أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 3rd July,2001 العدد:10505الطبعةالاولـي الثلاثاء 12 ,ربيع الثاني 1422

الاخيــرة

دبي.. ليست تجارة فحسب 2/2
عبدالله بن إدريس
الحركة الأدبية الثقافية في دبي حركة نشطة ولها وجود محسوس لدى المهتمين بهذا الجانب من حياة مجتمع إمارة دبي.
وتنطلق هذه الحركة من ثلاثة محاضن هي: ندوة الثقافة والعلوم، ومؤسسة سلطان العويس، ومؤسسة جمعة الماجد.
وأنشط هذه المحاضن ندوة الثقافة والعلوم التي تتولى - غالبا - تنظيم المحاضرات والندوات، وتكريم المتفوقين في المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية من أبناء وبنات دولة الإمارات.
ولقد دعيت مساء الثلاثاء 13/3/1422ه إلى حضور افتتاح قاعة سلطان العويس، وتكريم المتفوقين فيها تلك الليلة.. من قبل ندوة الثقافة والعلوم. وكان حفلاً جيداً وحضره جمهور كبير من الرجال والنساء - دون اختلاط - والقاعة ومنافعها مبنية على نفقة سلطان العويس الذي مات عن ثروة هائلة تقدر بمليارات الدراهم.. وقد آلت هذه الثروة إلى أخيه حميد العويس.. وبعض الورثة.. حيث لا ذرية لسلطان العويس.
والملفت للنظر أننا لم نسمع بوصية له في ماله الكثير الوفير لمؤسسة إسلامية خيرية، أو جمعية من جمعيات الدعوة الإسلامية، وكأنه جعل جهده التبرعي لما يخدم الشعر خاصة والثقافة بعامة، وهو عمل يشكر له ويذكر.. لكن المطلوب منه ومن جميع أثرياء العرب والمسلمين أن يركزوا أوقافهم على ما يخدم الأمة في الحفاظ على دينها.. وتطورها الحضاري والتكنولوجي لتلحق بالدول المتقدمة، ولو جزئيا.. ولو خصص الأثرياء العرب والمسلمون جزءاً يسيراً من أوقافهم ووصاياهم على ما أشرت إليه آنفاً لأفادوا الأمة أعظم إفادة.. اضافة إلى الثواب الذي يرجونه من الله، متى حسنت النية فيما يفعلون.
دولة الامارات العربية بعامة وإمارة دبي بخاصة، يهدد هويتها العربية وتركيبتها السكانية خطر داهم، إن لم يتدراكه أصحاب القرار وحكماء القوم، متمثلا ذلك في طغيان العددية السكانية الوافدة إليها على أهلها العرب أضعافا مضاعفة. وطغيان اللغة الإنجليزية على لغة الدين والوطن لغة القرآن والسنة بحيث أصبحت اللغة العربية )غريبة( مستغربة فيها..
ويصدق على دبي في وقتها الحاضر قول المتنبي:


ترى الفتى العربي فيها
غريب الوجه واليد واللسان
ملاعب جنة لو سار فيها
سليمان لسار بترجمان

وقرأت الأسابيع الماضية إحصائية في إحدى الجرائد تقول إن سكان الإمارات الأصليين العرب، لم يعودوا يمثلون أكثر من 18% من عدد السكان ومعنى هذا أن 82% من سكان الإمارات هم حالياً من الوافدين الأجانب وأغلبهم من شرق آسيا، وأرجو أن يكون الأمر غير ذلك.
فهل أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة مهددة ولو بعد حين بالانسلاخ من لغتها العربية وبالتالي يبقى العرب فيها أقلية مضطهدة لخليط من الأجناس الوافدة غير العربية..؟
نرجو الله أن يعينهم، حكاماً ومجتمعاً، على تعديل الكفة بين اللغة العربية، لغة الدين والوطن والثقافة.. ولغة الاستعمار والاستحواذ والغزو الفكري.
لقد ساءنا ما نحن فيه هنا في المملكة من الاستهتار باللغة العربية من قبل العاملين من غير العرب في بلادنا غير مترادفة بالعربية نطقاً وكتابة.
أنا لا أدعو إلى عدم استعمال اللغة الأجنبية في الحالات والأعمال التي تتطلب ذلك وإنما أدعو إلى جعل العربية هي الأساس والأصل.. والإنجليزية أو غيرها تأتي مرادفة لها.
لقد كتبت في هذا الموضوع عدة مرات، واقترحت ألا تجدد عقود الأجانب بعد مضي سنتين أو ثلاث على الأكثرإلا إذا أجادوا الكتابة والنطق باللغة العربية ومعنى هذا أنه يجب على غير العرب أن يتعلموا العربية في المراكز والأماكن الأهلية المخصصة لتعليمها.. وهم تلقائياً سيندفعون إلى تعلمها إذا عرفوا أنه لا مكان لهم هنا أو هناك إلا بمعرفة لغة البلد الذي يعملون ويعيشون فيه.
وتعلم العربية وتعليمها جزء أساسي من الدعوة إلى الإسلام في جميع أنحاء العالم، وثقافتنا نحن العرب والمسلمين مبنية أساساً على القرآن الكريم والسُنّة النبوية، وعلى هذين الأصلين تقوم هويتنا كأمة لها خصائصها التي تميزها.. وتجعلها ذات سمات حضارية رائعة لها إسهامها الكبير في الحضارة الإنسانية الشاملة.. فلا يصح أن نستلب فيها.
وبالنسبة للمسلم الذي يقرأ القرآن ولا يفهم معانية لعدم معرفته بلغة القرآن هل يستطيع أن يتذوق حلاوة القرآن وجماله وإعجازه مترجماً؟ كلا..
وأعود إلى اللغة العربية في دبي.. وأقول إن كثيراً من العلماء والمثقفين هناك يبذلون جهوداً طيبة في رعاية اللغة العربية.. ولكن كما يقول المثل الشعبي )غلب الماءُ على الطحين(.
وإذاً فلا بد لجميع الدول العربية وبخاصة دول الجزيرة والخليج العربي أن يستنفروا كل طاقاتهم وامكاناتهم وقرارات حكامهم ومسؤوليهم لانقاذ اللغة العربية من مصيرها المجهول على أيدي العمالة الأجنبية التي أصبحت تمثل الثقل السكاني.. وما يجر ذلك من آثار سلبية.. لا يعلم مداها إلا الله تعالى.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved