أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 17th July,2001 العدد:10518الطبعةالاولـي الثلاثاء 26 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

قراءة بين السطور
عبدالله العبدالعزيز القنيعير
في عالم تتساقط حواجزه يوماً بعد يوم، تحدث تغيرات متسارعة يصعب ملاحقتها.. أدى التطور الهائل في وسائل النقل إلى اختصار المسافات.. وأسفر الانفجار الاتصالي عن تقارب وتمازج وتصارع بين الثقافات والحضارات.
* ومن أجل مواكبة متطلبات هذه الحقبة ازداد التوجه إلى إنشاء منظمات إقليمية وعالمية، وتضاعف الاهتمام بالتعرف على العالم الخارجي من خلال التنسيق المنفرد والجماعي.. ومع الحقائق السياسية الجديدة وأبرزها نهاية حقبة الحرب الباردة.. وانهيار الاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991م.. وسقوط الشيوعية ومعها جدار برلين برزت القوة الأخرى منتصرة وتصور الغرب أنه في موقع من يملي ثقافته وأنماط حياته ومقومات حضارته على شعوب العالم الأخرى.. ونظراً لخلو الساحة من منافس قوي أمام المد الغربي واتفاق الدول الكبرى على التعاون.. وإعطاء منظمة الأمم المتحدة دوراً في هذا التعاون باعتبارها الإطار الأمثل له في ظل ما يسمى بالنظام العالمي الجديد New World Order والعولمة Globalisation والأسس التي أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش لهذا النظام.
* هذا التطور يشعر به المراقب في المجال السياسي والثقافي أكثر من أي ساحة أخرى.. فلو كان الأمر تكراراً للماضي لرأينا جحافل وجيوش الغرب تهاجم وتغزو مواقع ومعاقل.. لكن الإجهاد الاقتصادي من ناحية.. وتغيّر لغة العصر.. وانخفاض كلفة التنميط الحضاري والثقافي تمهيداً للدخول في حلبة واحدة تحت جناح الغرب أدت إلى تحول نمط الصراع إلى ما نشهده الآن من صراع ثقافي يتمثل في هجمات منتظمة من قوى الغرب يتضح ذلك في التدفق الإعلامي الهائل من جانب واحد.. ويتمثل في سيادة الأنماط الاستهلاكية المطلوب تعزيزها لدفع عجلة الاقتصاد الغربي بإكمال الدائرة التي يريدها والتي تبدأ من انتاجه وتنتهي باستهلاك غيره وتظهر في رغبة الغرب قتل أي عقائديات مخالفة خشية تصاعد قوتها.. أو نمو قدراتها بما قد يمثل تهديداً مستقبلياً!!
* إنني لا أطرح هذا الاستنتاج على عواهنه.. وإنما أرى مظاهر للحالة.. وأتابع حرص الدول الغربية على أن يكون النمط الاقتصادي السائد هو النموذج المتبع لديها.. وهو وحده )ترياق لكل الأمراض الاقتصادية والعلل التنموية(!!.. وأتابع حرص الغرب على التحذير من تنمية الثقافات الخاصة بالشعوب والعمل على استبدالها بثقافة واحدة عامة من خلال تنميط وتوحيد الفكر العالمي ليمضي على الوتيرة التي نمت وترعرعت في بيئة الغرب.. وأتابع كذلك الترويج لما يشبه الفكر الماسوني بعدم الاهتمام بالأديان اللهم إلا علاقة الإنسان بخالقه والتفتح التلقائي على المفاهيم الأخلاقية والفكرية المقبولة عالميا!!
* اقرأ في بعض الأدبيات توجهات تحمل مسميات عالمية وتحض على قيم سامية.. وهي في الواقع تسعى إلى تدمير قيم أسمى ما يستدعي فك الاشتباك وتوضيح الخط الفاصل بين حدود المثالية الظاهرية.. وبين الخصوصيات العضوية والأساسية للثقافات.. وحقوق السيادة ومسؤولية الإدارة التي تتعرض بين حين وآخر لهجمات غير منطقية تنبع إما عن تآمر خبيث بهدف تنميط وتسيير الجميع في الاتجاه الذي قد لا يعي القائمون بهذه الحملات إلى أين يمضي ومن هو الذي يقوده!! إن نقطة البداية هي تلك التقارير والتصريحات التي تصب من أقلام وأفواه المسؤولين في منظمات حقوق الإنسان التي تجيد استثمار هذه الحقوق.. والأدوار التي تلعبها هذه المنظمات ضد دول لحساب دول أخرى أو لجهات تقبع خلف الستار!!
* من بديهيات الإعلام والاتصال أن كل وسيلة إعلامية أو جهد مثالي وراءه صاحب مصلحة.. وهو يخدم الهدف الذي تأسس من أجله سراً وعلناً.. ومن حسن الحظ أن خداع بعض الناس يمكن لبعض الوقت لكن خداع الناس طوال الوقت هو المحال نفسه.. ومن هنا فإن القوى المحركة للأحداث الكبرى لم تكن العوامل الظاهرة.. أو الأحداث الواضحة وإنما الألاعيب الخفية التي تتفاعل على مدى طويل ووراء جهد حثيث من قوى شديدة البأس.. تساهم في صنع زعماء وإسقاط آخرين.. وانتعاش دول وتحطيم أخرى.. وتتلاعب بالفكر والكلمة والوسائل التي تروّجها لصنع الفلسفة والنظرية والدعامة العقائدية لكل التحولات التي يريدون لها أن تتفجّر في شكل زلازل عنيفة أو تحولات هادئة ناعمة!!

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved