أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 25th June,2001 العدد:10497الطبعةالاولـي الأثنين 4 ,ربيع الثاني 1422

العالم اليوم

اخترقت الرصاصات الإسرائيلية قدمه ويده
محمد فلاح نموذج لرحلة المعاناة مع الإصابة
*رام الله نائل نخلة:
^^^^^^^^^^^^^^
عندما استيقظ من النوم ودبت قدماه على الأرض صباح ذاك اليوم متوجهاً إلى المدخل الشمالي لمدينة البيرة لم يعرف أن قدميه اللتين تقودانه سيخترقهما رصاص الحقد وسيعيش رحلة مع العذاب اكبر بكثير من ألم الإصابة ما بين مستشفى رام الله وعمان والقاهرة وطهران وما بين هذه الدولة وتلك وما بين محقق وضابط أمن.
^^^^^^^^^^^^^^
إنها رحلة طويلة وشاقة عاشها الفتى محمد فلاح ندى من مدينة البيرة، ابن السابعة عشرة، بدأت معه عندما توجَّه كغيره من الفتية إلى المدخل الشمالي حيث تدور المواجهات بين شبان الانتفاضة وجنود الاحتلال، إطلاق النار كان كثيفا نتيجة اشتباك بعض العناصر المسلحة في هذه المواجهة، حاول محمد العودة إلا انه وخلال تلك المحاولة شعر بثقل في قدمه ويده وظهره ثم سقط على الأرض يقول محمد«ما أن حاولت العودة حتى شعرت بثقل كبير في قدمي وفي يدي بعد ذلك سقطت على الأرض ووجدت نفسي في المستشفى والأطباء اخبروني أن هناك رصاصاتين متفجرتين استقرتا في قدمي ورصاصة دمدم استقرت في يدي إلا أن الرصاصتين اللتين في قدمي أحدثتا تهتكا بليغا تسبب في تمزق الأوعية والشرايين وقطع العصب وأحد الأطباء اخبرني أني قد لا أسير مرة أخرى».
والد محمد لم يستطع أن يرى ولده لا يقوى على الوقوف ولذلك قرر أن يبعثه إلى المستشفيات الأردنية علها يكون لديها الحل، توجه محمد ووالدته إلى جسر اللنبي نقطة الحدود الإسرائيلية الأردنية على المعبر الوحيد للضفة الغربية مع الأردن، وبعد وقت طويل من الانتظار في قاعة المسافرين تقول أم محمد وابني يتألم من إصابته، تقدم منا ضابط أمن إسرائيلي يحمل في يديه وثائق سفرنا وطلب منا أن نتبعه إلى القسم الذي يوجد فيه ضباط المخابرات الإسرائيلية وبعد سيل من الأسئلة المرافقة بالتهديد والوعيد بالاعتقال والسجن والمحاكمة اخبرنا ضابط المخابرات انه لا يمكننا المرور عبر الجسر إلى الأردن.وكانت ذريعة رجل الأمن الإسرائيلي لذلك هي أن والد محمد هو أحد قيادات حماس في رام الله، وهذا وحده كفيل من وجهة نظر الضابط بأن يحرم محمد من متابعة علاجه وان يعيش بقية عمره تحت رحمة الإعاقة..
توجهت العائلة إلى أحد المحامين الإسرائيليين هو «روزنتال» الذي قدم التماساً إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية التي سمحت لمحمد بأن يتلقى العلاج هناك يقول محمد« بعد أن سمحت لي المحكمة بأن أسافر توجهت إلى الأردن إلا أن المستشفيات الأردنية لم تكن حالها افضل من مستشفيات الضفة الغربية ولذلك نصحني الأطباء بالتوجه إلى مستشفيات مصر علني أجد فيها الحل وفعلاً توجهت إلى مصر وهناك قام الأطباء بإجراء عملية جراحية واخبروني أن هناك فترة اختبار لمدة ستة اشهر كي يستطيعوا أن يحددوا إذا ما كان هناك إمكانية لأسير على قدمي أم لا».عاد محمد من مصر وهو يأمل أن تدب قدماه على الأرض التي جرح من اجلها ، في هذه افترة أعلنت السلطة عن بعثة من المصابين سيتوجهون إلى إيران وتم اختيار محمد من بين أولئك الذين سيتوجهون إلى إيران لم تكن رحلة الذها ب صعبة ولكن بدأت المشاق والصعوبات أثناء رحلة الإياب.
يقول محمد «اتجهنا إلى الأردن أنا ومعي عشرة شبان من مصابي الانتفاضة في الطريق تخطينا الحدود الإسرائيلية ومن ثم الأردنية دون أي مشاكل ووصلنا إلى طهران وهناك كانت المعاملة على أفضل ما يكون واثناء مكوثنا هناك زارنا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وتم إجراء العملية الجراحية المقررة وبعد خمسين يوماً عدنا إلى الأردن تمهيدا لعودتنا إلى الضفة الغربية».
ويضيف محمد «ما أن وصلنا إلى الحدود الأردنية حتى تم استدعائي وإدخالي إلى إحدى الغرف وكان في انتظاري مجموعة من الضباط الأردنيين الذين بدؤوا يسألوني عن زيارة مشعل ونصر الله وماذا قالوا لي وماذا اخبروني كنت أقول لهم انهم زاروا كافة المصابين ولست أنا فقط إلا أنهم كانوا مصرين على انهم قالوا لي أموراً غير التي قالوها للشبان الآخرين استمرت هذه العملية اكثر من ثلاث ساعات ومن بعدها تم الإفراج عني.وعلى الرغم من أن محمداً ظن أن هذا التحقيق من قبل الأشقاء سيكون نهاية مطاف رحلة العذاب إلا أن هذا الأمر سرعان ما تلاشى مع الوصول إلى نقطة الحدود الإسرائيلية فهناك تقدم منه ضابط مخابرات إسرائيلي وطلب منه أن يرافقه إلى إحدى غرف التحقيق يقول محمد «دخلنا إلى الغرفة فعرَّفني الضابط على نفسه وبدأ يسألني عن الرحلة وعن الذين زارونا خلال مكوثنا في طهران وماذا قدموا لنا ولماذا توجهنا إلى هناك بالتحديد وماذا قال لنا حسن نصر الله وخالد مشعل وسألني عن والدي وعلاقته بحركة حماس».
واستمر احتجاز محمد في غرف التحقيق على الجسر اكثر من 7 ساعات وفي النهاية طلبوا منه التوجه إلى مقر المخابرات الإسرائيلية العام القريب من بلدة بيتونيا التي تعتبر مصيدة للشبان الفلسطينيين لزجهم خلف القضبان في المعتقلات الإسرائيلية.قد تكون قصة محمد قصة عادية في بعض تفاصيلها إلا أنها تمثل نموذجا للمعاناة التي يعانيها الجرحى من ابناء شعبنا بالذات الذين يتوجهون للعلاج في خارج فلسطين.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved