أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 24th June,2001 العدد:10496الطبعةالاولـي الأحد 3 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

شدو
الصيف خريف التداعيات..!
د. فارس محمد الغزي
قالت - انترنتيا- ما أعجبه.. ما أغربه من زمن.. قال: صدقت فإنه زمن عجيب غريب..، فأردفت بالقول: ياله من وصال أثيري تسومه بوارح أجواء خيالات المجرات.. فأجابها أثيريا: بل يا لَنُزله )العنكبوتية( تسومها لواقح اليأس السديمي المعتم.. قالت: إن برد هذه النزل الخاصة قارس.. فقال: والمسافات قسوة البرازخ القارسة.. فقالت: ماذا فعل بك الزمن.. وهل طالك - كما قال ابن المعتز- غباره.. فأجابها بالصمت..وبالصمت نفض غبار ما أثاره في كيانه السؤال من غبار.. ففهم السياق ورأى الاشارة.. فتمثل - شعبيا - قائلا:


ما تغيّرت الزمان اللي تغيّر
أنا )ماخْطيت( الزمن مِخِْطي عليّه!
)كان( ليلٍ لا حشا ما هو قصيّر
وغربةٍ فيها قصيراتٍ يديَّه
فقالت.. وقال.. فقالا معا.. )قول الشاعر(:
قالت عهدتك مجنونا فقلت لها
إن الشباب جنونٌ برؤه الكِبر!

إذن فالسؤال.. القبوع لماذا ومجاديف الارادة تشع بالقدرة على شحذ المجاديف رحيلا..؟.. فأجابها بأنه قد أضناه التجديف ارتحالا في منادحها.. مضَّه المضي نزولا في مناكبها.. سئمه النزول.. مله الرحيل.. غدرت به صالات المغادرة الغادرة.. أنكرته صالات القدوم.. أضاع كل العناوين عن عمد.. حط الرحال على أنقاض الطلل والذكرى.. رمى بالرحل جانبا.. توسد ذراعه.. أغمض عينيه انتظارا لقدوم جديد على كوكب قديم.. غير ان في انتظار القدوم رحيلاً بحد ذاته.. فالكَبَد هو الكَبَد يا طارقة الأثير.. أنَّى كان الموقع على خريطة هذا العالم الُمختزل.. المُبتسر.. المُكتظّ بأنفاس المكلومين.. وآهات المظلومين.. وقهقهات المنافقين ونعيق القتلة والحسدة والظلمة.. غير أن العزاء في حقيقة ان الحقيقة إما أنها ابنة لمُعرِّفها سمواً بها أومطية لمُعفرها بالتراب سقوطاً بها الى الحضيض.. فلو كان تعريف الموت بيد الانسان لما عرف هذا الانسان معنى الأمل بالحياة رغم أنف حقيقة ان الموت هو أكره ما يكره الانسان.. فليس ثمة من شيء يخفف من ألم الوجود سوى حقيقة أن الأزل مصيره الزوال وقدر الأبد الابادة.. فالرحيل هو الأمل القسري! رغم الارادة.. مهما اختلفت المواقع على بروج الزمن.. ومهما تباينت مطالع الآفاق.
يا طارقة الأثير.. لقد استرق السمع ذات «طفولة!»، فطرق مسامعه همس شاعرة هي الابداع.. هي الحنان.. هي الحياة.. والأخرى هي كذلك.. سمعها تخاطب ذاتها بهمس الألم احتجاجا على غرائز التملك الدنيوي.. وبراءة من حيازة الانسان للانسان.. ومن هناك استُنبتت فيه شتيلات قتْل غرائز التملك لديه.. على يديه.. احترف الاصغاء الى الزمن )بحرفنة!( علّمته يا طارقة الأثير ان ماهو له ليس له.. فما بالك بما هو ليس له.. فيا طارقة أجواء الأثير..، تذوقي متعة اطلاق سراح الأشياء.. جربي ولو مرة واحدة.. فإن كانت لك فحتما ستعود اليك.. وبما ان لكل شيء مصيراً.. فمصير ما هو لك اليك في حال كان هذا هو المصير.. فراقبي كيف تموت الأشياء الثمينة واقفة.. تنخفض الهامات )شيئيا(.. تنتصب أرخص الأشياء.. يُصبح الأغلى في عيون الأحياء/ الأموات.. هو الأرخص في عيون الأحياء/ الأحياء.. تعلمي فنَّ تخيل النهايات من البدايات.. تمتعي يا طارقة الأثير بالعزوف كرامة عن كل شيء يبدو من البداية أن مصيره في النهاية.. النهاية.. حقا قال حقا من قال:


ومن سره أن لا يرى ما يسوؤه
فلا يتخذ شيئا يخافُ لهُ فَقْدا

لهذا فهو لم يتخذ شيئا يخاف لفَقده أي شيء.. فمهما استيقظت غرائز التملك لديه فلن يسمح لها بالتحرك قيد ملكية ذل.. فبدايات النهايات من البدايات نهاية.. حث علمه الزمن الفرق ما بين الذهب حيازة والذهاب كرامة.. حذّره الزمن اعتساف المشاعر.. اغتصابها.. تلوينها حسب ما تفرضه مواقف غرائز الملكية وأنفاق نفاق الحيازة والتملك.. علمه الزمن أن أنفس نفائس الدنيا الدنيئة مصيرها العدم.. تماما كما ان مصير أرخص )رخيص( دنيوي عدما.. إنها الحقيقة.. والحق - أحيانا- أحيانا أقول.. هو الحقيقة.. حين يضحي ثمن ما غلا ثمنه في النهاية شروى نقير ثمنه.. فشواهد الشوارد حين تستنطق الشوارد تنبئنا أن:


نفسي التي تملك الأشياء ذاهبة
فكيف أبكي على شيء إذا ذهبا!!
لك التحية إثرة يا طارقة الأثير..

للتواصل: ص.ب 454 رمز 11351 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved