أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 13th June,2001 العدد:10485الطبعةالاولـي الاربعاء 21 ,ربيع الاول 1422

مقـالات

رسالة إلى الأمير عبد الله بن عبد العزيز
عبد الله بن ثانى
سيدي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فالمجد هدية لمن يسعى اليه، وأما الخلود فيختار رواده بنفسه...
بكل فخر واعتزاز وولاء وبراء استقبل السعوديون مروءتك وشهامتك التي تجاوزت حدود الواقع المؤلم الى سماء الكبرياء والشموخ متوحدا يا سيدي مع المجد التليد لهذه الأمة ونشوة الانتصار في بدر الكبرى واليرموك والقادسية وحطين.. مؤكدا أن العظماء وحدهم لا يؤمنون بالانكسار والهزيمة، ولا وقت عندهم للحزن والخضوع، يصرون على توقيع حياتهم بالعبقرية والشرف والخلود عندما يقفون على الأرض بأقدام صلبة لا تهتز في لحظات الارتباك والزلازل، إنهم باختصار شخصيات التاريخ الخالدة تماما كما فعلت عندما رفضت دعوة واشنطن احتجاجاً على الأوضاع وممارسات القمع الصهيونية وسياسات الأرض المحروقة في فلسطين، وكان كل ذلك تحت غطاء أمريكي لا يخفى على لبيب.
إن هذا الموقف امتداد لمواقف المملكة العربية السعودية ابتداء من الملك عبد العزيز رحمه الله الذي أرسل للرؤساء والملوك ما يؤكد رفضه لهجرة اليهود الى فلسطين، ولم يكتف بذلك بل أرسل جيوشا عربية سعودية اليها للدفاع عن شرف الأمة المستلب ضد الصهاينة، ومن رسائله الكثيرة رسالة الى الرئيس الامريكي «ترومان» الذي أرسل له رسالة بتاريخ 10 فبراير 1948م قائلا «وأخوف ما أخافه أن تضطر الدول المتحدة الى إرسال قوات مسلحة لتؤدب هؤلاء الخارجين على قرار هيئتها وتنفيذه بالقوة بما في ذلك تعريض أرواح الألوف من بني جنسكم للموت، ومما لا شك عندي أنه سيؤلمكم وسيؤلمني أيضا لألمكم، وإني لا أكتمكم أنني أخشى إذا تمادى هذا الحال أن يتكدر صفو العلاقات الطيبة بيننا وتصاب مصالحنا المشتركة بأضرار بالغة لأن شعب الولايات المتحدة شديد العطف على اليهود المنكوبين الذين خضعوا لقرار التقسيم على الرغم من عدم وفائه بكل مطالبه...
إن التاريخ يا صاحب الجلالة ليسترقب منكم أن تقوموا بعمل حاسم في هذا السبيل ليسجل في صفحاته أن الملك عبد العزيز بن سعود قد استطاع بحكمته ونفوذه أن يقر السلام في الأرض المقدسة فأنقذ بني جنسه العرب من وبال العقوبة العالمية وساهم في الترفيه عن شعب اسرائيل المعذب المضطهد...»
وأجابه الملك رحمه الله في رسالة بتاريخ 10 ربيع الآخر 1367ه قائلا: «... لو اعتدت دولة قوية على إحدى ولاياتكم المتحدة، ففتحت أبوابها لمهاجرين من شذاذ الآفاق ليقيموا بها دولة فلما هب الأمريكيون لرد العدوان والحيلولة دون قيام تلك الدولة الغربية في أرضهم جئنا نحن نناشدكم بحق الصداقة التي تربط بلدينا وباسم السلام العالمي أن تستعملوا نفوذكم ومكانتكم لدى الأمريكيين ليكفوا عن بلادهم ويمكنوا لذلك الشعب الغريب أن يقيم فيها دولته حتى يسجل التاريخ في صفحاته البيضاء أن الرئيس ترومان قد استطاع بحكمته ونفوذه أن يقر السلام في القارة الأمريكية، فليت شعري ماذا يكون وقع هذا الطلب في نفوسكم .... يا فخامة الرئيس إنني ما بلغت المكانة المرموقة التي تذكرونها لي عند العرب إلا لما يعرفون من تمسكي الشديد بحقوق العروبة والإسلام فكيف تطلبون مني ما لا يمكن أن يصدر عن أي عربي مسؤول .. ولقد صرحت للعالم مراراً أني مستعد أن أسير أنا وأولادي جميعا لنقاتل في سبيل فلسطين حتى نمنع قيام دولة اليهود فيها أو نموت .. لقد كان في ممالأتكم السافرة لأعدائنا الصهيونيين وموقف حكومتكم العدائي نحو العرب ما يكفي لحملنا على قطع الصلات الودية بين بلدينا وفسخ عقود الشركات الأمريكية وإلغاء الامتيازات التي خولناها ...».
ومرورا بموقف الملك فيصل رحمه الله الذي قال في خطابه للمسلمين في الحج: «إن القدس يناديكم ويستغيث بكم أن تنقذوه من محنته وما ابتلي به.. وأضاف إخواني إنني حينما أتذكر أن حرمنا الشريف ومقدساتنا الإسلامية تنتهك وتستباح وتتمثل فيها المفاسد والانحلال الخلقي فإنني أدعو الله إذا لم يكتب لنا الجهاد لتخليص هذه المقدسات ألا يبقيني لحظة واحدة على قيد الحياة».
وانتهاء بمواقف خادم الحرمين الشريفين الذي لم يأل جهدا في الدعم المادي والمعنوي لقضية فلسطين.
سيدي: والأكثر إيلاماً في هذه الظروف أن التاريخ قد فتح صفحاته البيضاء لشرفاء الأمة ومع ذلك نجد أن المرتزقة والخونة والأفاكين والجبناء يفضلون الاشتراك في المؤامرة والاختراق ودخول مزابل التاريخ من الأبواب الخلفية ونسوا أن التاريخ الذي سجل مواقفهم المخزية في تمزيق جسد الأمة قد سجل في الطرف الآخر لغورو الفرنسي قوله عندما دخل دمشق فركل قبر صلاح الدين برجله في أول عمل قام به «قد عدنا يا صلاح».
وها نحن الآن في ظل غياب أنسنة النظام العالمي الذي يعيش اسوأ أنواع الحكم الاستبدادي والقمعي على الإطلاق حينما يئد كل قرارات الشرعية الدولية في أرشيف الأمم المتحدة مما زاد من غطرسة الصهاينة في قتل الأطفال والنساء والشيوخ مخترقا بعنجهية لم يشهد التاريخ البشري مثلها كل المعاهدات والقوانين التي تخص الحروب والأسرى وحقوق الإنسان والبيئة.
ولا نعرف سبباً إنسانياً يجعل العالم يغمض عينيه أمام سياسة الأرض المحروقة بعد مصادرة شرف الأمة في الدفاع عن مقوماتها الأساسية تحت ما يسمى بالإرهاب الفلسطيني، وسكت في المقابل عن مطالبة اسرائيل بالتوقيع على معاهدة الأسلحة النووية وفتح مفاعل ديمونة للجان التفتيش، ويدرك العالم المأسوف على شرفه أنها تملك أكثر من 200 رأس نووي في منطقة قابلة للانفجار، قال الأمين العام للأمم المتحدة الرئيس الفرنسي الأسبق جورج بومبيدو في مؤتمر صحفي عقده في 21/9/1972م في باريس «إننا ندين الإرهاب بمقدار ما يصيب أرواحا بريئة دون تمييز ولكن علينا أن لا نفرط في الأوهام، إذ أنه لا يمكن القضاء على الإرهاب الفلسطيني إذا لم يكن لدينا حل للقضية الفلسطينية، إنه يستحيل القضاء على ظاهرة من هذا النوع إذا لم نبادر بمعالجة السبب الجوهري لهذه الظاهرة». وقد حددت اللجنة الخاصة للارهاب الدولي التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في تقريرها في 29/2/1972م أسباباً سياسية اقتصادية واجتماعية منها سيطرة دولة على دولة أخرى والتمييز العنصري، واستخدام القوة ضد الدول الضعيفة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، والاحتلال الأجنبي، وممارسة القمع والعنف والتهجير أو السيطرة على شعب معين وتجاهل العالم بكل أسف مخطط شارون الإرهابي: تدمير البنية التحتية للفسطينيين وقتل الزعماء الفلسطينيين أو نفيهم أو إجبارهم على ترك مناطق السلطة، والقيام بحملة طرد سكان القرى الفلسطينية من قراهم كخطوة أولى لبناء المستوطنات على أنقاضها. ولا عجب في ذلك فهو عضو في عصابة الهاجانا الإرهابية التي قامت بمجزرة قرية قبية 1953م ومجزرة قرية نحالين عام 1954م ومجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982م، وامتدادا للإرهابي زعيم عصابة الأرغون مناحيم بيجين، منفذ مذبحة قرية دير ياسين عام 1948م، والإرهابي موشي ديان منفذ مذبحة اللد عام 1948م.
إن العهد القديم يشكل جزءا مهما من مصادر العقيدة البروتستانتية التي ترى ضرورة عودة اليهود الى فلسطين وانطلاقا من هذا السبب وغيره لم يقتصر الدعم الأمريكي لإسرائيل على رئيس واحد فالرئيس توماس جيفرسون واضع وثيقة استقلال أمريكا يقترح أن يمثل رمز الولايات شكل أبناء اسرائيل في نص التوراة، ولعب الرئيس ويلسون دورا في وعد بلفور اللعين قائلا: أعتقد أن الأمم الحليفة قد قررت وضع حجر الأساس للدولة اليهودية في فلسطين بتأييد تام من حكومتنا وشعبنا». واتخذ الرئيس روزفلت نجمة داود شعارا رسمياً للبريد والخوذات التي يلبسها الجنود وعلى أختام البحرية الأمريكية. وساعد ترومان على دخول مائة ألف يهودي الى فلسطين عام 1946م، وهو أول من اعترف بإسرائيل بعد دقيقة واحدة من إعلانها، وحصلت في عهد جونسن على صفقات من الأسلحة والمعدات التي ساعدتها في هزيمة العرب عام 1967م. والتزم كارتر بأمن اسرائيل قائلا: «إن لنا علاقة خاصة مع إسرائيل وإنه من المهم للغاية أنه لا يوجد أحد في بلادنا أو في العالم أصبح يشك في أن التزامنا الأول في الشرق الأوسط إنما في حماية إسرائيل في الوجود .. الوجود الى الأبد .. والوجود بسلام، إنها بالفعل علاقة خاصة».
وصرح ريجن في الانتخابات الأمريكية أن المسيح يأخذ بيده وأنه سوف ينجح ليقود معركة الأرماجيدون التي يعتقد أنها ستقع خلال الجيل الحالي في منطقة الشرق الأوسط».
سيدي: ربما نحن الأمة الوحيدة في التاريخ التي تطلق على اليهود أوصاف السفاحين والشرسين في حين أن الأمم الأخرى تطلق عليهم أوصاف الغدر والخيانة واللؤم، بل إننا لم نسجل موقفاً إيجابيا سوى حفظنا الشديد لأرقام قرارات مجلس الأمن وأسماء المدن مدريد وأوسلو وكامب ديفيد، ويؤكد ذلك أن المتحدث الرسمي باسم اسرائيل يعلن بعد مؤتمر القاهرة الأخير أن قرارات القمة العربية تشكل انتصارا للحكمة في العالم العربي».
إن الشعور بمرارة الهزيمة يزداد عندما نرى في وسائل الإعلام المختلفة ما يتعرض له هذا الشعب من إبادة بالطائرات «اف 16» والأباتشي، والرصاص في حين أن بعض الدول العربية تتسابق في إقامة العلاقات مع إسرائيل على المستوى الدبلوماسي والعسكري والتجاري، وبدأت نجمة اسرائيل ترفرف فوق كثير من عواصمنا العربية والإسلامية متجاهلة سر الخطين اللذين يرمزان للفرات والنيل، وقد أكد هذا شارون عندما اجتمع سريا بزعماء اليهود في 18 أبريل الماضي في مدينة القدس إذ قال: «إن المبادئ الصهيونية التي بدأت تنفيذها في شكل دولة عبرية في عام 1948م لم تنجز حتى الآن وإن حكومتي ستنجز هذه المبادئ الصهيونية وأولها أن تكون اسرائيل دولة يهودية بحدودها التي رسمتها لها المنظمة الصهيونية العالمية» والأمة في مقابل ذلك قد ابتليت بمن يحسنون الخطب الرنانة والكذب على الشعوب التي لا يمكن أن تنسى جملة الجيش العراقي في عام 1948م «ماكو أوامر» وقضية الأسلحة الفاسدة والأدهى من ذلك يا سيدي أننا اختصرنا قضية فلسطين على العرب، وأخرجنا إيران وباكستان والدولة الإسلامية من هذا الواجب المقدس مع أن مفهوم الأمن الاسرائيلي يحسب كل ذلك بالتفصيل رغم أنف العرب الذين هم بأمس الحاجة الى قادة ربانيين لا يخشون في الله لومة لائم، ويملكون استعدادا لمواجهة التحديات بإيمان راسخ وعقيدة صافية لا يمكن أن تتنازل عن شبر واحد من الأراضي المقدسة مهما كان الثمن، قال ابن تيمية رحمه الله عندما سئل عن تحريرها «بيت المقدس صنو البيت الحرام»، وما يجري عليه يجري على البيت العتيق فهو في خطر ما دامت القدس في خطر».
ولا يخفى على العالم ما تستخدمه اسرائيل لطمس هوية القدس الإسلامية وتهويد طرازها بحجة الهيكل المزعوم، إن فلسطين ليست تاريخيا وجغرافيا وحدوداً وتراباً، إنها شيء مقدس في نفوس المسلمين وهي بحاجة يا سيدي الى موقف شريف كموقفك، ورد سياسي معبر عن ضمير الأمة كردك، وخطاب ثابت ينطلق من الإيمان المقدس بالحق والشرعية الدولية لشعب يريد أن يختار مصيره في أرضه كبقية شعوب العالم.
لقد آن الأوان أن يكفر العالم عن ذنبه في دعم هؤلاء الشذاذ الذين واجهوا عبر التاريخ الطويل رفضا من تلك الشعوب، فبريطانيا طردتهم في أول القرن السادس للميلاد ومنعت دخولهم اليها مدة ثلاثة قرون، وكذلك طردتهم فرنسا في عهد لويس التاسع عشر وأحرقت تلمودهم بسبب كيدهم للشعب الفرنسي، وحرمتهم اسبانيا من الدخول اليها بعد أن أصدر الملك فردنياند والملكة إيزابيلا مرسوما بطردهم بسبب استهزائهم بالكاثوليكية، وكذلك فعلت البرتغال وألمانيا وروسيا القيصرية، وفي المقابل ربما نحن الأمة الوحيدة التي حاولت أن تذيب هؤلاء الشذاذ في المجتمع الإسلامي بفرض دستور يحمي حرية العبادة والعمل والتملك وحرية التنقل، بل إن الإسلام عد الاعتداء على أحد منهم خروجا على التعاليم الإسلامية ما داموا ملتزمين بما عليهم من واجبات ولا أدل على ذلك من موسى بن ميمون الذي كان يعمل في قصر الخليفة المسلم في بلاد الأندلس إذ كان يكتب بحرية عن التلمود والفلسفة اليهودية في الحكم الإسلامي، حتى قال الكاتب اليهودي الماركسي إبراهام ليون في كتابه المفهوم المادي للمسألة اليهودية والذي علق عليه الكاتب اليهودي ماكسيم رودنسون «عامل الإسلام اليهودية بتسامح يفوق التسامح الذي لاقاه هذا الدين من جانب المسيحية كتيار إيديولوجي» اعترف بحقه بالبقاء بالرغم من الهزيمة التي لحقت به».
سيدي: إن الأمة الإسلامية تمر هذه الأيام بتخمة من الخطب الرنانة والتصرفات المخزية لكثير من مرتزقة الثورات العربية التي جاءت بالانقلابات العسكرية بعد أن فقدت شرعيتها لمبررات الاستمرار في تحقيق أهداف تحرير فلسطين وتحقيق الوحدة العربية وقيادة حركة التحرر الوطني والفكاك من أسر الهيمنة الاستعمارية والإمبريالية الغربية، ونسي هؤلاء المرتزقة أنهم المخترقون والسبب الرئيس في كل تمر به هذه الأمة ابتداء من خططهم التوسعية في المنطقة وانتهاء بتأسيس نظام ديمقراطي فاشل وتعددية حزبية مشبوهة وانتخابات دورية مطعون فيها، وفصل لهذه الأمة عن كتابتها وسنتها وتراثها العريق.
إن الأمة بحاجة الى نظام سياسي مستقر قادر على إحداث حسم تاريخي يتوافق مع أطروحتها النظرية والأيدلوجية وقادر أيضا على فض الاشتباك الفكري بين المسلمين عموما، وحل الأزمات المتعددة للإنسان والمجتمع المشتتين بسبب الأنظمة والأفكار والمعتقدات والبدع التي ساهمت في تعميق فجوة الإخفاق السياسي الحاصل بكل أسف.
ويؤكد ذلك أن تاريخ الأمة في الاستقرار السياسي قد مر بمراحل ذات تردد عنيف أشغلها عن تأدية رسالتها العالمية، مات المصطفى صلى الله عليه وسلم ووقع اشتباك سياسي في سقيفة بني ساعدة لولا رحمة الله وعقلانية كبار الصحابة لحدثت كارثة في حق الأمة المكلومة على نبيها الذي وارته الثرى قبل ساعات.
وتولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه سنتين، وجاء بعده عمر بن الخطاب واستقرت الأمة بعض الشيء وبدأت الفتوحات الإسلامية تبلغ الشرق والغرب ثم يقتل في صلاة الفجر، ويتولى بعده عثمان رضي الله عنه وتخترق الأمة من قبل اليهودي عبد الله بن سبأ ويحاصر في النهاية الخليفة الراشد ستة أشهر ويتسور بعض المجرمين عليه ويقتلونه على آية «فسيكفيكهم الله».
وتبدأ مرحلة الصراع السياسي ويتولى علي رضي الله عنه وتشغل الأمة بقتال الخوارج والثوار عن تأدية رسالتها العالمية ويقتل في النهاية الخليفة الرابع، وتبدأ بعد ذلك مرحلة الملك العضوض والمؤامرات في حق شرفاء الأمة واستطاعت الأمة أن تنهض بقوة، وتبلغ الرسالة الى مختلف أرجاء العالم على الرغم من ذلك، ثم يأتي عهد بني العباس، وتدخل الأمة في صراعات بسبب عهدة هارون الرشيد بولاية العهد الى ابنيه الأمين والمأمون، ويكتسح العجم الدولة الإسلامية ويتصرفون، ويقلعون عيني الخليفة العباسي المستكفي بالله، ثم يأتي عهد الدويلات الإسلامية والصراع فيما بينها لإثبات الذات والأمة تواجه هجوما شرسا من المغول التتار والصليبيين. وذهبنا الى الأندلس واستمر الحكم الإسلامي 800 سنة وكان المسلمون مشغولين في أكثر الأوقات بصراع بعضهم بعضا حتى خرجوا على يد محاكم التفتيش دون أثر معنوي يذكر بعد 800 سنة.
وجاء العصر الحديث وبدأت مرحلة الاستعمار والخيانات العظمى لمرتزقة الثورات العربية وتدخل الأمة في صراع غير مبرر ضد الخلافة الإسلامية والأدهى والأمر من ذلك أن بعض علمائها يفتون بجواز إمامة نابليون بونابرت في مصر والفرنسيين في الجزائر التي قدمت أبناءها للدفاع عن شرف فرنسا في الحرب العالمية الثانية أملاً في الحصول على الاستقلال الذي وعدتهم به ولم يتم إلا بمليون شهيد، ويشترك الثوار العرب بقيادة الشريف حسين مع الإنجليز ضدها ويدخلون فلسطين جنبا الى جنب وهم يعلمون أن وعد بلفور اللعين قد صدر منذ شهر تقريبا بعد أن اشترك أتاتورك قائد القوات التركية في المؤامرة إذ سلمهم فلسطين التي أقروها فيما بعد وطنا قوميا لليهود دون قتال وثوار الأمة يبحثون عن مملكة عربية بمساعدة بريطانيا العظمى وسجل خذلانهم التاريخ كما سجل الشرف لمعاوية في قوله لامبراطور بيزنطة عندما عرض عليه المساعدة ضد الإمام علي فأجابه : «والله لو وطأ سنبك من خيلكم أرضنا لا أكونن جنديا في جيش علي».
والمجد للمعتمد بن عباد في الأندلس عندما حوصر من قبل الأسبان ولم يبق أمامه إلا الاستلام أو طلب النجدة من المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين، وكان يعلم أنهم إذا دخلوا الأندلس لن يخرجوا فقال: «لئن أرعى الجمال عند ابن تاشفين خير لي من أن أرعى الخنازير عند رودريك الأسباني».
سيدي: إذا غطت الشعوب وجوهها خجلا من تصريحات مسؤوليها فحق للسعوديين أن يرفعوا رؤوسهم بتصريحات مسؤوليهم المعبرة عن ثوابت بلادهم تجاه قضايا الأمة ولا نملك يا سيدي إلا الدعاء لك بالتوفيق والسلامة والتأييد وأنت تجوب العالم هذه الأيام من أجلها ونقول بصوت واحد «بيّض الله وجهك يا بو متعب». والله من وراء القصد
email:abdullahthani@hotmail.com *

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved