أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 14th June,2001 العدد:10486الطبعةالاولـي الخميس 22 ,ربيع الاول 1422

الثقافية

الورقة الاخيرة
محمد حبيبي
«يانجوم السماء! ما اظلم الربع اذا الربع ضاق بالحر ذرعا
يانجوم السماء! ما اوجع الحَّر اذا ضيم وهو يحسن صنعا»
محمد حسن فقي المجلد )7( ص362
هل كان الفقي يستشعر مرارة رحيل رفاق الدرب واحدا تلو الآخر من العواد وحمزة شحاتة الى احمد قنديل وحسين سرحان، فالسنوسي والزمخشري وحمد الحجي وآخرين.
بعد ان نستثني حسن القرشي وعبدالله الفيصل ـ امد الله في عمرهما ـ.
لم يبق في الدوحة الاَّ ها
فاذرف الدمعة والآها
اذرفهما حزناً على غبطةٍ
لم يبق منها غير ذكراها
أترابها رُحن الى عالمٍ
سوى الذي يدمي حناباها
جنَّاته تحضنُ غدرانه
وينشر العطر برباها
قلت لها وهي على غصنها
كئيبة ترهبُ عقباها
ترنو الى الارض فما تلتقي
نظرتها الا بصرعاها
قلت لها لاتهلكي حسرة
هذي هي الدنيا وبلواها
***
قالت لقد لقيت في محنتي
عسرا فقل لي: كيف انساها
الدوح هذا كان مخضوضرا
وكان بالأوراق تياها
مزدحما ثم غدا مقفراً
منهنَّ إني كنت اشقاها
وكم نفوس ذابلاتٍ رأتْ
أن مناها في مناياها
مجلد 3ص 272
***
ترى اي احساس يحل الآن بين جنبي من يرى نفسه ذابلة وان مناها في مناياها؟!
ماعساه يكون الآن وهو منذ سنين «سجين الهياكل»:
ايها الروح ياسجينة جسمي
وكلا اثنيهما قويُُّ ضعيفُ
وكلا اثنيهما شقي سعيدٌ
وكلا اثنيهما غبي حصيفُ
وانا المفترى عليه غويٌّ
تارة في حياته وشريف
لست ادري اواقع انا محسوس
بدنياه ام خيال مطيف
مجلد 3 ص 402
وهو:
رجك صيغَ من ألم
وتلهَّى به السقم
وتغنى لسانه
بمآسيه والقلم
آثرته الحياة منـــــــــــــــها بأنشودة العدم
مجلد 4ص582
منذ ماينيف على ثلاثة عقود والفقي يكتب تحت وطأة الاحساس بمرحلة خريف العمر ماذا عساه ان يزيد كلما طوى سنة من حياته المديدة ـ زادها الله امتداداً ـ وهو ينوه منذ تلك السنين:
فأنا اليوم في الخريف فما أح
فل الا براحتي واعتكافي
ياخريفي الأخير هل من ربيع
سوف تتلوبه ضروب الشتاء
ام خريفي الاخير انت فما اح
ذر من هذه الحياة بقائي
مجلد 3ص 577
***
إنه قد قرأ حالته جيدا وقسى على ذاته بما اختار لها من اوصاف:
كطلل بالٍ غدا هيكلي
ببومه يشقى وغربانه
مجلد5 ص98
«كان لي صرح تهدَّمه
زمني فارتحت للطلل
فاتركيني بعد معركةٍ
دَمِيَتْ من حرها مقلي
كنت نسراً قبلها فإذا
أنا في الاجواء كالحجل»
مجلد 5ص 86
ومهما كان ترتيب التراكيب وتنوع مفرداتها وحسن الصف لنسقها الظاهري في كتابة فالبؤس والشفافية هي التي تطل:
أنا عودٌ ماله
من ثمر أو جداولْ
أنا قلبٌ ماله
من وطرٍ أو مآملْ
أنا ليل ماله
من قمرٍ أو مشاعلْ
***
ليتني ماكنتُ
ظلما عاتياً وشرورا
ليتني ماكنتُ
ويلاً عاديا وثبورا
ليتني ماكنتُ
إثماً عاريا وغرورا
مجلد 3 ص 296
***
حتى مفرداتنا المألوفة حين نودع من نحب او نتناول باللقاء مرة اخرى معه لم يترك لنا الفقي ان نقولها على طريقتنا بل على طريقته في الختام:
إذا ماغبتَ يوماً من عيوني
فسوف أراكَ بالقلبِ العميدِ
أراك بألفِ باصرةٍ بجسمي
تشفُّ من الهوى بدم الوريد
مجلد 3ص92
أو:
فغنِّ لي ياعندليبي فما
أحلى غناءً يستثير الشجون
مجلد 3 ص105
***
هوامش:
النماذج المختارة هي من الاعمال الكاملة لمحمد حسن فقي والصادرة «دون تاريخ» عن الدار السعودية للنشر والتوزيع وبلغت ســـــبعة مجلدات شعرية.
مفارقات
مع ان الفقي يعد صاحب اكبر تجربة شعرية الا أنه طبع نتاجه الشعري وتكلف بنفاقته. وكأن الفقي لايود لشعره ان يلاقي مصير النتاج الشعري للعواد الذي احتفى مؤخرا بمناسبة تأسيسه نادي جدة وكان الأولى من «درع» تذكاري للعواد مؤسس النادي ان يعيد النادي طباعة اعمال العواد الكاملة المفقودة منذ تأسيس النادي!!
ü لايوجد ناد ادبي طبع الاعمال الشعرية لاي من الشعراء الرواد باستثناء نادي جازان طبع للسنوسي.
ü لم تسع جهات عديدة لتكريم الفقي رغم انه من اكثر الشعراء العرب نتاجاً شعرياً إن لم يكن اكثرهم والفقي سعى لتكريم الكل بجائزته!!
ü أنجزت اطروحات علمية عديدة عن الشعراء السعوديين منفردين وبحسب علمي لم يتصد احد لدراسة شعر الفقي مستقلا؟!
ü يعد الفقي من انجح الشعراء الرواد الذين طرقوا.. «الشعر الجديد» التفعيلي وقدم فيه قصائد تدل على أن طول ممارسة الشعر المقفى لم تحل دون تمكنه من الكل الجديد، وعرف عنه ان اكثر الرواد احتفاءً بالاجيال الشابة.
ü مالذي بقي مما لم يكتبه الفقي او ينقله لتلتفت الانظار اليه سوى.. ربما قدره ان امد الله في عمره لينجز ذلك الفعل الشعري الذي يعد علامة فارقة في أدبنا المحــــلي وليس ذنبه ان يطيل الله في عمره.
يافتاي إنه قدري
مايفرُّ المرءُ من قدره


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved