أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 25th June,2001 العدد:10497الطبعةالاولـي الأثنين 4 ,ربيع الثاني 1422

الاخيــرة

الرئة الثالثة
ظاهرة التستر: القضية والحل! 1/2
عبدالرحمن السدحان
يشكو الوطن وأهلُه من ظاهرة يزداد وْطؤُها كلّ عام، وتتنامى معاناتُها وتداعياتها كلّ آن، ويتوالى الحديثُ عنها كلّ لحظة، تلك هي مشكلة تخلّف بعض الحجاج و المعتمرين الذين تخونهم الارادة، وتخذُلهم أحاديّةُ )الأنا( المتواطئةُ مع نزق الطمع الرابض في أعماقهم، فلا يعودون الى بلادهم بعد ادائهم الشعيرةَ المقدسةَ، حجّاً أو عُمرة، بل يؤْثروُن البقاءَ في المملكة مستترين، أملاً في احراز ايّ فرصة عمل، بأيّ أجر، في أيّ مكان، وفي ظل أيّ ظروف، بعيداً عن الرقيب!
***
والانكى من ذلك كله أن هذه الظاهرة تُلقي بظلالها البغيضة على بلادنا في وقت تعاني فيه من تراكم العمالة المستَقْدَمة لأغراض شتى بأعداد قياسيّة تنتشر في الحواضر والبوادي.. بل وفي القفار والهِجَر، تصطاد الفرص الوظيفية أينما كانت، وتلتهمُ شريحةً غير هيّنة من دخلنا القومي يذهبُ عَبْر بوابة )التحويلات الخارجية»، الى كلّ قارات الأرض، ولو كانت الحاجةُ فعليةً لهذه الفئة من العمالة، لهانَ الأمرُ قليلاً، لكن أن يُنسَبَ جزءٌ منها الى ظاهرة «التخلف» الذي يَعقبُ المواسم الدينية، وأن يكون المواطنُ طرفاً مباشراً أو غير مباشر في هذه المعادلة، فتلك وربّي أمُّ المحن! إن معظم المتخلفين غير مؤهّلين تأهيلاً نادراً تحتاجُه البلاد، ورغم ذلك، يزداد عددهم في أعقاب كل موسم حج أو عمرة.. مشكِّلين بذلك عبئاً وتحدياً شاقين لكل الجهات المعنية بهم.
***
هنا يتساءل المرء بصدق: مَنْ المسؤول عن ظاهرة التخلف؟ أهو المتخلف نفسه؟ أم الجهات الرسمية وشبه الرسمية المعنية بمتابعته وترحيله؟ والرد على ذلك لايستثني احداً من التَّبعة، لكن للقضية طرفاً ثالثاً يستوي مع الأطراف الأخرى مسؤوليةً وأهميةً، وهو المواطن، الذي «يوظّف» ذمتَه وضميرَه وولاءَه لبلاده تستّراً على وافد مُنح فرصة القدوم الى البلاد لأداء شعيرة دينية ولا شيء سواها! مؤكداً في الوقت نفسه أن الوافد لن يجرؤَ على البقاء لحظةً في البلاد لو لم يجدْ من «يتستر» عليه بدْءاً، فيوفِّر له الزادَ والعملَ والمأوى!
اذن، فالمواطنُ شريك أساسيّ في ظاهرة التخلف: نشوءاً واستمراراً وإضراراً، ولن يعفيَه من الوِزْرِ إدّعاؤهُ الجهْلَ بالأنظمة كما يفعل البعض، ولو كان هذا الإدّعاءُ حقاً، ما سمعنا أو قرأنا عن عمليات تهريب فئات عمالية وافدة بأساليب ملتوية: كصهاريج الماء وفي جنح الليل عبر دروب ضيقة! وفي ظني المتواضع أن إيَواءَ وافدٍ لا يملك مسوّغ الاقامة المشروعة أمرٌ لا يتطلّب دهاءً ولا علماً ولا خبّرة، والاحساس بضَرر هذا الاجراء أمرٌ يدخل ضمن بديهيات المواطنة الحسنة، والانتماء السويّ الى الوطن!
إن العقوبات التي سنّتها الدولة لاحتواء ظاهرة التخلف لم تدعْ أحداً إلاّ شملته، لكن للمواطن دوراً مسانداً يجب أن يُعين الدولة، ولايعين عليها، فالردْعُ وحده لا يفي بالغرض، مالم يسندْه وعيُ المواطن وتعاونُه، فلا يعين مُسيئاً على سوئه.!
**
اخيراً، أرى أنه لا بد من توظيف كل المنابر الدينية والاعلامية للتعريف بهذه الظاهرة، اصطلاحاً وممارسة وآثاراً، أملاً في ايقاظ حسِّ المواطن وغيرته ووعيه، ثم تعاونه في التعامل مع هذه الظاهرة، لأن المواطنَ الصالحَ حِصْنٌ للمواطن بعد الله، واختراق ذمته بمثل هذه الممارسات غير السوية، تسَتّراً على شخص أو اشخاص، مهما كانت الأسباب، خطيئةٌ تهين شرفَ الانتماء الى الوطن، ومخالفة نظامية وأخلاقية يتعيّن ردعها في كل ظرف وآن!
وللحديث بقية..


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved