أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 1st June,2001 العدد:10473الطبعةالاولـي الجمعة 9 ,ربيع الاول 1422

شرفات

المجتمع الاستهلاكي ومستقبل التنمية:
الثقافة وسيلة لدخول المجتمع فخ الاستهلاك العشوائي
حذرت ندوة بعنوان «المجتمع الاستهلاكي ومستقبل التنمية أقيمت بجامعة القاهرة مؤخرا وحضرها لفيف من خبراء الاقتصاد والأدب والثقافة وعلم الاجتماع من خطورة الثقافة الاستهلاكية القادمة من الدول المتقدمة والتي تؤدي الى انهيار الانتاج المحلي ونشر ثقافة الدول المصدرة والخروج عن الآداب الإسلامية.
قال الدكتور أحمد مجدي حجازي رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة ان الثقافة أصبحت وسيلة لترويج السلع والمنتجات والخدمات، كما أن السلع نفسها والتي تخاطب غريزة المستهلكين أصبحت أداة لنقل ثقافة الدول المصدرة .
ومع التقدم الكبير في وسائل الاتصالات والتكنولوجيا استطاعت الدول المتقدمة أن تزيد الاستهلاك عن طريق تحويل السلعة الى ثقافة حيث تصبح رمزا وصورة للمجتمعات العليا فيحلم الشباب والمجتمع الفقير بهذه السلعة والحصول عليها، ويعد هذا من أخطر التحديات التي تواجهها الدول النامية لأنها تقضي على المنتج المحلي. ويضيف أستاذ علم الاجتماع ان الاحباط والكبت يدفع الى مزيد من الاستهلال، حتى أصبحنا نحن الشعوب العربية نهرول وراء السلع الأجنبية وتحولت فكرة «عقدة الخواجة» الى واقع راسخ في عقولنا.
ورفض فكرة تعرض العالم العربي للغزو الثقافي مفسرا ذلك بأنه اختراق ثقافي لابد من مواجهته عن طريق الحفاظ على الهوية الثقافية العربية ودعم الإنتاج العربي ليصبح قادرا على المنافسة في الداخل ومنه ينطلق الى الأسواق العالمية.
ويشير الى أن الاستهلاك أصبح متعة لدى الأفراد وساعد في ذلك الشركات متعددة الجنسيات والدعم الإعلامي للاستهلاك، وتطبيق سياسات معاونة للصفوة المنتجة في رفع تطلعات المستهلكين، وشجع ذلك ظهور الرأسمالية والمال النفطي وهجرة العمالة.
وأوضح الدكتور حجازي أن الدول المتقدمة لديها قدرة على تشكيل ثقافة المستهلك وفق ثقافة السلعة مما يتطلب دورا كبيرا من الأجهزة الحكومية وغير الحكومية في نشر ثقافة إنتاجية وترشيد الاستهلاك.
فرية للاستهلاك
أكد الدكتور سليمان العطار أستاذ الأدب الأندلسي بكلية الآداب جامعة القاهرة أن المجتمع أصبح ضحية للعولمة، وفريسة للاستهلاك عن طريق تسويق الثقافة التي أصبحنا مستهلكين لها بعد أن كنا منتجين، وطالما أن الثقافة تعاني من الاحتكار فإنه لن يكون هناك إنتاج، كما أن الإنتاج يتطلب تسويقا وتوزيعا على درجة عالية من الكفاءة وخاصة أنه يعد السبب الرئيس في تدهور كثير من الصناعات العربية ويضيف انه في عصر العولمة والسموات المفتوحة والتدفق الإعلامي والمعلوماتي تحولت الثقافة الى أسلوب حياة يدفع الأفراد الى الهرولة وراء الاستهلاك، بل وأصبحت وسيلة إعلانية فعالة تحول الاستهلاك والتسوق الى أنشطة ثقافية تهدف الى القضاء على الهوية والخصوصية، فالثقافة آلية جديدة يستطيع صاحبها أو منتجها أو مسوقها أن يهيمن على فكر الأفراد، وتحولت السلعة الى رمز بعيدا عن جودتها وأهميتها، وتميل هذه الثقافة الى الوجدانية غير المدروسة فيرتبط الفرد من خلالها بالسلعة بدون وعي فيقوم بشراء هذه السلعة رغم عدم حاجته إليها، وإنما يهدف من وراء ذلك الى الحصول على مكانة بين المجتمع، وهنا يصبح التاجر هو القادر على امتلاك وسائل الإعلام لقهر هذه العقول نحو السلع المستوردة.
منشآت استهلاكية
أرجعت الدكتورة آمال عبدالحميد أستاذ مساعد علم الاجتماع كلية البنات جامعة عين شمس الاستهلاك المفرط الى إنشاء المنشآت الاستهلاكية كافتتاح فروع للشركات العالمية داخل الدول النامية، وهذه المنشآت لديها القدرة على جذب قاعدة عريضة من المستهلكين، والتي تقوم بتغيير عادات وسلوكيات الأفراد، وتدفع الى النهب الاستهلاكي، وهذه المنشآت تتركز في المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية، وفي المناطق السياحية وتعتمد في تقديمها للمنتجات على عنصر الجذب والابهار في الديكور والمناظر والمعدات الحديثة والشاشات العملاقة، واستخدام التقنيات الحديثة والتكنولوجيا، كما تقوم بعمل التخفيضات والجوائز والحفلات، وتسهيل الحصول على المنتجات والخدمات في وقت واحد ومكان واحد بل وتزود بالتراث الشعبي كالمقاهي والأطعمة. وكل ذلك لدفع الأفراد نحو الاستهلاك بدون وعي وبدون الحاجة الى ذلك.
وتضيف الدكتورة آمال ان هذه الشركات لديها القدرة على عرض منتجاتها من خلال الإعلانات وفي وسائل الاتصالات المختلفة، ولهذه المنشآت أبعاد أخرى غير البيع والشراء، وهي تغيير سلوكيات الأفراد وعاداتهم للاتجاه نحو ثقافة استهلاكية جديدة، مما يتطلب إعادة نظر نحو ثقافة الاستهلاك يغلب فيها المعنى والهدف على حساب الاستهلاك، بل ان هذه المنشآت تجعل المنشآت الوطنية هشة، وتغلق الأبواب أمام المنتجات المحلية، وتخلق تنمية غير متوازنة، وتكرس التبعية الثقافية، وتفقد الهوية، وتجعل الأفراد يبحثون عن سلع لا معنى لها.
المجتمع والواقع
وألقى الدكتور جمال مجدي حسين أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة حلوان اللوم على المجتمع نفسه الذي يرفض الواقع ويعيش بامكانات اكبر من دخله الاقتصادي، فهو يحاول دائما تقليد الطبقات العليا، أو المجتمعات الغربية في الحفلات والملابس وغيرها وهو ما ينذر بانهيار الطبقة المتوسطة، فالمجتمع هرول وراء الاستهلاك فتحول كل شيء في حياتنا خطأ.
ويحذر من التحديات العالمية القادمة في وقت يعاني فيه العرب من ضعف في الإنتاج وعدم قدرة على المنافسة ويعتمد على البترول، مطالبا بالاندماج في الاقتصاد العالمي ودعم الإنتاج المحلي وترشيد الاستهلاك.
محمد العجمي

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved