أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 20th June,2001 العدد:10492الطبعةالاولـي الاربعاء 28 ,ربيع الاول 1422

محليــات

لما هو آت
يا.... رب
د. خيرية إبراهيم السقاف
عندما يحزب بالإنسان أمرما..! يلجأ إلى الدعاء....، وتجده وهو يهرع إلى الله يطيل الجلوس بين يديه، يتمثَّل ما هو واجب فعله في وقت كلِّ فريضة، فالدعاء عبادة، بل هو الوسيلة الأقرب إلى الله...، والله تعالى يحبُّ الإلحاح في الطلب، ليس كالبشر الذين يضيقون ذرعاً بحاجات بعضهم، ويصدُّون أبوابهم دونهم...
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى الدعاء في الرخاء والشدة، ففي الرخاء يشكر، وفي الاطمئنان يذكر، وفي الأزمات يتفكَّر ويسأل...
لا يكلُّ.. ولا يملُّ... وتلك طرق خلفائه، وأساليب صحابته، ونهج من اتبع نهجهم... لذلك خلَّف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعية جميلة، بليغة، تناسب كلَّ حاجة، وتوافق كلَّ موقف...
في لغتها واضحة، وفي معانيها جليَّة... تنمُّ عن اعتقاد صادق بقرب الله تعالى من خلقه، وبقدرته على تصريف أمورهم، وباستطاعته على إيجاد الحلول لمواقفهم، والله تعالى موجود في الوجود بوجوده الدائم...
وهو مُطَّلع عليهم ببقائه الأبدي...
وهو المحيط بكل ما يحيط بهم بعلمه الشامل وإحاطته الحاصلة...
وهو العليم بهم، الناظر إليهم بيقظته الأزلية... فهو تعالى لا تغفل له عين ولا تنام...
وهو تعالى عرَّف عباده بهذه الحقائق...
وهو تعالى منحهم أوقاتاً موقوتة كي يكونوا بين يديه يعبدونه فيتولى حاجاتهم..وقد قال تعالى في محكم تنزيله: «قل ما يعبأُ بكم ربِّي لولا دعاؤكم»
فمن الذي يعبأُ بالدعاء في كل لحظاته؟
ويحرص على التوسُّل والخضوع في كلِّ أمره...؟
إن أُعطيَ شكر ودعا ببقاء العطاء... واستمرار الرحمة، وعدم زوال النعمة... وبحفظها، والإعانة على أن يستخدمها في مرضاة الله...
وإن لم يُعطَ سأل الرحمة، واللطف، ورفع الضُّرِّ، وكشف الغمِّ والهمِّ، وتسديد الحاجة، والعون على صدِّ الضرر ومنعه؟
من الذي يطيل بين يدي ربه الدعاء... والناس تعيش في حياة زادت فيها الأمراض النفسية، والخلقية، والاجتماعية، والفكرية؟
من الذي يدرك فقر الناس في هذه المرحلة إلى معرفة الطريق الصحيح إلى الله؟
وأنَّ الوقت يمرق من بين الأيدي في توافه الأمور؟ وأنَّ العمر يمضي فيما لا يفيد؟...
من الذي يلجأ إلى ربه في كل اللحظات؟ ولا يفعل ذلك فقط عند الحاجة؟
ألا يحتاج المرء إلى ربِّه لكلِّ ما يواجهه في الحياة في البيت والشارع والمكتب في الَّليل والنَّهار وفي كلِّ اللحظات؟
ألا يحتاج الآخر القريب إلى دعوة أخٍ في ظهر الغيب؟
ألا يحتاج الآخر البعيد إلى مثل ذلك؟
ألا يحتاج المجتمع الأكبر المشترك فيه الأفراد في العقيدة أو الدم إلى دعاء مكثَّف لرفع الضُّرِّ، وكبح الشهوات، وإبادة الظلم، وصدِّ الأذى، والفتك بالمتجبِّر الضَّار؟... ألا تحتاج هذه النَّكبات المتلاحقة في حياة المسلمين إلى دعاء متواصل، وإلحاح شديد، وتقرُّب إلى الله كي يزيلها، أو يخفِّف منها؟
لماذا يستعجل الإنسان في صلاته كأنه على انتظار ما هو أفضل؟ وكأنَّ على رؤوس الناس الطير، بمجرد أن يسلِّم الإنسان من صلاته ينهض ذاهباً دون أن تُرفع اليدان، ويخشع القلب، وتدر العينان؟...
ربما يقول قائل: ومَن الذي يحدِّد هذا الأمر؟... فهناك الذاكرون الخاشعون الداعون المبتهلون؟...
أجل...، ولولاهم ما الذي يمكن أن يكون من أمر الدنيا بهؤلاء الناس الذين يشهدون بالله رباً وبمحمدٍ رسولاً وبالإسلام ديناً؟...
ولكن: متى يعود المسلمون سيرتهم الأولى..؟ قلوباً مطمئنة بذكر الله، وألسنة لا تكلُّ من ذكره، وأقداماً تمضي إلى حيث يرضيه، وأيدٍ لا تتوانى عن الارتفاع في سطوع الشمس وغسق الليل: اللهم الطف بالإنسان في مهبِّ الحياة الفانية ورياح الضياع تعصف به... اللهم إنك قريب مجيب... فاجعل أفئدة الناس إليك، ورطِّب ألسنتهم بذكرك، كي تنقشع عنهم غمامات الضلالة والبعد عنك.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved