أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 4th June,2001 العدد:10476الطبعةالاولـي الأثنين 12 ,ربيع الاول 1422

محليــات

)وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ(
د. محمد بن عبد الله آل زلفة
في هذا اليوم يمثل بين يدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز يحفظه الله مائة وعشرون عضواً هم أعضاء مجلس الشورى في دورته الثالثة زائد رئيس المجلس ونائبه والأمين العام، لأداء القسم الذي ينص على أن يكونوا أمناء صادقين مخلصين فيما ائتمنهم عليه ولي الأمر، وما حمّله في أعناقهم من مسؤولية المشاركة لما فيه خدمة وطنهم وصونه وحفظه والاستماتة في الحفاظ على وحدة ترابه، وتماسك قواعد بنيانه وتراص صفوف أبنائه، والعمل بجد وإخلاص على ما فيه رفعة وعزة هذا الوطن وخدمة مواطنيه والبحث عن الحلول العلمية والعملية الكفيلة لمواجهة كل المشكلات التي تعترض مسيرة التقدم والنماء، وتحقيق تطلعات المواطنين في الحصول على كامل حقوقهم التي كفلها لهم النظام الأساسي للحكم في مواده .. وهي الحقوق المشروعة والطبيعية لكل مواطن وهي الأمن والتعليم والصحة والعمل والسكن.
هذه الحقوق المشروعة والمكفولة بموجب النظام الأساسي للحكم هي المقومات الأساسية للعقد الطبيعي الموقع بين الدولة والمواطن . وسلطات الحكم الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية تعمل جميعا لتحقيق هذه الغايات المشار اليها أعلاه.
ومجلس الشورى إحدى هذه السلطات بل يضاف اليه مسؤولية رقابية، حيث يتحمل العبء الأكبر لتحقيق هذه الغايات المجتمعية، ومن أجل هذا اختار ولي الأمر هذه النخبة التي يتكون منها أعضاء مجلس الشورى لما تتوفر فيهم من صفات ومقومات أهمها الكفاءة والمقدرة والخبرة وأهلية الولاية الشرعية، وهي صفات انفرد بها مجلس الشورى السعودي ولكي يحقق صفة التميز عما سواه من المجالس المشابهة التي تقوم على قاعدة الانتخابات ولكن ليس بالضرورة أن تكون هي القاعدة المثلى دائما، حيث قد يأتي من بوابة الانتخابات من لا تتوافر فيه الأهلية الكاملة والكفاءة والمقدرة.
وأعضاء مجلس الشورى في هذا اليوم التاريخي من تاريخ التجربة الشورية السعودية وهم يؤدون هذا القسم العظيم أمام ولي الأمر ويشهدون على هذا القسم الذي تبثه كل وسائل الإعلام أبناء شعبهم على ما أقسموا عليه وهو قسم يتحملون مسؤوليته أمام الله وولي الأمر وأبناء شعبهم إذا هم لم يوفوا بما أقسموا عليه من بذل كل ما بوسعهم من تحقيق الأهداف التي من أجلها اختارهم ولي الأمر لكي تقوم الدولة بمشاركة أعضاء مجلس الشورى بما تعهدت به من توقيع عقد بينها وبين شعبها هذا العقد المتمثل فيما نص عليه النظام الأساسي للحكم فالمواطن أعطى البيعة لولي الأمر وولي الأمر تعهد بالقيام بمسؤولياته وواجباته واختار هذه النخبة لكي تعينه على الوفاء والقيام بهذه المسؤوليات وتصدقه النصيحة والمشورة الأمينة. لأنهم يمثلون أهم حلقة من حلقات الوصل بين ولي الأمر والمواطن فهم العقول الذين بأفكارهم يستنير ولي الأمر، والعيون التي بها يبصر أحوال الرعية، والضمير الذي به يراقب أداء الأجهزة التنفيذية. ومن هنا تكمن أهمية المسؤولية التي يقسم الأعضاء اليوم على القيام بها، لأنها مسؤولية أمانة والأمانة خشيت الجبال من حملها وحملها الإنسان، وهنا المحك إما أن يكون صالحاً او ظالماً لنفسه ولأمته ووطنه ولولي أمره. إن المهام التي تواجه المجلس في دورته الثالثة مهام جدا جسام، ولأهمية ما ينتظر المجلس من القيام بهذه المهام على وجه أكمل، رفع ولي الأمر عدد الأعضاء الى مائة وعشرين عضواً لكي يوسع قاعدة المشاركة في تحمل المسؤوليات والقيام بالواجبات ومواجهة التحديات التي تواجهها البلاد، خاصة أمام ازدياد النمو السكاني بشكل ملحوظ وما يترتب على ذلك من متطلبات مجتمعية كثيرة في جميع الحقول التي تكفلت الدولة بموجب النظام الأساسي للحكم القيام بها للمواطنين في التعليم والعمل والصحة والسكن والأمن والغذاء والماء والأمن البيئي وغير ذلك. وكل هذه المجالات تحتاج الى إصلاح وإعادة إصلاح وبناء وإعادة بناء وتنظيم وإعادة تنظيم وتغيير مفاهيم واستحداث مفاهيم أخرى فرضتها المستجدات، وكل هذا يحتاج الى عمل مضن من أعضاء مجلس الشورى والخروج من الرؤيا التقليدية للأمور الى رسم صورة مستقبلية واضحة لمواجهة التحديات، ورسم السياسات والخطط العملية وإيجاد المرجعيات القانوية والتنظيمية الكفيلة في التعامل والتفاعل مع كل إفرازات المراحل السابقة ومواكبة ما يستجد.
ويخطئ من يعتقد بأن مهام مجلس الشورى ما هي إلا مهام تقليدية وقراراته صورية او شكلية او توصيات ليس لها صفة الإلزام. ويخطئ من يعتقد بأن اختيار الأعضاء تتم لاعتبارات منها تكريم من ترى الدولة تكريمه او تكية لمن تجاوز سن التقاعد ومل العمل الحكومي او العمل الحكومي مل منه. ويخطئ العضو الذي يرى أن عضويته في المجلس ما هي إلا لكي تزيده مكانة أو وجاهة اجتماعية أو معبراً لوصوله الى منصب أعلى فيصرف جزءاً من اهتمامه في التفكير لهذه الغايات على حساب مهامه الأساسية التي يحاسبه الله وحكومته وشعبه إذا قصر فيها.
ويخطئ المواطن إذا اعتقد بأن مجلس الشورى ممثلاً في أعضائه سيؤمن له المن في طبق والسلوى في طبق آخر دون أن يطالب أي المواطن بالقيام بواجب المواطنة كاملة من حيث مساهمته الفاعلة والمؤثرة ومشاركته في تحريك عجلة التنمية والتطوير الشامل والاستفادة القصوى وبالطريقة المثلى من منجزات الدولة والحفاظ عليها وصيانتها من العبث لأنها لم توجد إلا من أجله وبماله فهل يعبث المرء بماله وبمال أولاده ومال الأجيال القادمة، إن الحفاظ على المال العام أمانة ومسؤولية تشترك فيها الحكومة ومجلس الشورى والمواطن.
إن التحديات التي تواجه بلادنا كبيرة ومشاركة الجميع في مواجهة هذه التحديات مسؤولية وأمانة في أعناقنا حكومة ومجلساً وشعباً، أمانة أقسمنا عليها أمام الله وأمام ولي الأمر وأمام أنفسنا «وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ».
* عضو مجلس الشورى

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved