني في ذلك شأن كل الذين احبوه ولم يكن حبنا لذلك الفقيد قد جاء نتيجة موقف عابر او مصلحة وقتية او هدف سعينا لتحقيقه، بل ان محبته كانت بشكل عفوي نتيجة لبساطته وتواضعه وحسن معشره ولطفه ونبل اخلاقه، كل يوم يمر تزداد به تعلقا وتحتضن محبته في قلبك كان مثالا للاب الناصح الودود رحيما عطوفا مخلصا في تعامله قريبا منك في احلك الظروف يقدم لك المشورة والنصح في وقت انت بحاجة لهما عركته خبرة السنين وتخرج من مدرسة الحياة مربيا فاضلا احسن قيادة السفينة عندما اوكل اليه قيادتها كمسؤول عن التربية الرياضية في المدرسة وكمدرب في نادي الحزم في فترات كثيرة من تاريخ هذا الكيان.
عمل في الحقلين معا فأبدع فيهما كان الاخلاص ديدنه والتواضع سمته، والعمل الصادق شعاره، فقاد مركبة النجاح في مشوار حياته العملية كمعلم للتربية الرياضية وساهم بقوة في تخريج اجيال عشقت الرياضة وفهمتها على اصولها، كان يرى ان حصة التدريب الرياضية يجب ان تكون حصة علاقة ود وحب بين المعلم وطلابه فأقبل عليه الطلاب بحثا عنه وعن اسلوبه في العمل كان يرى ان اسلوب البساطة والمرح والقرب من نفوسهم اسلوب ناجح مع هؤلاء النشء فطبقه عليهم فازداد الاقبال عليه وتعلق به وبدرسه الطلاب وكان يقدم النصائح اثناء الممارسة اليومية لهذا النشء. فأحسن في التربية كما احسن في العمل وعاش لفترة طويلة حتى آن له ان يستريح من عناء الركض المتواصل فتقاعد عمليا استعدادا لرسم برنامج آخر في حياته، ومع هذا كله كان الفقيد له جانب آخر يواصل الركض فيه فقد بدأ حياته في الحزم لاعبا مخلصا ووفيا ثم اتجه بعد ذلك الى التدريب في ناديه واصبح ذكره على كل لسان في القصيم عرفته جميع الاندية بلاعبيها ومشجعيها فأحبته حتى المنافسين وقفوا له احتراما وتقديرا في وقت كان فيه المدرب الوطني عملة نادرة وتاجا نفيسا في ناديه كان مدربا قديرا قريبا من نفوس لاعبيه يرسم خططه، وينقذ طرائقه ويقدم نظرياته، ويترجم قناعاته، ويطرح دراساته بأسلوب مبسط كسب به حب واعجاب اللاعبين بعيدا عن اساليب التنظير التي يسلكها المدربون الاجانب، كان قريبا من اللاعبين يحس بهم ويعاني من معاناتهم ويتألم لإصاباتهم، بل انه هو الطبيب الذي يعالج هذه الاصابات وهو المدلك الذي يتوخى اعداد اللاعب لتجهيزه لأي لقاء وهو الاداري الذي يستفسر عن احوالهم ويستقصي عن مشاكلهم ويعمد الى حل ظروفهم ويتفقد احوالهم، كل وقته كان مليئا بحب النادي ولاعبيه لم يكن لأسرته وقت ولا لأولاده جزء من وقت بل تناسى اسرته وأصبح طوال يومه موزعا بين المدرسة والنادي، كان عمله في النادي بشكل تطوعي لم يكن يطلب اجرا ولا مبلغا رغم ان مهمته شاقة وعسيرة وعمله مرهق ومتعب لكنه الحب الذي دفعه للعمل في النادي وقد كان قريبا جدا في الوقت الذي كان يتولى التدريب في النادي مدربون آخرون كانوا يعتمدون اعتمادا كليا على نظرته الفنية ومشورته المعرفية وكان بحق يهب للاستجابة عندما يلغي النادي عقد اي مدرب ويطلبه كبديل ويحقق نتائج ايجابية مذهلة عندما يعود الى تدريب النادي ويتولى بنفسه المسؤولية كاملة.. وأنا شاهد على مرحتله كمدرب فقد تتلمذت على يديه واستطعت ان استفيد من خبرته ودرايته الشيء الكثير فقد تعلقت به واصبحت لا افارقه بعد ان ثبت اقدامي كلاعب اساسي في الفريق الاول بعد تسجيلي مباشرة في وقت كان اللعب كلاعب اساسي في الحزم امنية كل لاعب حزماوي واستطعت ان اترجم الثقة التي زرعها في نفسي الى ان رسمت علامة الرضا على محياه وجعلته يعيش اسعد ايامه الرياضية بتعاون زملائي في ذلك الوقت عندما توجنا جهده وكفاحه وعمله كمدرب بالحصول على درع دوري المنطقة ثم الحصول على كأس صاحب السمو الملكي الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز أمير المنطقة آنذاك ليصبح الحزم في ذلك العام 1401ه بطل الدوري وبطل الكأس في وقت كان الفقيد «عبدالله بن عبدالعزيز الغفيلي» او كما نسميه دائما «ابو عزيز» هو مدرب هذا الانجاز الذي لم يحققه اي ناد آخر في المنطقة وقد اشرت الى ذلك كثيرا في كتابات متعددة في الصحف والمجلات الخاصة بالنادي والنشرات المقدمة في المناسبات الحزماوية وطالبت الحزماويين برد الجميل او جزء منه الى ذلك الرجل وناديت بتكريمه باعتباره الرمز الحزماوي وقلت عنه انه ابو الحزماويين او الاب الروحي للحزم وذكرت محاسنة واشرت الى فترات جهده وكفاحه وعرضت صورا من تاريخه وهو تاريخ ثري وغني عن ان اشيد به او افتح صفحاته، فمسيرة اربعين عاما من العمل في النادي كافية لأن تضع الرجل على قمة الهرم الحزماوي بدون منافس من هنا طالبت بتكريمه والثناء على جهده وتعريف الجيل الحالي بهذا الرمز لكن الحزماويين تجاهلوا ذلك ونسوا تاريخ الرمز واصبح كل شخص يبرز نفسه وخدمته على حساب الاوائل الذين نقشوا في دائرة تاريخ الحزم وذاكرته قصة كفاحهم وابداعهم تاركين للآخرين مثلا يحتذى. ان ابا عبدالعزيز كان مثالا للاخلاص والتفاني وانكار الذات تخرج على يديه اجيال عدة امتزج عطاؤهم بالاخلاص واقترن جهدهم بالوفاء الذي تعلموه من رجل الوفاء الحزماوي «ابو عزيز» وبعد ان ترك التدريب عشق الحزم مشجعا ومتابعا واستمر متواصلا مع الجيل الذي تتلمذ على يديه فلم ينقطع عنهم ولم يترك للحياة ان تفسد العلاقة بينهم او ان تقطع حبل الوصل الذي يربطه معهم فواصل زياراته لهم حتى في مواقع اعمالهم وجمعه معهم المناسبات الاسبوعية والشهرية والدورية وفي كل لقاء يكون هو المتحدث بروح الفكاهة والمرح والبساطة والتواضع انه يضفي على الاجتماع روح الألفة والمودة ويقدم المعلومة بأسلوب مقنع مقبول.
الفقيد قلبه كبير وعيونه سرعان ماتذرف الدمع على اي فقيد يسمع بفقده او مصيبة تحل به.. في قلبه رحمة وعطف لكل الناس هو لايعرف الحسد ولا الحقد ولا المكابرة قريب من الناس انه صاحب قلب ابيض يحسن الى الناس دائما فأحبته القلوب تفرغ في الفترة الاخيرة من حياته لأسرته بعد ان كان غائبا عنها في رحلة مستمرة مع العمل المدرسي والعمل في النادي.
وبعد تركه للعمل في النادي منذ سنوات تفرغ لأسرته فكان قريبا منها وعاش مع اولاده في حب دائم وود ليس له حدود وكان تفرغه الكامل هذا العام عندما ترك العمل المدرسي متقاعدا واذكر انه في آخر زيارة له تمت قبل اسبوع واحد فقط في موقع عملي كان يحدثني عن برنامجه اليومي وعن عزمه على تنفيذ برنامج يقدم من خلاله لأسرته مزيدا من العطاء والسعادة لكن القدر كان سباقا لقطع هذا البرنامج وكل ذلك بقضاء الله وقدره ولامرد لهذا القدر.
فرحل الفقيد وقد ترك من ورائه إرثا كبيرا قوامه محبة الناس التي كسبها من خلال تعامله وبشاشته ولطفه ونبل اخلاقه وهذه هبة ومنة ونعمة من الله وهبها اياه فكانت القلوب له مدينة بالحب فبكته القلوب وذرفت على فقده العيون وقد كان خبر وفاته كالصاعقة لأن موت الفجاءة وقعه كبير واثره عظيم وقد كان الفقيد يعد العدة لإقامة مناسبة مهمة تكريما لاحدى كريماته في مساء ذلك اليوم الاربعاء فأراد ان يسعدها باقامة حفلة يدعو اليها المقربين والمعارف والاصدقاء وقد وفى مع الجميع ودعاهم وانهى كل الامور المتعلقة بالمناسبة وعاد في ضحى ذلك اليوم الى المنزل ليشرف على ترتيب كل الامور المتعلقة بالمناسبة لكن يد المنون اختطفته قبل اتمام هذه المناسبة ورحل الفقيد «ابو عزيز» فتوقف ذلك القلب الحاني والرحيم وعشنا كمحبين في وجوم وحزن لهول الموقف لكنها ارادة الله ولامرد لحكمه ولله ما اخذ ولله ما اعطى و«إنا لله وإنا اليه راجعون» وكل نفس ذائقة الموت اللهم ارحمه وأسكنه فسيح جناتك وألهم اهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان ولانقول الا مايرضي ربنا «إنا لله وإنا اليه راجعون».
سليمان بن علي العايد
قائد فريق كرة القدم سابقا بنادي الحزم
القصيم الرس

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved