أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 25th June,2001 العدد:10497الطبعةالاولـي الأثنين 4 ,ربيع الثاني 1422

شعر

حكاية ابن أبي الأسفار
شعر: عبدالرحمن صالح العشماوي
حدَّث ابن أبي الأسفارْ
وهو فتىً مربوع القامَهْ
يلبس ثوباً دونَ عمامَهْ
لا يعرف إلاَّ أحلامَهْ
يَحْلِقُ نِصْفَ الرأسَ ويأبى
إلاَّ أنْ ينشر أوهامَهْ
حَدَّث قالْ:
إنَّ أباه روى الأَخبارْ
عن «رحَّالِ» عن «مسْفَارْ»
عن ألفِ دليلٍ سِمْسَارْ
قال، وبعضُ القولِ غُبارْ
هبَّتَ رِيحُ الصِّدقِ فَطَارْ
حدَّثَ قالْ:
بين الدَّبْكَةِ والموَّالْ
كنَّا نتلقَّى الإرسالْ
نسمع اغنيةَ الأطلالْ
ونرى في الدنيا الأَهوالْ
هذي راياتُ الدجَّالْ
بينَ شعابٍ، فوقَ تِلالْ
هذا المسرحُ صالْ وجالْ
بين نساءٍ بيَن رجالْ
نجوى، فيروزٌ، فِريالْ
كُودا، برنادا، ميشالْ
ذو الدِّشداشةِ والبِنْطَالْ
ذاتُ الوَشْمِ، وذاتُ الخالْ
هذي مالتَ، ذلك مالْ

***


حدّث ابنُ أبي الأَسفارْ
عن «يُورو» وعن «الدّولارْ»
أن أباهُ الطيِّبَ سارْ
بعد مشاورةِ وحوارْ
يبحث عن سمسار عَقارْ
ظَلَّ يفتِّشُ ليلَ نهارْ
حتى فاز ببيع الدار
بَيْعُ الدارْ؟؟!
ما أجملها من أخبارْ!!
شكراً يا أبتي المغوارْ
هذا الصَّيفُ على الأبوابْ
سوف أَتِيْهُ على الأصحابْ

***


حدَّثَ إبن أبي الاسفارْ
قال، وفي عينيه سُعارْ:
مرّ علينا نصفُ نهارْ
كنَّا نلهثُ دونَ قرارْ
حتى طِرْنَا في الأجواءْ
ورأينا السُّحُبَ البيضاءْ
وخلعنا الأثوابَ وصرنا
نتحدَّثُ مثلَ الغُرَباء
أكبرُ مشكلةٍ تلقانا
ألوانُ الجسم السَّمراءْ
لو تُشرى بالمال شرينا
بَشَراتِ الغرِبِ الشقراءْ
لا أكتمكم، أَنَّا كُنَّا
لمَّا طرنا في الأجواءْ..
نتأمَّلُ سِحْرَ الآفاقْ
ونرى إبداعَ الخلاَّقْ
وَمْضَةُ أحساسٍ يخنقُها
في النفسِ جنونٌ وسعارْ
لا بأسَ..
زيارتُنا الأخرى ستُتيح لنا الإستذكارْ
دَعْنا نستمتعْ يا عقلي..
أَغِلْق دائرةَ الافكارْ
هَمْهَمَ إبن أبي الأسفارْ
أخذ يردِّد في استكبارْ
مَرْحى مَرْحَى للأسفارْ
نتنقَّلُ بين الأقطارْ
إنَّا نحمل ثَمَنَ الدَّارْ

***


حدَّثَ إبن أبي الأسفارْ
قالَ، وفي عينيه شَرارْ:
زُرْنا كلَّ المدنِ الكُبْرَى
لم نتْرُكْ براً أو بحراً
نكتُبُ سطراً نمحو سطراً
نشربُ ماءً نسكبُ عطرا
وإذا جار الظَّمأُ علينا
نشربُ مشروباتٍ أخرى
تحمل اسماءً نجهلُها
لكنَّ القومَ بها أَدْرَى
لا تخشوا، نحن نمثِّلكم
تمثيلاً يمنحكم قَدْرا
نرفعكم في القاعة رفعاً
نهتف باليُمْنَى واليُسْرَى
فلكَم أعطينا راقصةً
ونثرنا المالَ لها نثْرا
ورفعنا رأس عروبتنا
في المسرح وشرحنا الصَّدْرَا

***


حدَّثَ إبن أبي الأسفارْ
قال، وفي جنبيه النّارْ:
زُرْنا المسرحَ في باريسْ
ورأينا صورة «إيزيسْ»
ورأينا جثَّةَ «ممفيسْ».
وحضرنا حَفْلَ التأسيسْ
فوقَ رمالَ شواطىءِ «نيسْ»
كان أبي والأسرةُ خَلْفي..
وأنا أجلسُ خلفَ فتاةٍ..
كانت في صُحْبةِ «قِسِّيسْ»
أَقسْمَ إبنُ أبي الأَسفارْ..
أنَّ حضورَ الحَفْلِ جميعاً
كانوا من فرقةِ إبليسْ
كنَّا في المسرحِ نجتازْ
اعظمَ حَقْلٍ للأَلغازْ
اسئلةً عن أهلِ الفَنِّ
كيف، وأين، ومَنْ ولمنْ؟؟
كنَّا نطمع في الممتازْ
نطمعِ أنْ نسمعَ «قدْ فازْ»
دولارٌ، ألفٌ أَلفانْ
لا بأسَ ببذل الأثمانْ
كرَّر إبنُ أبي الأسفارْ
حتَّى مَلَّ مِن التكرارْ:
ثمنُ الحَفْلَةِ كان كبيراً
لكنِّ الجُلَساءِ كبارْ
لا بأسُ ببذْلِ الدُّولارْ..
«إنَّا نحمل ثمنَ الدَّارْ»

***


حدّث إبنُ أَبي الأَسفارْ:
أنَّ أباه روى الأخبارْ
عن آلاتِ «المُوْسِيقارْ»
وعن الطَّبْلَةِ والمَزْمارْ
عن راقصةٍ دون إزارْ
عن حلاَّقٍ عن سِمْسارْ
عن سائحةٍ تَحملُ طفلاً
تسألنا عن أحسنِ ْبار
عن أختي ألقَتْ «شَيْلتَهَا»
فهي تسير بغير «خِمارْ»
عن جارتنا عن بِنْتَيهَا
يَنْفُثْنَ دخانَ «السِّيجارْ»
أقسم إبنُ أبي الأسفارْ:
أنَّ الخبرَ السابقْ صارْ
ومضى يَسْتَوْفي الأخبارْ:
كنت وزوجي والأَبناءْ
قد شرَّفنا ذاتَ مساءْ
في «غِرناطةَ» حَفْلَ غناءْ
حضر الناسُ هنا واحتشدوا
قاموا، قعدوا
نزلوا، صعدوا
صاحوا، سكتوا، خَمَدوا
شربوا، لعبوا شَوْطَ قِمَارْ
هَمْهَمَ إبنُ أبي الأسفارْ
أخَذ يردِّدُ في استكبارْ
لا بأسَ بصرْفِ الدُّولارْ
إنا نحمل ثَمنَ الدَّارْ

***


حدّث إبنُ أبي الأسفارْ
وهو يسيرُ بغيرِ حذاءْ
مِشيتُه فيها استرخاءْ
حدَّثَ قال:
إنَّ المُخْرجَ وَيْلُ المُخرجِ
قد أخطأ عمداً وأساءْ
في ليلةِ عَزفٍ ليْلاءْ
كنَّا نترنَّحُ من طربٍ
تحت الأضواءِ الحمراءْ
لكنَّ المُخرجَ أخرَجنا
من «رَوْعةِ» تلك الأجواءْ
ما كنَّا نَحْسبُهُ أبداً
سيعكِّر صَفْوَ الضَّوْضاءْ
عَرَضوا أسئلةً ساخنةً
فيها إرهابٌ ودماءْ
فلماذا يَسْمحُ أنْ تُلقَى
تلك الاسئلةُ السَّوداءْ؟؟
ولماذ عكَّر إعجابي
بفتاة الحَفْلِ الشقراءْ؟
سألونا عن قتْل «الدُرَّهْ»
عن معنى «صِهْيَونَ» الحُرَّهْ
سألونا عن شيءٍ صَعْبٍ
أحْدثَ في أنفسنا هِزَّهْ
قالوا: ما معنى «شارون»
ما معنى «يافا» او «غَزَّهْ»
أسئلةٌ موحشة «مُرَّهْ»
تقرؤها بنتٌ «مغترَّهْ»
آهٍ منها، ما أجملَها
ما أجملَ نظرةَ عينيها
ما أجْملَ صورةَ كفَّيْها
يا ويلَ المخرجِ، كيف تجرَّأ أن يُثقلَ رقَّةَ شفتَيْها..
بقراءة أسئلة مُرَّهْ
عجباً، عجباً!!
أسئلةٌ مُعْتمةٌ في هذا الليلِ النّشْوانْ
أنسيتُمْ أنّا قَدْ جئْنا..
كي نَنْسى تلكَ الأَحزانْ
كي ننسى القدس ومسجدها
ودماءَ الطِّفلةِ «إِيمانْ»؟؟!

***


هَمْهَمَ إبنُ أبي الأسفارْ
هَدأَ قليلاً ثم استرخى
أخذ يردِّدُ في استكبارْ
سوف نزور مسارحَ أخرى
نَمْنَحُها أغلى الأسعارْ
إنَّا نَحملُ ثمنَ الدّارْ

***


حَدَّثَ إبنُ أبي الأَسفارْ
مدّ يديه إلى المجهولْ
وبسُخْريةِ راحَ يقولْ:
يا ويلَ المُخرجِ ذكَّرني
بنصائح أُستاذي أحمدْ
ذكرني بنصائح عمِّي
والجدَّةِ والجَدِّ المُقعدْ
قالوا: مهلاً يا مسفارْ
مهلاً يا ابنَ أبي الأسفارْ
كيف رضيتَ ببيع الدَّارْ؟!
اين ستسكنُ حين تعودْ
ويجيءُ اليوم الموعودْ؟
هذي أرضُكَ..
فيها الأمن وفيها الراحَهْ
هذي الطائفُ، هذي أبها، هذي الباحهْ
تَعْقِدُ فيها السُّحُبُ لقاءً
تغسِل فيه جبينَ الواحَهْ
هذي مكَّةُ، هذي طيبهْ
هذا المسجد، هذي الساحهْ
أنظرْ وتأمَّل مئذنةً
شامخةً فوقك صدَّاحةْ
قَهْقَهَ إبنُ أبي الأسفارْ
قال وفي عينيه سُعارْ:
لم أسمع ما قال القوم
فأنا لا أعبأُ باللومْ
إسمي إبن أبي الأَسفارْ
أتنقلُ بين الأقطارْ
لا أخشى وَحْشَ الأسعارْ
إني احمل ثمن الدار
ومضى مغروراً حيرانْ
لا يُدرك معنى الطوفانْ
ومضتْ أيَّامٌ وليالْ بين الدبكة والموَّالْ
وبدا تغييرُ الأَحوالْ

***


حدَّثَ ابن أبي الأسفارْ
عن «محفوف بن الأَخطارْ»
عن «دفَّانِ بنِ الحفَّارْ»
وعن الموجةِ والتيَّارْ
وعن الزَّورقِ والبحَّارْ
وعن الناشر والمِنْشارْ
عن «مَخدُوعِ بن المِهذارْ»
حدَّثَ، وهو يلوك النَّارْ:
أن رصيدَ الأسرةِ طارْ

***


هَمْهَمَ ابُن أبيِ الأسْفارْ
مدّ يميناً، مدّ يسارْ
لفَّ حزينَ القلبِ ودارْ
زَمْجرَ في دمه الإعصارْ
لفَّ الليل عليه رداءً
أسودَ من ذُلِّ وصَغارْ
صاح بأعلى الصوتِ، وثارْ
أين «اليُورو والدُّولارْ»؟
أين الدِّرْهَمُ والدِّينارْ؟
كيف تلاشى ثمن الدار؟؟
ثمن الدار؟!
تنسى الطَّبلة والمزمارْ
تنسى عارضةَ الأطمارْ؟!
تنسى الحانة والخمَّارْ
تنسى المسرحَ والأنوارْ؟!
تنسى خاطفةَ الأبصارْ؟!
ثَمنُ الدَّارْ؟!
تنسى الأوراق المنشورة
في المسرح فوق «الأموره»؟!
تنسى الأكواب المسطوره
فوق «الطاولةِ» المحفوره؟!
ثَمَنُ الدَّارْ؟!
اسألْ باريسَ ولَنْدنْ
اسألْ سائقَكَ الأَرعَنْ
اسأل عشرات الحَفلاَتْ
تنسى فيها معنى الذات
تُصبحُ فيها كالأمواتْ!!
اسألْ حالمةَ النظراتْ
اسألْ طوفان النَّزَوَاتْ!!
ثَمَنُ الدَّارْ؟!
ويحَك يا ابن أبي الأسفار!!
دَعْكَ الآن من الدُّولارْ
ومن الدَّارِ وثمن الدَّارْ
فكِّرْ.. في غَضَبِ «الجَبَّارْ»


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved