أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 5th July,2001 العدد:10507الطبعةالاولـي الخميس 14 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

المصلحة تقتضي
د. فهد حمد المغلوث
تحت هذه العبارة يمكن ان يبرر كل شيء، يمكن ان يساء استخدام كل شيء، يمكن ان يستغل كل شيء ويمكن أن يعاد تفسير كل شيء، بل إنه وتحت نفس هذه العبارة، يمكن لو أردنا ان يعاد الاعتبار لكل من تضرر او هضم حقه او أُسيء إليه ولم يعرف قدره. بل إنه وبمقتضى تلك المصلحة يمكن ان نُصلح ما أفسدناه نحن بقراراتنا او غيرنا بتصرفاتهم ولو بحسن نية، ونُعيد كل شيء الى نصابه، كل هذا وغيره لو أردنا بالطبع.
إن هذه العبارة في ظاهرها الخارجي وحتى في مضمونها تشير الى نوع من الحس الوظيفي وحقيقة الانتماء. وبغض النظر كوننا قصدنا مصلحة العمل او المصلحة العامة في اي مجال كنَّا فيه وأي مصلحة كنا نعمل فيها وننتمي إليها، فإننا لا نشك ان دافعنا لاستخدام هذه العبارة هو السعي الى زيادة العمل والرفع من كفاءته واستثمار كل الطاقات والموارد البشرية والمادية وتوجيهها التوجيه الأمثل الذي يصب أولا واخيرا لخدمة العمل او المصلحة العامة.
ولكن السؤال هو كيف تفهم هذه العبارة لدى البعض؟ وكيف تفسر؟ بل كيف تطبق؟ والى اي مدى تحقق الهدف المرجو منها او الغاية التي تسعى إليها؟
إن الملاحظ اننا في سعينا وحرصنا على تطبيق تلك المصلحة فاننا نخسر جوانب اخرى لا تقل اهمية، الا وهي الجوانب البشرية، ويتسع نطاق هذه الخسارة حينما نكرر استخدام هذه العبارة بحذافيرها دون أدنى التفات للاعتبارات البشرية والانسانية، وكذلك الاعتبارات المادية المرتبطة بها. وقد يقول قائل وكيف ذلك؟ ولهؤلاء أقول، احيانا يريد مسؤول ما في مؤسسة ما استثمار وقت الموظف في العمل وبدلا من ان يعمل لفترة واحدة صباحية يطالبه بالعمل لفترتين صباحية ومسائية، وهكذا مع بقية الموظفين، وذلك عن طريق قرار غير قابل للنقاش، ولأن مصلحة العمل تقتضي ذلك حسب القرار فليس لاحد حق الاعتراض او المناقشة لانه قرار نافذ ولا رجعة فيه.
وبنظرة تحليلية فاحصة لمثل هذا القرار، فإنه لا نشك انه يهدف للصالح العام ولمصلحة العمل تحديدا، ولكن ترى ألا يمكن ان يتحقق الهدف الاساسي من وراء هذا القرار بطرق اخرى كأن يكون دوامه فترة واحدة ولكن لفترة اطول كأن يكون من الصباح الى الساعة الثالثة او الرابعة مثلا. وبشكل متناوب مع بقية الموظفين؟!
اننا نعيش في مجتمع تشكل فيه الاسرة العمود الاساسي للمجتمع، فالموظف هو إنسان متزوج ولديه ارتباطات اسرية وبحاجة لتدعيم علاقاته مع اسرته، فاذا كان مطالبا بأن يحضر دوامين من الصباح حتى الظهر ثم يعود ساعتين لمنزله ويرجع لإكمال بقية دوامه تنفيذا لمصلحة العمل فمتى يرتاح؟ ومتى يجلس مع أهله؟ بل كيف تكون حالته النفسية وهو يشعر ان وقته ضائع ومشتت؟ هذا فقط ان كنا نتحدث عن الموظف الرجل فكيف هو الحال مع الموظفة المرأة، لاشك ان الوضع سيكون اكثر صعوبة ومشقة لان المرأة بحاجة لان تؤدي عملها على اكمل وجه، وان تقوم بواجباتها الاسرية على نحو مرض، وهذا لن يكون سهلا، ان كان سهلا مع الاطفال فلن يكون كذلك مع الزوج الذي يخرج هو الآخر من عمله ويريد ان يتناول غذاءه بين اهله ويرتاح ولكن كيف يتحقق له ذلك يوميا مع زوجة ليس لديها متسع من الوقت لترتاح هي نفسها فما بالك بأن تريح زوجها؟ وفي هذا كله ومع مرور الوقت مدعاة للنفور والبعد عن بعضهما البعض وربما تفكك العلاقات الزوجية التي تضعف مع مرور الوقت وتفتر ناهيك عن أمور أخرى أنتم ادرى بها.
فالقرار الذي يقتضي مصلحة العمل هنا قرار هدفه سام ولاشك، ولكنه لا يأخذ في اعتباراته نفسية الموظف ورضاه، وهذا هو اهم شيء لدوام العمل وتكاتف الموظفين وشعورهم أنهم أسرة واحدة.
اننا نريد ان يشعر الموظف بحبه للعمل وانتمائه لمؤسسته، وهذا يتأتى طالما اهملنا مثل تلك الاعتبارات المهمة التي من شأنها ان تخلق فجوة من عدم الرضا والارتياح بين الموظفين في الوقت الذي يمكن ان نريحهم فيه ونزيد من كفاءة انتاجهم وحبهم للعمل.
إن مصلحة العمل تقتضي ايضا ان تكون حوافز مشجعة للموظفين او امتيازات من نوع خاص ولو بأثر رجعي كي يشعر الموظف بأنه بالفعل موضع تقدير، ولكن يبدو ان مثل هذه الامور لا يعرفها سوى الشركات الاجنبية الكبرى او شركات القطاع لدينا ممن بالفعل تقدر موظفيها وتحرص عليهم، ولكي نكون موضوعيين اكثر ومنصفين، فإن هناك بعض القطاعات لدينا ممن لديها حوافز من هذا النوع وامتيازات اكثر مما نتصور، ولكن لمن؟ من هو المستفيد منها؟ انهم فئة معينة ومحصورة في اعضاء مجلس الادارة والادارة العليا، اما البقية الباقية من بداية الادارة الوسطى او الادارة السفلى او ممن هم في ذيل الهرم التنظيمي لتلك الادارات فليس لهم نصيب يذكر او حتى قريب مما يحصل عليها غيرهم.
ونحن ليس لدينا اعتراض بل لا يحق لنا ذلك الاعتراض! ولكن الاشكالية تكمن في ان تلك المؤسسات الكبيرة المعروفة لا تملك من الخدمات المقدمة للجمهور ما يعطيها هذه السمعة التي تحظى بها بين افراد المجتمع، فأنت حينما تذهب الى تلك المؤسسات لمراجعتها في امر ما تصاب بالازعاج والملل نتيجة الانتظار وسوء الخدمة وقلة الموظفين الذين يخدمونك.
وليت الامر ينتهي عند هذا الحد، بل انك حينما تطالبهم بزيادة عدد الموظفين الذين يقدمون الخدمة للجمهور يقولون لك الميزانية لا تسمح! يا سبحان الله كيف لا تسمح وهذه المؤسسات تعلن عن ارباح سنوية مذهلة وعلى صفحات الجرائد! نفهم هذه! وخصوصاً تلك الشركات والمؤسسات التي يشارك الجمهورفي اسهمها حسب الاكتتاب العام.
هذا فقط مثال عام، وإن شئت امثلة اخرى من المجتمع فان المصلحة تقتضي ان نحسن من اداء موظفينا اياً كانت طبيعة عملهم عن طريق التدريب على رأس العمل من وقت لآخر، لكن ان يظل هذا التدريب ان وجد في بعض المؤسسات لفئة دون اخرى فهذا ليس انصافا وليس حقا بحق المؤسسة نفسها قبل ان يكون بحق الموظف او الموظفة، ولكن يبدو ان المسألة قائمة على البركة في الكثير من الامور، ولذلك فلا غرابة ان نرى هذا المستوى المتدني من الانتاجية وان نرى هذا الكم غير البسيط من البطالة المقنعة ـ اي موظفين دون عمل.
فنحن لسنا ضد هذا العدد من الموظفين ممن يحضرون لمكاتبهم اول الصباح ويخرجون منه آخر الدوام دون انتاجية تذكر، ولكن أليست هذه الفئة بحاجة لنوعية معينة من التدريب تتناسب مع احتياجات تلك القطاعات التي ينتمون اليها؟ ولكن ما يحدث هو احد أمرين اما نعطيهم جرعات تدريبية ولكنها لا تلبي احتياجاتهم او احتياج مؤسساتهم بشكل صحيح اي انها تحصيل حاصل، او ان تكون تلك الدورات مكررة وبشكل سنوي ولا نعنى او نهتم بمن يعطيها ولا نتابع شخصيا مدى استفادتهم من تلك الدورات التي يبذل عليها الشيء الكثير جدا من المال.
إذن خطأ من هذا؟ هل هو خطأ الموظف او مؤسسته او شركته؟
إن المصلحة تقتضي ان نكون على جانب كبير من الحذر والدقة في مسألة اتخاذ القرارات بشأن الموظفين فقط من مجرد سماع الاشاعات او لأهداف اخرى شخصية، كما ان مصلحة العمل تقتضي ان نراجع انفسنا في القرارات التي اتخذناها سابقا بخصوص الانظمة السابقة ومدى صلاحيتها وتمشيها مع معطيات العصر لا ان تكون ملزمة لسنوات طويلة فقط لانها انظمة ووضعها من هم قبلنا!
إن تطوير القوى البشرية والعمل تقتضي عقلية متفتحة واعية تأخذ جميع الاعتبارات وتراعي كل الثقافات والآراء وتأخذ برأي الآخرين من يخدمون مصلحة العمل بأي شكل كان.
كما ان المصلحة تقتضي ان يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب وان يكون هناك دوران للعمل كي يستفيد الجميع والا يطيل مفهوم الخبرة فقط هو المبرر الوحيد لكل شيء، فهناك اناس اكفاء تريد ان تعمل وتنتج هي فقط بحاجة لفرص وجو يشجعها على الابداع.
وحينما نقول المصلحة فإننا نعني أيضا مصلحة المجتمع بطبيعة الحال لأن العمل جزء من المجتمع وان كان المجتمع نفسه بحاجة لالتفاتة اكبر تراعي طبيعة مشاكله المتنامية وهمومه المتغيرة ومشاعر أفراده وبالذات فئات معينة منه ممن هي بحاجة فعلا لأن تشعر ان المجتمع معها وبجانبها ويتفهم اوضاعها ويراعي مشاعرها، ويقدر تضحياتها وان القادم لايدعو للقلق والخوف من المستقبل بقدر ما يعني التفاؤل والأمل والاقبال على الحياة بروح حلوة ملؤها الاخلاص والابتسامة.
همسة:
أشياء كثيرة في الحياة.
أراها أمامي..
أسمعها بأذني..
يمكن أن أفسرها..
يمكن ان أجد ما يبررها..
<<<
إلاّ مشاعري الصادقة نحوك..
إلا احاسيس المرهفة تجاهك..
لا يمكن ان أبررها!
لا يمكن ان اجد لها سبباً!
<<<
ربما..
لأن مصلحة الحب تقتضي..
أن يكون هناك..
أنا وأنت..
مشاعر كمشاعرنا..
عواطف كعواطفنا..
حبُ كحبنا..
<<<
كي يعرف الآخرون..
عن اي نوع من الحب يتحدثون..
اي نوع من الحب يعيشون..
بل لا يعرف العالم..
ما هو الحب على حقيقته!

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved