أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 15th June,2001 العدد:10487الطبعةالاولـي الجمعة 23 ,ربيع الاول 1422

أفاق اسلامية

الداعية والبنطال والقوارير
سارة السلطان
لقد نقل لي قبل فترة اعلان عن اقامة ندوة ذيلت اسفل هذا الاعلان هذه الملحوظة )ممنوع الدخول لسماع الندوة لمن يرتدي البنطال(. ولي وقفة عند هذا، فإذا كان ارتداء البنطال يعد مخالفة شرعية؛ لما فيه من التشبه كما أفتى بذلك علماؤنا الكرام فإن في هذا الاعلان قدرا من التنفير من الدعوة من البداية.. بل إن استياء الحاضرات من اسلوب الداعية سبب لعدم حصول الفائدة المرجوة من الندوة.
فالدين الاسلامي ينبع منه جوهر المعاملة، التي تسمو بالفرد ليبلغ قمة الرقي بالتعامل، ودماثة الخلق، وروح الانسانية، قا ل تعالى: )فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر..( فمتى تعامل المسلم مع الآخرين من خلال وهجه.. وتعاليمه اليسيرة.. كان سديداً في دعوته، نافذ البصيرة في حجته، موثوقا به عند الآخرين، وكانت كلماته وقع الماء الزلال على الصخور من الجبال، فرغم ليونة الماء وشفافيته الا انه مع الايام يخرق الصخر الجلمد.
فما هو هدف الدعوة؟ أليست الدعوة محوراً أساسياً وحيوياً لمنهج الاسلام الحنيف؟ وهدفاً له غاية نبيلة هي تحقيق العبودية لله رب العالمين، وما يقتضيه ذلك من تغيير مظاهر الانحراف عن الفطرة في التصور والسلوك، والمظهر الذي نراه باديا على من شذت بهم شهواتهم عن الطريق المستقيم.
فمن مقومات الدعوة الصحيحة الصادقة ان توجه لكل فرد، سواء كان عاقلاً أو سفيهاً.. وهذا الاخير اولى بسماع الندوة، وأحق بأن توجه اليه الدعوة، لما يدفعه سفهه اليه من تصرفات تخرجه من دائرة سمو الأخلاق، سواء كان هذا السفه قولياً أو فعلياً أو حتى في المظهر الخارجي.. فمن يتصرف بتلك التصرفات غير السوية يتطلب تقويما وتذكيرا باستمرار، لعل الله ان يكتب له الهداية بفضل من عنده، ثم بالدعوة الراشدة، فما نحن الا وسيلة، وإنما الهداية من الله تعالى.. والتطلف في دعوة امثال هؤلاء من أعظم ما تنال به الحسنات، كما قال: صلى الله عليه وسلم : «لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم».
وأسلوب القوة والتوبيخ قليل النفع بل ربما كان له اثر عكسي لا سيما مع فئة المراهقة، لما تتصف به هذه المرحلة من الثورة والعناد وحب الاستقلال، ولا يختلف اثنان في خطورة هذه المرحلة العمرية على حياة المراهقين النفسية والدينية والاجتماعية، فهل نتركهم فريسة لبراثن الشياطين؟ وهل نصبح عوناً للشياطين عليهم؟
لذا فمن المقومات الايجابية للدعوة ان نبتعد عن الصلف، والجفوة، ونسلك بها سبيل الحكمة، واللين، والعطف، لقد كان بالامكان ايصال تلك الرسالة الاعلانية بصيغة اكثر تهذيباً، تحقق المقصود، ولا تمنع أحداً من الاستفادة من الندوة، كأن تكون بهذه الصيغة )سنكون اكثر سعادة بالتزام الحاضرات بالزي الاسلامي الأصيل(، أو بصيغة اخرى اكثر لباقة، بل لو حذفت لكان أولى وأنفع.
ولا بد من الاهتمام بمنبع بؤرة الشباب، لا من خلال اهتمامنا ومنطقنا، حتى نتمكن بعد ذلك من الاصلاح وتغيير الآراء الفاسدة الى آراء اسلامية صحيحة مستقيمة، فالشباب يرفض مجرد التفكير للدخول في قنوات المجتمع الثقافية والدينية، لانها في عرفهم تحجر ورجعية، ولكنها في عرف ذوي الألباب حكيمة ومطلب نحلم به لنرقى سلم المثالية.
لذلك لا بد من وسائل جذب وتشويق عوضا عن أسلوب الشروط التعسفية في نشر الحق الإلهي علينا، ولا بد من تعزيز علاقة الداعية بالشباب، حتى يستطيع التسلل برفق لتعديل ما نراه منافيا للشرع، أو المألوف، قال تعالى: )ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم( وقال تعالى: )ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بم ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين(،
وتأملوا معي في بداية الآية وختامها ترون ما يؤكد ان الحيدة عن الحكمة في الدعوة لا تحقق الهداية المقصودة. وإن ظنها الناس كذلك لان الهداية بيد الله وما علينا الا البلاغ المبين.
فشروطنا في هذه الحالة اعاقة بالطول والعرض في جذب المراهق والمخطىء والسفيه الى تلك المجالات الايمانية الرحبة.
فحري بالداعيات والتربويات اذا رأين اخوات مفتونات بالتقليعات المستوردة، والمخالفات الشرعية ألاّ يسخرن منهن وألاّ يتجاوز الاسراف في السخرية الى المنع من سماع الخير.. فان للقدر كرات وليكن شعارنا دائما )يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك( وما وقع في المخالفات الشرعية من وقع الا بتأثير سلبي، إما بتأثير الصديقات السيئات، أو بيئة البيت وما فيه من أدوات الهدم وعوائق الالتزام، ثم للاخوات الصالحات دور كذلك من خلال تعاملهن السلبي مع مثل هؤلاء المفتونات، وعدم التطلف معهن في النصح والعبارة، والتجهم في وجوههن، وانتهاج اسلوب المصادمة مما تعتقد معه أولئك الفتيات ان الصالحات عدوات لهن ولا يحببنهن.
ومن هنا يجب علينا ان نمسح الصورة السيئة من أذهان الفتيات عن بعض الصالحات، من خلال حسن المعاملة، وطلاقة الوجه، وحسن القول، واكتساب مهارة فن التعامل مع الآخرين، وكيفية كسب قلوبهم.
وأنا شخصيا أعرف الكثيرات بصفتي مشرفة اجتماعية يغبطن الصالحات، وتحديداً التي تنتهج طريق الجادة، والسبب كما ذكرنا أنهم ابناء فطرة سليمة، فرفقاً بالقوارير، عسى الله ان يهدينا سبل الرشاد.

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved