أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 24th June,2001 العدد:10496الطبعةالاولـي الأحد 3 ,ربيع الثاني 1422

الاخيــرة

وتاليتها...؟
أ.د هند ماجد الخثيلة
هي خريجة حديثة دفعها تفكيرها بأن المنطقة التي تعيش فيها في حاجة إلى تخصصات علمية فجاءت من بعيد إلى العاصمة فحصلت على شهادة في علم الأحياء وبتقدير عال، وعادت تظن انها حملت مفتاح المستقبل في يدها الواثقة.
لم تشك لحظة واحدة بأنها ستواجه عناء في التعيين أو في العمل بما يتناسب مع مؤهلاتها، وبما يتلاءم مع ظروفها الأسرية، حيث انها فقدت أمها التي كانت تعيلها وشقيقتها المعاقة، ثم اصبحت هي القائمة على رعاية اختها في شؤون حياتها.
الأب كان قد تزوج من امرأة اخرى وترك «القديمة وعيالها» ورحل بعيدا إلى حياة أخرى جديدة، ولم يعد لديه الوقت الكافي ليتابع امورهم وهمومهم، وغدت زياراته لهم تندرج تحت طائلة الشوق بعيد الأمد. ليست المشكلة والحالة هذه تتعلق بالوظيفة بحد ذاتها، لكن مكان هذه الوظيفة أصبح مهما لها ولشقيقتها حيث تعيشان معا، فسعت ان تكون الوظيفة في مدينتها او قريبا منها على الأقل، وبحيث لا يشكل مكانها عبئا عليها يجعلها تقصر او لا تتمكن من رعايتها شقيقتها المعاقة كما ينبغي.
التعيين تم، ولكن في «قاعة غمرا» وبعد سنتين من الانتظار، حاولت جاهدة ان تعرف شيئاً من الذاكرة عن «قاعة غمرا»، فلم تسعفها ذاكرتها فلجأت إلى نساء الحي كبيرات السن اللواتي لم يفدنها بشيء هن الأخريات.
لم تتوان في الذهاب إلى مكان العمل. كم كان بعيدا وموحشاً!.. الغربان وحدها كانت مؤنستها في الطريق.. والسائق تأفف كثيرا وزفر اكثر.. لكنها وصلت أخيرا بعد أربع ساعات إلى «قاعة غمرا». في مدرسة «قاعة غمرا» فصل واحد لكل مرحلة، وسبع طالبات في كل فصل!.. لم يكن «للأحياء» لزوم كبير هناك، ومع ذلك تشبثت بقدرها وفي عودتها فاوضت السائق على ان يلتزم معها في مشواريها صباحا ومساء، فرفض حتى لو دفعت له اربعة آلاف ريال شهرياً!.
استوحشت كثيراً، واستنجدت اكثر، وهب اهل الخير لمساعدتها، فتوسط من توسط، وشرح من شرح.. لكن صدرا ضيقاً بيده امرها ما انشرح، حتى انه انكر مباشرتها للعمل وأصر على ذلك ـ عندما اهتم الرئيس العام وطلب الافادة عن الموضوع ـ وهي قد باشرت عملها في 22/1...! وحين مثلت قضيتها أمامه وقيل له «حنا من طرف فلان»، قال باستنكار «من هو فلان؟»، وعاد ليقلب أوراق مكتبه معلنا انتهاء المقابلة.
ربما كان الرجل حريصاً على عمله، لكنه قطعا ليس حريصاً على مفردات الرحمة والإنسانية، فلم تشفع عنده كل التوسلات، بل لم تفلح عنده أوضاع المرأة الطموحة وشقيقتها المعاقة فيرق قلبه لها، واكثر من ذلك كلما قصدت هي وغيرها أحدا ليتدخل في امر نقلها كانت تتلقى الجواب: «الموضوع عند فلان الله يهديه ما ظنتي بيحلها عسى ما يعقدها».
على كل حال نحن نعرف ان عملية التنقل الوظيفي بين المدارس صعبة ومعقدة وتخضع لقوانين وشروط كثيرة، ولكن ليس كل ذلك قاعدة، بل المسؤول التربوي الواعي يدرك تماما ان الأداء المتميز والعطاء المخلص لن يكونا إلا في ظروف نفسية مستقرة.. ومناخ بيئي ملائم، أريد من ذلك الرجل ان يفهم ان هذا الوطن قد كفل لكل مواطن ان يعرض مظلمته وهو موقن بالانصاف فإن لم يصدقني فليقرأ كيف كان الرجل يدخل إلى صدر قصر عبدالعزيز «يرحمه الله» حافي القدمين ويصرخ بصوت عال: «يا عبدالعزيز أنا مظلوم» ولا يخرج إلا وقد أنصفه الملك، كل الذين تدخلوا لا يعرفونها، ومع ذلك لم يصرخوا وإنما رجوا رجاء إنسانياً.. لكنهم لم يفلحوا بإنصافها.. وتاليتها؟!!.
hendmajid@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved