أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 1st June,2001 العدد:10473الطبعةالاولـي الجمعة 9 ,ربيع الاول 1422

مقـالات

التاريخ يشهد
التجّار رسل دعوة
د. زيد بن محمد الرماني
من المعلوم أن الإسلام انتشر في مشارق الأرض ومغاربها، بعدة طرق من أهمها: الفتوحات والتجارة والدعاة، بيد أن من أهمها ما قام به التجار في نشر الدعوة. وقد عرفت الدعوة الإسلامية بصحة المبادىء المبنية على أسس راسخة، مدعمة بفضائل خلقية عالية ومثُل اجتماعية سمحة.. وكان ليُسر الوسائل الدعوية وسلامتها، الأثر الواضح في اجتذاب الأفئدة إلى دين الله الحق، حيث اتسمت هذه الوسائل باللين والتسامح، اهتداء بقوله عز وجل: «ادع إلى سبيل ربك فالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» الآية.. فدعوة الإسلام لا تفرق بين الأجناس البشرية، أو الألوان أو الأنواع أو الطبقات، فالجميع سواسية أمام الدعوة في سبيل الله. ولذا، يقول أتر بوري Ater Bury «بمجرد أن يدخل الزنجي في الإسلام يشعر بكرامة نفسه، بعد أن كان يعتقد ذاته عبداً، ويصبح في نظر نفسه حُراً». ويؤكد ذلك سبنسر ترمنجهام بقوله: «في حين نجد الكهنوت الغربي برسومه وتقاليده معقداً غاية التعقيد مما ينفر النفس البشرية، فإن الإسلام يأخذ المجتمعات الإنسانية بالرفق والأناة حتى لا تكون النقلة مفاجئة». جاء على لسان أندري راسين صاحب كتاب «غينيا الفرنسية» قوله: «إن نمو الإسلام بين السود يرجع لبساطة قواعده». يقول الله عز وجل: «فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدِّين...» الآية.. من هنا نجد أن من سمات التجار المسلمين الالتزام بتطبيق المنهج القويم في سلوكهم وفي حياتهم، فكان الصدق والأمانة والإخلاص وعمل الخير، من أهم الوسائل التي وصلوا بها إلى أعماق قلوب الناس. بل، لقد كان التجار دعاة لدينهم، بالفطرة وكان هؤلاء التجار المشعل الذي أضاء طريق الدعوة للإسلام، فانتشر من صدورهم في أرجاء الكون، حيث كانوا نماذج مثلى يحتذى بها في جميع الأعمال الفاضلة. وكان من أهم السمات التي تحلى بها التجار المسلمون التواضع حيث نجد أن المعاملة المبنية على التودد والتواضع والإحسان، ركيز الدعوة الإسلامية. يقول باذل دافدسن «لعل من محامد العرب المسلمون في موضوع الرق أن العلائق بينهم وبين رقيقهم كانت إنسانية لحد بعيد». وهناك من الصفات التي امتاز بها هؤلاء التجار حينذاك الكثير، كالصدق والصبر والخلق الرفيع والسلوك النزيه والأمانة، وقد كان لهذه الصفات الأثر الحيوي في كسب الاحترام والثقة. ومن هنا انطلقت دعوة الإسلام في آفاق الدنيا وانتشرت انتشاراً منقطع النظير، شهد بذلك العدو قبل الصديق، والبعيد قبل القريب والغائب قبل الشاهد. لقد كان الرعيل الأول من التجار أهل علم ودراية بالمؤثرات النفسية على تلك الشعوب، فكانوا يقضون فترات طويلة متجولين بين القبائل خاصة في المواسم التي لا تستطيع دواب التنقل السفر ما بين الساحل والظهير، مما أتاح الفرصة أمامهم للاستقرار بين ظهراني الأهالي والشعوب. جاء في بحث الأستاذ أحمد محمد العقيلي الذي بعنوان «دور التجار في نشر الدعوة الإسلامية» قوله: وعن طريق الاستقرار بين الشعوب المدعوة تمكن التجار من معرفة الكثير من العادات والتقاليد واللغات التي كانت العامل الأساسي في تمكن هؤلاء التجار من سبر غور هذه الشعوب، وبذا استطاعوا النفاذ إلى قلوب هذه الأمم بنشر العقيدة الصحيحة. ومن هذا المنطلق استطاع التجار لكثرة احتكاكهم واختلاطهم بالأمم أن يقوموا بالدور الرائد في نشر دين الله، حيث ترعرت الدعوة الإسلامية في ظلال التجار الذين غرسوها بأيد أمينة وقلوب مخلصة. يقول عميد الدراسات التنصيرية ساللر: إن من أسباب انتشار الإسلام أن الاتصال الإسلامي كان أكثر وأن التجار المسلمين كانوا يبدون للشعوب أنهم ليسوا بعيدين منهم والعامل الأكثر أهمية أن رسالة الإسلام ايجابية Positire وسهلة الفهم De fisable. ويؤكد ذلك بقوله: فالمسلم لا يرسم خطاً لونياً بين الأبيض والأسود، فهو يأكل ويتزوج من ذوي البشرة السوداء ومن ثم، لا عجب إذا نظر الزنوج إلى الإسلام على أنه دين السود. لقد كان التجار المسلمون يدركون حقيقة أن واجب المسلمين أن يكونوا جنوداً لدينهم في كل زمان ومكان. فكان أولئك التجار يقضون معظم أوقاتهم في الأمور التجارية سعياً وراء كسب رزقهم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى في الدعوة إلى العقيدة الإسلامية، ولم يكن بينهم من يرى تضارباً بين أعماله التجارية وانصرافه للدعوة، حيثما ساروا وأينما حلوا. بل، كان أولئك التجار يقدمون كل ما يحتاج إليه العلماء والفقهاء من أمور مادية، كفتح المدارس وإيقاف العقارات عليها وبناء المساجد ومساكن الطلبة، كما كانوا يرسلون الطلاب النجباء في بعوث إلى الجامعات الإسلامية في المغرب ومصر. وفي كل مكان وصل إليه التجار، أقاموا الكتاتيب والمساجد والمدارس والمساكن وقدموا المساعدات ووقفوا العقارات. لقد كانت العلاقة وطيدة وثيقة بين التجارة والدعوة وقد كان التواصل بين التجار والدعوة إلى عقيدة الإسلام قوياً متيناً، وبهذا امتاز المسلمون وشهد لهم بذلك الأعداء، وكما قيل «فالحق ما شهدت به الأعداء».

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved