أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 20th June,2001 العدد:10492الطبعةالاولـي الاربعاء 28 ,ربيع الاول 1422

مقـالات

الجَمعُ بنيَّة الطَّرح..!
ابراهيم عبد الرحمن التركى
)1(
<< لا عُمر يكفي كي أشدّ نهايتي لبدايتي..
محمود درويش
< < <
بدلت تلكم القصورُ تلالاً
من رمادٍ ومن تراب ركامِ
ابن الرومي
< < <
أنكر العاذل منّي
أن قلبي يتقلّب..!
البهاء زهير
< < <
)2(
<< لا تُغَنِّ الألما..
قرب النايَ وهاتِ القلما..!
واسِقني غيثَ سَما..!
< < <
<< اجمع الماضي مع الآتي
وأبعد ربّما..
واروِ معنى التِّيه
إن عمّ الظَّما..
ضجت الرّيحُ
ب«هل»، «ماذا»، «لما»!
وارتدى الموجُ
مداراً طلسما..
< < <
حان وقتُ البوحِ
ضاءتْ في الحمى..
وتلاشت:
«كلما» شئنا سبقنا الأمما
من بغى الحقّ
أفاق الذِّمما..
ومضى للغاية الكبرى
وأرسى «الانتما»!
< < <
)3(
<< لنقرأ «اليوم» برؤية «الغد»!
وربما استعرنا «آلة الزمن» لنخطو مع «الريح» إلى «الآتي»، ونرى «مؤرخين» و«مفكرين» قادرين على رصد المرحلة الحاليّة بلغة يغيبُ عنها عامل «المكان»، وتأثيرُ «الإنسان»، فتبدو «الحقيقةُ» مجردةً، والأحكامُ «مبرأةً»،
ويبدو القرن «العشرون» «وما بعده» أمامهم، كما يبدو أمامنا القرنُ «الأول» أو «السابع» أو «الخامس عشر»، فلا «خوفَ»، ولا «زيفَ»، ولا «مجاملةَ» كما لا «حَْيْفَ»،
ونتأمل «رقَّنا» في «أوراقهم»، و«أخطاءنا» و«خطايانا» في «خُطُوطهم»!
< < <
)4(
<< «الأستاذ» لقب لم يكن أحد سوى «العقّاد» يحظى به، وقدْ غابت «المعاييرُ» اليوم فحظي به باعة الفول والسمك، وكتَّاب العرائض، ووجهاء المدح والردح، وحاملو شهادات التطعيم ورحلات الشتاء والصيف، فانتفت الفوارق وأضحى الجميعُ أساتذةً، والمتعلمون آحاداً..! لكن هذه قضيَّة أخرى سئمتْ «أصواتَنا»، كما سئمنا «سياطَها» فلنُعدِّ عنها بعبور «المواقع» إلى «الوقائع»..!
أما العقاد «1889 1964» فقد كان يكرهُ من يضعُ أصبعه على الطريق من أول نظره، ومن ينزل عند أول محطة يتوقفُ عندها القطار، والمحامي لأن أباه كذلك، والطبيب لأن أباه كذلك، ويكره من يتعجلون الوصول إلى النهاية لأنه )أي الوصول( نهاية، ولأن النابغين يرفضون ذلك ويفضِّلون «الفن» و«العذاب» على «اللذة» و«الصمت»..!
هكذا حكى «أنيس منصور».. على لسانه )ص621ط3( في كتابه )كانت لنا أيام....(،
وهكذا تبدو «البدايةُ» لمنْ شاء «تميُّزاً»، وعاف «تحيزاً» في عصر «العاديّة» و«الانحياز»!
أما «النهاية» فهي قدرُ «المستعجلين» كما هي مصيرُ «العاجزين» برغبتهم أو رغم أنوفهم، وربما أوحتْ بمأساة الإنسان العربي الذي يصلُ «الخاتمة» مع «الاستهلال»،، ويفتح «المقدمة» بجانب «الخلاصة»، وينتهي دون أن يؤذن له بالبدء!
< < <
)5/1(
<< لنتجاهلْ «النهايةَ» الآن، ولننتظرْ بضعةَ قرون، فنتخيل «الزمن» وقد جاد لأرباب ذلك العصر «بمؤرخ» يعي، و«مفكر» يحَّلل، و«قارىء» يعتبر..!
لن نفاجأ إذا حكموا على هذه الحقبة «العربية الإسلامية» بالظلم والظّلام، ولن يتحرّكَ فينا شعورُ الدفاع عن الزمن إذا وُصمت هذه المرحلة «بالهزال» الثقافي، و«الهزيمة» السياسية، و«الاهتزاز» المجتمعي، وفيها كما سيكتبون ضاعت «الأرض»، واغتصب «العرضْ»، وتحكمت «القلّة»، وغُلبت «الأمة»، وهِنّا على أنفسنا فتضاعف هواننا على الناس...!
< < <
)5/2(
<< سيكتبُ هذا، ولو راهنا على غيره، واستعادة الفترات الماضية من التاريخ العربيّ كفيلةٌ بإعطائنا فكرةً عما سيقال عنا مستقبلاً، فلن نكونَ أفضلَ من حُقَب «السقوط» في مراحلِ «الفتنِ» «والحروب» حيث «التجزئة».. و«الطوائف»، و«التآمر»، و«الأساطير» و«الخرافات»..، و«الفِرق»، و«الملل» و«النِّحل»، وغزوات «الصليبيين» و إرهاب «محاكم التفتيش»، وتسليم «غرناطة»، وإلغاءُ «الخلافة»، وما تداعى قبل ذلك وفي أثنائه وبعده مما سجِّل ونوقش وأثار جدلاً لا ينتهي إلا بالاتفاق على «الفشل» في مقابل الصحوة المعادية التي «احتلَّت» «وحلَّت» بعدما غابت شمس المسلمين أو «اضمحلَّتْ»..!
< < <
)6/1(
<< هل يكفي أن نعود.. بمثلٍ عاجل إلى الخليفة «المعتمد» في القرن الثالث الهجري )وهو بالتأكيد غير المعتمد بن عباد حاكم أشبيلية( الذي قال بنفسه عن نفسه:
أليس من العجائب أن مثلي
يرى ما قلَّ ممتنعاً عليهِ
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعا
وما من ذاك شيءٌ في يديهِ..
ووصف «الخليفة العباسيُّ» حاله بمقاله فأنشد متألماً:
أصبحت لا أملك دفعاً لما
أُسام من خسفٍ ومن ذلةِ
تمضي أمور الناس دوني ولا
يشعرني في ذكرها قلتي..!!
< < <
)6/2(
<< تلك تجربةُ واحدة من مئات «التجارب» التي وثَّقها التاريخ فحكى دون تهيُّب، ونأت «الأسماءُ» عن «الألقاب»، و«الحقيقةُ» عن «الأنصاب»، وارتسمتْ صورٌ لما حجبت «قتامتُه»، وأطيلت «قامتُه»، وظنَّ «امتداداً» فبدا «ارتداداً»!.
< < <
)6/3(
<< هل يمكن أن نكون «استثناءً» حين يفرغ «المؤرخون» بعد عقود أو حتى قرون ليدرسوا هذه المرحلة «المأساوية» من تاريخ الأمة، حيثُ اختلطت الألوان، وسمي «الحق» باطلا.. و«الباطل» حقاً، و«الهزيمة» نكسة، «والاستسلام» سلاماً، و«الأقزامُ» عمالقة، و«القيودُ» انطلاقاً، و«الإغلاقُ» آفاقاً..؟!
ابحثوا في دواخلكم عن الإجابة... وفكروا في أسئلة أخرى!
< < <
)7(
<< هل نحن مستعدون لتقبُّل حكم التاريخ علينا؟ وإذْ لا خيار أمامنا للإجابة ب«لا» فإننا إلى أن يحين موعدُ «المحاكمة»، أمام ركامات أخرى من «العِثار» المادي والمعنوي التي تنتظر «الراصدين» ممن لا يُغريهم «طمع»، ولا يمنعهم «وجع» وسوف نصل بوثائقنا، وعبر «ثقاتنا» إلى تعريةٍ كاملةٍ «للحال» و«المآل»!
< < <
)8/1(
<< في حوار درامي من فيلم «مالومبرا»
كما ينقل )سمير غريب( في كتابه )راية الخيال( يرد المشهد التالي:
هل تذكر كل شيء.. كل شيء.. أنا لا أذكر شيئاً.. لكن أعلم أن هذه اللحظة قد أتت يا سيسليا.. أي عالم كنت تعيشين فيه.. انني اختنق...!
وربما جاءَ مشهدنا بعد حين..:
هل تذكرُ «الطبول» التي توقد «الحرب»، وتدعي «الحُب»..؟
وهل تذكر «الأقلام» التي تمسخ «الأفهام»، وتوحي بما يُكرِّس «الأوهام»؟
وهل تذكر «العَبث» يسمى «جداً»؟ و«الخُنُوع» هجوماً، و«الخوف» حكمة، و«يهود» أصدقاء؟!
وهل تذكرُ أننا كنا «شركاء» في الجهل والتجهيل، والضلال والتطبيل؟!
< < <
)8/2(
<< ستقول: إنك لا تذكر..!
ما أبأس «الذاكرة» حين تنتقي، وما أشقاك إذْ لم تُرِدْ أن تكون معنا سعياً لأن ترتقي..!
وما أتعسَ «الذاكرة» حين تواجهها «الذاكرة»، وتقولُ ما لم يُقل، وتصفُ ما لم يُنلْ، وتستعيدُ مع «كثيِّر»:
ومن يتتبعْ جاهداً كُلَّ عثرةٍ
يجدها.. ولا يسلمْ له الدهرَ صاحبُ..
ألم نكن أصحاباً..؟ فلم نتبَّرأ ُمن بعضنا..؟!
سؤالُ بحجم «العاصفة» لا تجيبُ عنه «العاطفة»!
التاريخ لا يعترفُ بالصداقات!
email..ibrturkia@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved